بقلم:عباس الصباغ
منذُ نيسان 2014 كانت صيغة سانت ليغو المعدّلة دوليا ـ وعندما كانت بنسبة (1,4) ـ حلا لمشكلة التمثيل النيابي وفي مجالس المحافظات اصبحت اليوم جزءا من هذه المشكلة، بعد ان عُدلت عراقيا الى (1,7) الامر الذي فجّر جدلا احتدم بضراوة بين الاحزاب الكبيرة (الحيتان) وبين الاحزاب الصغيرة التي عدّت هذا التعديل ظلما لها وجاء في صالح الاحزاب الكبيرة واحتكارا منها لنسب التمثيل الكبرى، وسواء أكان التعديل الاخير منصفا ام ظالما، فان التنافس المستعرّ مابين الاحزاب على نسبة التمثيل التي تدرّجت مابين (1,4) و(1,9) الى ان عُدلّت عراقيا الى (1,7) يكشف عن تكرار ذات الخطأ القديم الذي انتهجته جميع الاحزاب السياسية، مهما كان حجمها وعن استمرار التنافس على اكبر عدد من المناصب التي تدرّ على تلك الاحزاب بعناصر القوة والمال ويعزز من مكانتها على الساحة السياسية، فلم يفكر اي حزب من الاحزاب العراقية بتشكيل حكومة اغلبية سياسية لتشكِّل البقية التي ظلت خارج السلطة حكومة ظل لمراقبة وتقويم الاداء الحكومي وهذه الإجراء لم يكن معمولا به من قبل اي حزب، كبيرا كان ام صغيرا ومنذ التغيير النيساني ولحد الان، فالكل منضوون داخل الحكومة ومتشاركون في اقتسام "الكعكة" والامتيازات والمكاسب، فانحصر "التفكير" اخيرا في نسبة التمثيل فقط (1,7) التي اعتبرتها الاحزاب الصغيرة اقصاءً لها وحرمانا من عناصر القوة التي تحصل عليها الاحزاب الكبيرة بسلاسة وان الكبيرة استحوذت على حصة "الاسد" بموجب نسبة (1,9) السابقة للمناصب المهمة في البرلمان و مجالس المحافظات، فيما كانت في الانتخابات السابقة نسبة (1,4) تلبي طموح الكتل الصغيرة التي عدّتها في حينه منصفة لها. فبقيت المشكلة منحصرة بنسبة التمثيل وليست في نوعيته،كون نوعية التمثيل وليست نسبته هي المعوّل عليها في الاداء الحكومي مقياسا عالميا والذي بقي في العراق قاصرا ومتخلّفا عن تلبية طموحات وآمال الشارع وتقديم الحد الادنى من الامن والخدمات والمستوى المعيشي الكريم.
كان الغرض الرئيس من تعديل صيغة سانت ليغو التي ابتكرها الرياضي الفرنسي (سانتي ليغوو) هو لتوزيع عدد المقاعد بطريقة اكثر عدالة ولتقليل العيوب الناتجة عن عدم التماثل بين عدد الاصوات المعبّر عنها وعدد المقاعد المتحصّل عليها ولكي يتحقّق هذا الغرض، على فقهاء القانون الدستوري ان يقترحوا صيغاً معدّلة وسطَاً تضمن حقوق جميع الكتل كبيرها وصغيرها ولاتغبن واحدة منها او تعطي امتيازا للبعض على حساب الاخرى، كما على المشرّعين اعادة النظر في التصويت على المادة (12) مثيرة الجدل من قانون الانتخابات، او اقتراح مواد جديدة، ولقطع دابر المناكفات التي توهن العملية السياسية ولكي لاتقع البلاد في فراغ دستوري خطير يعيد الامور الى مربع الصفر، خاصة بعد مرحلة ما بعد تحرير العراق من دنس داعش الحرجة والتي تتطلّب وحدة الصف الوطني وتماسكا سياسيا عاليا سواء على مستوى القرار السياسي ام في مناسيب الراي العام ورجل الشارع..
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً