- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الذكرى المئوية لولادة المسرح الكربلائي
بقلم: عبدالرزاق عبدالكريم
تحية اجلال وإكبار لمسرحي كربلاء, رواد وشباب بالذكرى المئوية لولادة المسرح الكربلائي.
البدايات: هناك معلومة عن السيد إبراهيم السيد شمس الدين القز ويني مفادها انه قبل سنة 1917م من القرن الماضي تحدث عن وجود مسرح كبير كان يقيمه الحاج نور آل عويد (بستان شمس الدوله خلف مرقد ابو الفهد) وقد كانت له فرقة مسرحية تقدم عروض مسرحية اجتماعية ودينية وحسينية, خاصة أيام عاشوراء (شهري محرم الحرام وصفر) ذكرى واقعة الطف الخالدة (استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) بالإضافة إلى أعمال مسرحية أخرى خلال أيام السنة وكان بعض منها متـأثرة بالأجواء الاجتماعية والسياسية المحلية والعربية و العالمية, والمسرحيات تتضمن شعارات تحررية ضد الحكم العثماني اثر الثورات التحررية في العالم في تلك الحقبة ومنها الثورة الروسية في عام 1917، وهناك ما يؤكد ذلك مما روى الفنان المسرحي المرحوم الحاج غدير كبابي، بأن كانت هناك فرقة كشفية تعزف على الطبول والنقارة تجوب شوارع مدينة كربلاء تحفز المواطنين على الثورة ضد الحكم العثماني وتحث الناس على مشاهدة العروض المسرحية التي تقام في بستان الحاج نور آل عويد الكائنة خلف المخيم الحسيني الحالي وقد شاهد هذه المظاهر وهو صغير بعمر العشرة سنوات تقريبا.
المسرح في كربلاء: كربلاء من المدن العراقية العريقة.. شهدت خلال تأريخها حركة ثقافية متعددة الجوانب كان منها الحركة المسرحية.. تميز المسرح في كربلاء شأنه شأن المسرح في العالم بالتأثر بالبيئة ولم ينشا من فراغ وإنما له جذور فطرية كانت في مشاهد وأعمال جسدها التمثيل لواقعة الطف الخالدة ويعتبر العامل الديني من العوامل المهمة والأساسية لنشأة المسرح في العالم... وقد تركت الاحتفالات السنوية {لواقعة الطف} تمثيلا بصماته الواضحة على شخصية المثقف والفنان في مدينة كربلاء.
ظهرت ممارسات مسرحية منذ أوائل القرن العشرين من خلال مجاميع وأشخاص وفرق شعبية وبتنظيم متواضع قدمت خلالها أعمال كثيرة ومتنوعة ـ كوميدية ـ تراجيدية ـ تاريخية ـ إضافة إلى تقليد ممارسات وأصوات الشخصيات المعروفة في المدينة وكانت تتم بطريقة عفوية أي بدون نص مكتوب وإنما نص شفاهي يمليه الأكثر خبرة في المجموعة كما تكون له عملية التمثيل الرئيسية والإخراج حسبما متبع اليوم، علما بأن الأعمال التي كانت تقدم تحتوي على فكرة اجتماعية أو تاريخية ولكن بشكل بسيط.
ظلت الأعمال متواصلة وبشكل مستمر خلال نهايات وبدايات القرن العشرين والثلاثينات أما مراحل الأربعينات والخمسينات حدث فيها تطور كبير حيث أخذت الأعمال تقدم على مسرح تتوفر فيه بعض الشروط الفنية كالإنارة والديكور الواقعي (الكلاسيكي) وبعض الإكسسوارات بعد أن كانت الأعمال السابقة تقدم داخل البيوت وخلال المناسبات الاجتماعية والدينية.
لاشك إن المسرح نبتة والنبتة المثمرة تحتاج إلى تربة خصبة كي تنمو ومدينة كربلاء تعرف بخصوبتها والتي نبتت فيها عموم المعارف العلمية و الدينية والثقافية وجميع أنواع الممارسات الفنية، وخلال البحث ستتبين التسميات والمعاني التي توضح ماهية المدينة و بجميع مفرداتها الحياتية والروحية من تنامي هذه الحركة المسرحية في كربلاء.
مدينة كربلاء شهدت حركة ثقافية متعددة الجوانب مثل الشعر القصة وعلوم دينية وباقي العلوم الأخرى، ولم ينشأ المسرح فيها من فراغ وإنما من الطبيعي إن تكون له جذوره الفطرية حيث كانت هناك مشاهد وإعمال تجسد واقعة ألطف كواقعة متجذرة في الوجدان الكر بلائي... والاحتفالات الدينية كانت السبب الرئيسي في نشأة ثقافة المدينة وقد تركت بصمات واضحة على شخصية الفنان العراقي (الكربلائي) وبمختلف الأنواع الأدائية (الحسينية) كالمنبر الإنشادي، ومحاضرات التعزية (الروزخونية) والتشابية التي كانت تحتاج إلى الكثير من الأدوات المسرحية بالإضافة إلى ثقافة مدركة تقدم التاريخ عبر العديد من الممارسات الطقسية مثل (التشابيه، اللطم والزنجبيل والمشاة... الخ) لنأخذ مثلا الخطيب المنبري (الذي استبدل بالقصخون في الكثير من المدن والمحافظات العراقية) نراه أكثر جاذبية من حيث المتعة والإفادة والالتزام الشعوري الشرعي اتجاه قضية الحسين (عليه السلام) فهو الجاذب إلى عوالم شجية مليئة بالعواطف ولاشك انه يمتلك الكثير من القوة المسرحية كموهبة كبيرة بحيث يطوف بخيال الجالس الى وقائع وأحداث وقصص ومواعظ تنتهي بقصة استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام)، فقد كان يبدأ بمقدمة من إحدى سور (القرآن الكريم) مشفوعة بأحاديث الأئمة (عليه السلام) مع أدلة من الحوادث التاريخية وربطها بالواقع اليومي الذي يعيشه المواطن.
واقعة الطف لها دور كبير في النشأة الفنية لجميع مفردات الحياة الكربلائية ولو نطلع على أحاديث الفنانين العراقيين الكربلائيين والذين هم على مستويات عالية عراقيا وعربيا وعالميا وغيرهم فترى أحاديثهم بان المؤثر الأساسي في حياتهم الثقافية والفنية كانت الطقوس العاشورائية الكربلائية و هي التي لعبت الدور الكبير في صقل قابلياتهم و مواهبهم و فنيتهم أي البدايات، نتمنى من المعنيين في المسرح الكربلائي من الفرق المسرحية رواد وشباب التواصل بالعطاء والرحمة الواسعة للمتوفين والعمر الطويل للمتواصلين.
أقرأ ايضاً
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة
- ماهي الدلالة والرسالة في بث مقطع فيديوي للقاء المرجع الاعلى بالشيخ الكربلائي