- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عند ابواب البقيع ألمحُ وجه التفاؤل
بقلم:حيدر عاشور
عند ابوابك ألمحُ وجه التفاؤل، وانا القادم من زَبّد الجزع، من ارض قرابين الطف، لارى أرضا خضراء حوت جدث اطهر النساء واصبرهن على مصائب الحياة، اسير صوب الاجداث بتمهل، وأترقب خطواتي، ففي كل خطوة اقف قائلا، ها هنا موضع جسدها، ها هنا ينهال وجعي دموعا وأسجد لله، ارفعُ راسي ارى اسرابا من البشر تخطو اليك، تقبل النور بدموع وجزع، وتستجير باسمك بين مقامات الاطهار من وراء السواتر، مغامرين بسعة العشق، تلاحق دعواتهم وسلامهم خنازير ورثة قتل الطف، من اول قطرة دم بكربلاء..
سيدة البقيع مولاتي، رميتُ قلبي باتجاه رمال قبرك، فأرى قلوبا تجئ بالضوء والصوت والألم والجزع، ولا تجئ بالمسافات، قبل يوم كنت عند ابواب فلذات كبدك ايضا ابحث عنك، ادمنتُ ريحك، وأدمنتُ الصلاة بالانابة لك، وادمنتُ الفجيعة والبكاء على الدماء الزاكيات من ولدك، هم في الكف دعاء وفي القلب عشق وعلى الراس تاج، والزمن يشهد كانوا امة تجود بهم الامم، وكربلاء تشهد انهم ميزان عدل وصرح سعادة التائهين..
سيدتي رأيت بأم العين، قبرك تضمه الارضُ بصمت، وصخر الصخور ببقيع الائمة الاطهار بكاك، وصمت الرجالُ وظلت الرجولةُ في ارتباك، وأنامل الريح تمسح تربتك، وتقدح الارواح الهائمة فرط الحزن حولك.. والارض تشهد انها تضم أم الامهات، وضريحها ليس بواحد، بل اضرحةٌ اقيمت بكل مكان، تدعو للثأر من ارض المدينة الى ارض كربلاء، من غاصبي حقها ومن تلطخت ايديهم بدم ولدها..ولدها اولادك، وان سميت بسيدة نساء العالمين، وأم المؤمنين، كان اسمك ام البنين تزهرين كنجوم السماء، لم تهزك فاجعة قطع يدي قمرك، وفقدان اساور قلبك، بل هزتك ذبح ابنك الطاهر، تاركا جرحا في صدور العالمين لا يلتئم، وحرارة لا تنطفئ، وفيك ترك عشق حامٍ، جرحٌ دامٍ.
هل تلتئم الجراح يوما..؟ متى تشفي الصدور؟ أكرر اسئلتي لنفسي، وسط روضة البقيع، وعيني تزاول مهنتي البكاء والبحث عن طيف يقف امامي، وغالبا يأتي صوت طيفك كان يراودني، يسيرني، ذات اليمين وذات الشمال، هذا قبر الصادق وذاك الباقر والسجاد خيمة الابناء المرسلين، واستقر مقام القلب عند اعتاب روضتك، وارتفعت الاصوات سلاما لك ام البنين، والحسرات اوجاع لا تنتهي لا تتوقف عند حد، سلاما على الروح الهائمة على أرضها، شجرة الاوصياء المحمودة في السماء المحزونة في الارض.. هبت عاصفة من حمام البقيع وارتفع الغبار الى اعنان السماء، قد جاء القتلة الجدد ليجلدوا دموع الموالين بقسوة الكلام.
أقرأ ايضاً
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- دور الاسرة في تعزيز الوعي بالقانون عند افرادها
- فلسفة الموت عند الإمام الحسين (عليه السلام)