بقلم:عباس الصباغ
بقراءة اولية لمشروع قانون موازنة 2018 تنكشف لنا عدة امور منها انها مازالت موازنة ريعية تعتمد ابواب الصرف فيها على مانسبته (98 %) من عائدات النفط، وتلك الابواب مازالت تشغيلية على حساب الاستثمارية، وهي اكثر تقشفا من سابقاتها رغم التحسن النسبي في أسعار النفط وتراجع كلفة الحرب ويأتي التقشف تماشيا مع اشتراطات صندوق النقد الدولي مقابل إقراضه العراق لسد عجز موازناته السنوية بسبب الازمة المالية التي ضربت الاقتصاد العراقي نتيجة تذبذب اسعار النفط لأكثر من(50%)، وتزايد نفقات الحرب على داعش، ومن ضمن تلك الاشتراطات: الحد من الدرجات الوظيفية وإيجاد موارد مالية بديلة عن النفط وخفض النفقات، علما ان موازنة عام 2018 بنيت بواقع نحو(108 ترليونات دينار) وعلى اساس سعر البرميل لـ (46) دولارا وباحتساب انتاج (3 ملايين و 800 الف ب. ي)، وتحتل النفقات الاستثمارية اكثر من (25 تريليونا) منها بينما تذهب حصة الاسد للميزانية التشغيلية مع وجود عجز مالي كبير يقدر بـ (22) ترليونا، فهذه الموازنة كسابقاتها ذات طابع تشغيلي تقشفي صارم ترتفع كفة الميزانية التشغيلية فيها على كفة الاستثمارية مع تدني الخطوط البيانية لمناسيب المردودات الاخرى المغذية لها رغم توجّه الحكومة لزيادة الإيرادات غير النفطية الا ان هذا الاجراء لايكفي لسد العجز، ويفترض بالموازنة انها الان قد تم اقرارها ولكن بسبب التجاذبات السياسية ودخولها معمعة الاملاءات الحزبوية ما يعيد الى الذاكرة سيناريو موازنة عام 2014 الذي مضى بلا موازنة بسبب تلك السجالات لذا يرجّح البعض إقرار قانون الموازنة المالية الحالية الى تموز المقبل.
امام موازنة 2018 استحقاقات كثيرة منها استحقاقات مابعد التحرير كاعادة توطين اللاجئين والمهجرين واعادة اعمار المناطق التي كانت مسرحا للعمليات العسكرية واعادة النظر في قرار الحكومة بإيقاف التعيينات حسب املاءات البنك الدولي في ذلك، فمن غير المعقول ان تستمر جيوش العاطلين عن العمل وتظل تتراكم الى مالا نهاية فلهذه المسالة مردودات سلبية على الواقع العراقي ولكن لايبدو ان ثمة افقا مفتوحا لاقرار هذه الموازنة لاسباب عديدة منها مطالبة بعض الجهات السياسية بتضمين الموازنة تخصيصات لإعادة اعمار المناطق المحررة وهذه القضية ليست سهلة في ظل استمرار الازمة الاقتصادية، ومن جهة اخرى تطالب المحافظات المنتجة للنفط بزيادة حصتها من (البترو – دولار) ويضاف الى ذلك قضية تخفيض نسبة موازنة اقليم كردستان الى حوالي (12,6%) على وفق النسبة السكانية للإقليم بعد ان كانت(17%)، ناهيك عن قضية الانتخابات المقرر اجراؤها في منتصف شهر ايار المقبل، فان هناك تخوفات وهواجس من عدم امكانية اجرائها في هذا التاريخ، تحت عنوان عدم توفر التخصيصات المالية اللازمة لتلبية المتطلبات الانتخابية لارتباط هذا الجانب بقانون الموازنة.
كرة الموازنة مازالت تتأرجح مابين الحكومة والبرلمان الذي يشهد اجواء غير مستقرة وملبدة بالمشاكسات السياسية والنقاشات حامية الوطيس، والسقوف العالية والمتقابلة والاشتراطات المتعاكسة التي تحاول ان تمسك العصا من الجانب الذي يخدم مصالحها، والموازنة وحتى في حال اقرارها ستبقى هوامش متطلباتها دون الحد الادنى من طموحات الفرقاء السياسيين ليس لعدم وجود عدالة في التوزيع بل لنضوب الريع الرئيس (النفط) الذي سيبقى متذبذبا ومعرّضا اقتصادنا الى هزائز تبقي موازناتنا السنوية دون الحد الادنى ولسنوات مقبلة وتبقى المشكلة مستمرة الى ان يتعافى سوق النفط.
أقرأ ايضاً
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة
- في طوفان الأقصى.. الحديث للميدان فقط
- الحدود العراقية الكويتية بين المطلاع والعبدلي..(وهب الأمير ما لا يملك)