- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
بقلم: سلام مكي
أسماء حكومية مهمة، سقطت مؤخرا عقب انتشار مقاطع صوتية لها، وهي تتحدث عن أموال ورشى وعقود، ساهمت بمنحها للطرف الآخر، ولعل هناك من ينتظر السقوط أيضا، بعد أن يتم اختيار الوقت المناسب لنشر المقاطع الصوتية الخاصة به، ولا ندري، فربما نصحو يوما على مقاطع صوتية لوزير أو زعيم، أو رئيس!
وبعيدا عن تبعات تلك التسريبات، على الأمن الوطني والقومي للعراق، وما يعنيه أن يتم بث مقاطع صوتية لمسؤولين كبار في الدولة العراقية، وهم يتحدثون على أمور غير قانونية، وتكشف للعلن، الآلية التي يتم من خلالها إحالة المشاريع الاستثمارية، بعيدا عن كل هذه الأمور التي تدخل في صميم السياسة، بكل تناقضاتها وطرقها الملتوية، والأساليب التي يمارسها الخصوم لتسقيط بعضهم البعض، نتحدث عن حالة، تكاد تكون أخطر من كل ما سبق، وهي أن المتصدي لكشف وفضح تلك التسريبات، يخرج إلينا بعد يوم أو يومين من انتشارها، ليقول لنا: لقد تبين أن الصوت في التسريب، مطابق تماما، لصوت الشخصية التي تتحدث! وفي نفس اليوم، أعلنت هيأة النزاهة، أنها ستباشر بالتحقيق في القضية! مما يعني أن التحقيق لم يبدأ بعد، فكيف ظهرت نتيجة مطابقة الصوت، والتحقيق لم يبدأ؟ ثم ظهرت نتيجة مطابقة الصوت؟ أي جهة تلك التي قامت بهذا العمل؟ ولماذا تنشر النتيجة عبر الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي؟ والقضية بهذه الحساسية والأهمية، والتي تشكل تهديدا وخطرا، لا على الحكومة، بل على الدولة ككل.
نحتاج اليوم الى المسؤولية في الطرح، والأمانة في نقل الخبر، وقبل ذلك، نحتاج الى رصد حقيقي لما يطرح في وسائل الاعلام، مع الأخذ بنظر الاعتبار الحرية التي كفلها الدستور، والحق في الحصول على المعلومة، لكن في نفس الوقت، هنالك حق أهم وأسمى من كل الحقوق، وهو المصلحة العامة، والتي يفترض أن تحدد وفق معطيات قانونية رصينة، فما طرح في هذه القضية والقضايا السابقة، من نتائج وأخبار تخص تحقيقات القضاء، التي يفترض أن تجرى بسرية تامة، وبعيدا عن الاعلام ووسائل التواصل، كون إن تلك السرية، تضمن سير التحقيق بشكل سليم، خصوصا وإن قانون أصول محاكمات الجزائية، أجاز للمحكمة جعل التحقيقات سرية.
فيفترض أن يتم سؤال الإعلامي الذي أذاع خبر نتيجة مطابقة الصوت، عن مصادره؟ وإذا كان ذلك الإعلامي يملك الحق في عدم الإجابة عن هذا السؤال، فعلى الجهات المختصة، أن توضح للرأي العام، هل المعلومة صحيحة؟ أم لا، ومن الذي أعطى المعلومة للإعلامي حتى ينقلها للرأي العام؟