بقلم:عباس الصباغ
المشاركة في الانتخابات فكرة تراود مخيلة جميع من يحق لهم التصويت في الانتخابات البرلمانية لاسيما المقبلة منها، وتحدد خياراتهم في التصويت وعلى ماذا سيصوّتون ولمن، ووفق أية "معايير" والكل تكلموا عن "التغيير" نحو "الاحسن" فهل هو تغيير وجوه وأشخاص ام تغيير برامج وتوجهات ام تغيير تحالفات وتكتلات ام تغيير تكتيكات واستراتيجيات ام غير ذلك؟ ويا ترى هل هو تغيير حقيقي جذري ام هو تغيير شكلي ديكوري بإضافة "اكسسوارات" شعاراتية لتزويق التابوهات القديمة واخراجها بمظهر جديد، سبق وان جرّبها الشارع العراقي ورجع منها بخفي حنين ولأكثر من دورة انتخابية، كان يأمل من نتائجها تغييرا ملموسا لواقعه المعيشي / الامني الصعب، فالله وحده يعلم فيما اذا يتكرر السيناريو نفسه غداة إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة فهذا يعني ان العملية السياسية في العراق دخلت في نفق مظلم! ـ فالانتخابات التي مازالت تتأرجح مابين التأجيل او التعجيل او التعطيل، والتي مازالت تضاريسها لم تاخذ شكلها النهائي لحد الان؟ سترسم خارطة العراق السيا/ اقتصادية لأربع سنوات قادمة وبالتأكيد انها ستكون حُبلى بالمفاجآت ومازال الكثيرون يأملون منها "خيرا " ولكن.
وإذا ما اعتبرنا ان النظام السياسي في العراق هو نظام برلماني وليس رئاسيا وان البرلمان بالتالي هو من "سينتج" السلطة التنفيذية بشقيها مجلس الوزراء (السلطة التنفيذية الفعلية في البلد) ومجلس الرئاسة (الذي يحتفظ ببعض الصلاحيات التنفيذية والبروتوكولية)، اضافة الى دوره في المراقبة والتشريع مايعني ان البرلمان هو العمود الفقري للعملية السياسية برمتها وبيضة القبان فيها ومحور الديمقراطية ووسيلتها وهدفها في الوقت نفسه فأي "تغيير " مقصود سواء أكان تغييرا ديكوريا ام تغييرا "برامجيا" حقيقيا تطرحه هذه الكتلة او تلك فانه يجب ان يكون لتصحيح بعض المسارات الخاطئة التي شابت عمل الدورات السابقة، وتوجيه البوصلة البرلمانية بالاتجاه الصحيح كي لا تتكرر الاخفاقات وتُعاد الاخطاء التي مازال يدفع المواطن ثمنها.
التغيير الحقيقي هو تأسيس عملية سياسية حقيقية مبنية على اسس سليمة وقواعد دستورية وقانونية صحيحة من ضمنها تشكيل حكومة أغلبية سياسية ـ والتي من المفترض ان تكون منذ التغييرـ وذلك بالتوافق الوطني الجامع حيث تكون المصلحة الوطنية العليا الحاضنة الرئيسية للعمل السياسي بنبذ المحاصصة والتخندق مع ترك هامش للكتل غير الفائزة، لمراقبة الاداء الحكومي فالتوافق الوطني لايعني بالضرورة التشارك التحاصصي بحسب مبدأ (هذا لي وهذا لك)، ولكي لا تضيع اصوات الناخبين مرة اخرى، او تكون العملية السياسية المبنية على اسس ديمقراطية في مهب الريح، ويجب ان يكون هناك تغيير حقيقي وجوهري في عمل البرلمان وذلك في إرساء دعائم حكومة أغلبية سياسية كخيار استراتيجي وطني وتاريخي ان لم يكن الوحيد بعد فشل حكومة "الشراكة" الوطنية في تلبية ادنى متطلبات المنعطف التاريخي الحساس الذي يمر به العراق، وعندها سنقول للمواطن الذي يسأل من سأنتخب؟
نقول له انتخب أصحاب التغيير الحقيقي الذين يقودون البلاد الى بر الأمان انتخب من يقدّم مصلحة الوطن على مصلحة الحزب والكتلة والعشيرة انتخب من يقدّم برنامجا اقتصاديا واقعيا يعطي حلولا لمشاكل الفقر والبطالة والسكن والاستثمار والتنمية المستدامة والبنى التحتية والخدمات والعجز المرعب في الموازنة، وعندها تكون العملية السياسية في مستوى التحديات وهي كثيرة وعلى كافة الصعد وتسير في السكة الصحيحة كما هو معمول في الديمقراطيات العريقة عندما ستخرج من مطب التوافق القاتم الى فضاء الاغلبية السياسية الرحب.
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- إعفاء فئات من الضريبة؟ ام كسب اصوات في انتخابات قريبة؟
- السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء