لاريب أنّ الجهد التاريخيّ والفقهيّ والمعرفيّ والفكريّ الذي صدر عن دائرة المعارف الحسينية - المركز الحسيني للدراسات – في لندن يمثل ذروة العطاء بالموسوعات التاريخيّة المحقّقة، لاسيما أنها اتسمت بالمنهجية العلميّة الفائقة الدقيقة التي بذل فيها العلامة آية الله الدكتور محمد صادق محمد الكرباسي قمة الجهود التعريفية والتبصيرية بالإنسانية، لرصد وتحقيق وتمحيص ما يخص الإمام الحسين الشهيد (عليه السلام)، فضلاً على ما يقارب الثلاثة آلاف كتاب بالتفسير والأدب والفقه وجميع المستحدثات التي تواجه وجود البشرية.
فقد كتب سماحته بكل الجوانب القرآنية والسيرة والتفسير والأدب، بما وفّر للمكتبة الشيعية والبشرية ما تحتاجه من كل الجوانب، بيد أن نهر العطاء لم يتوقف، وإنما ما زال يتدفق كالشلال الهادر، ضمن مشروع "دائرة المعارف الحسينية"، فقد صدر بعدة أجزاء من كتاب الحسين (عليه السلام) والتشريع الإسلامي ـ الطبعة الأولى سنة 2000م بـ (530 صفحة)، تناول المؤلف المسألة الشرعية في المقدمة بالشكل المطابق مع الاستدلال بما ورد عن الإمام الحسين (عليه السلام)، و ثم تثبيت الحديث الوارد عن الإمام (عليه السلام)، ومناقشة نسبته إليه، كذلك ثبت السند وناقش درجة وثاقته ومناقشة الدلالة علمياً، كما استعراض الأقوال وطرح الاحتمالات وبيان أدلة كل طائفة ومناقشتها، مع بيان الحكمة العلمية المادية الى جانب الامور المعنوية من وراء المسألة الفقهية بما يناسب التطوّر العلمي.
فصول الكتاب ومباحثه تفسّر التشريع اصطلاحاً وتحديد التشريع وغايات وقصدية وهدفية التشريع، بتحليل عميق يغني كل مطّلع على خبايا وزوايا ومضامين التشريع، مع تحديد التشريع والمشرع:
1- الله.
2- الفرد.
3- الشعب.
ويؤكد العلامة الكرباسي في هذا الكتاب (ص30): "ولعلّ الفارق الأساسي بين الشريعة الإلهية والبشرية أن الأول يعالج العقيدة والنظام والثاني يعالج النظام فحسب"، وقد كشف بفصول الكتاب هدف التشريع العام من خلال تحليل الموارد القرآنية بعشرات الآيات الشريفة الدالة على التشريع (السعادة)، وقد وضّح السنن التاريخية من خلال: 1- التطوير 2- المقارنة 3- التمهيد..
وقد فصّل العلامة الكرباسي الشرائع من البدايات الأولى للبشرية، وأوضح المباني التشريعية في العقائد والأديان بتاريخ البشرية من شريعة آدم ومعظم بعثة الأنبياء من نوح الى الشريعة الحنفية الإبراهيمية بشروحات مستفيضة، وصولاً إلى المسيحية ثم النبي الخاتم محمد (صلى الله عليه وآله) وسيرته العطرة وكذلك سيرة أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين إمام المتقين الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام، ثم يعرج على مجمل الأحداث التاريخية برؤية علمية شاملة يحلّل ويستنتج ما جرى بتاريخ الإسلام من تشريعات لأصحاب المذاهب الأخرى، والتشريعات الإسلامية الكاملة.
وفي فصول الكتاب الأخيرة يستعرض العلامة آية الله محمد صادق محد الكرباسي التمهيد للأجزاء الأخرى من هذه السلسلة المتصلة المتتالية عن الإمام الحسين (عليه السلام) والتشريع التي تحتاج منّا وقفاتٍ لكل جزء منها.
التعليقات
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!