بقلم: صباح محسن كاظم
لعلّ أكثر شيء ورد ذكره بالقرآن الكريم هو العلم حتى بدأ بإقرأ.. ومعظم الآيات تُشير إلى التفكر- التبصر- التدبر- السعي لطلب العلم.. من الطبيعي إن المعلم الحجر الأساس في العمليّة التربويّة والتعليميّة.. لذلك أكد نبينا العظيم محمد (صلى الله عليه وآله) في عشرات الأحاديث النبوية على احترام المعلم، والاهتمام به فهم رسل الإنسانية، وعدّ أجر طلب العلم بانه من سار طالباً للعلم كأنه يسير إلى الجنة حتى ذكر إن طالب العلم تحفه الملائكة، ومن طلب طريقاً يلتمس فيه العلم سهل الله طريقة الى الجنة، وكذلك ما أكده الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "العلم علمان: علم الأديان وعلم الأبدان"، وجميع أئمتنا شجعوا وحثوا على طلب العلم، أما في الحضارات اليونانية - الاثينية - الصينية – الفارسية - وغيرها يقدسون المعلم، وفي عالمنا المعاصر له تشريعات تصون كرامته وله الحضوة والتقديس والإجلال والتكريم فهو صانع العقول.. وكان كذلك في العراق منذ مطلع العشرينيات وصعوداً إلى عام 1980، حتى دخول المجرم صدام بالحرب الى يومنا هذا بدأ التراجع العلمي – الاخلاقي - التربوي.. والاعتداءات الأخيرة على التربويين بمعظم المدن العراقية بالضرب والقتل والمعاملة المسيئة تحتاج وقفة من النخب العلمائية، والثقافية، مع الحزم بتطبيق القانون.
وللمسيء للتعليم، والغاء المساومات العشائرية التي تتدخل بتلك المسائل.. فالقانون هو الفيصل بتلك الاعتداءات التي لا تقبل أخلاقياً وتربوياً..
فالشعوب الحية، والأمم المتحضرة، تلتزم بتطبيق القانون الذي يُنظم الحياة بكافة مفاصلها التعليمية - الاقتصادية - الثقافية – السياسية، وهلم جرا.. إن النكوص الحضاري، بتحطيم التعليم (المعلم -المنهج -الطالب) الثالوث الذي لا يحقق أهدافة إلا ببيئة صالحة وهي ((الأسرة)) فالتنشئة الأخلاقية تعتمد على دور التربيّة العائليّة، وبما نتوارثه من قيّم إسلامية من ديننا الحنيف، فالواجب والمسؤولية تنطلق من الأسرة المسلمة.. لاحترام التعليم وهيبة المعلم، وإن تأثيرات العولمة بالغة على -الشباب- فدعوات التغريب وإشاعة الانحلال الخلقي، وبالتالي تحطيم (رمزية المعلم) الأب الروحي بالاعتداءات والإساءات والضرب والعنف.. الذي ترفضه قيمنا التي تربينا عليها، فلقد كان المعلم مُهاباً حتى إننا بالستينيات من القرن المنصرم ننظر له بالوقار التام ولا يمكن لأحدنا المرور من أمام داره، خشية من العقاب والتأنيب على ترك الدروس والتسول بالطرقات، أما اليوم نجد الطالب يمازح المعلم وكأنه صبياً بعمره، فضلاً عن التواصل بصفحات الفيس، أو الاتصال، وأعتقد إن ذلك يقع على التربويّ أولاً الذي ينبغي أن يكون بمسافة عن الطالب؛ لكن الدورات الخصوصي عند -بعض التربويين- حطمت تلك الرمزية، فضلاً عن بيع أو منح الأسئلة لطلبة الدورة والمدارس الخصوصي التي ضيعت هيبة التعليم.. وإن حصر تلك الظواهر الشاذة كفيل بإعادة الاحترام والوقار إلى التعليم.
أقرأ ايضاً
- التسرب من التعليم
- رمزية السنوار ودوره في المعركة
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية