د. غالب الدعمي
اتجه العالم وبشكل مضطرد في العقد الاخير من القرن الماضي نحو الاختصاص وبات التخصص من أهم معايير الجودة، وأساسا لتقويم النجاح، في حين تتجاهل الدول النامية ومنها العراق موضوعة التخصص في التعيين وإناطة المسؤوليات، فعلى المستوى السياسي تلاحظ أن الحكومة العراقية تبتعد في بعض من مفاصلها عن التخصص عن طريق اناطة وزارات لأشخاص من غير الوسط الذي تنتمي اليه الوزارة، وعلى هذا المنوال فقد اسندت وزارات إلى معلمين ومدرسيين واحياناً إلى مزورين ومنتحلي صفات وقد اكملوا مدة استيزارهم دون محاسبة أو مسائلة.
وعدوى تجاهل الاختصاص إنتقلت إلى مرافق وزارة التعليم العالي فلم يعد للتخصص وجود في بعض الجامعات الحكومية والاهلية على حد سواء، فيمكن أن تجد استاذا في الجغرافية يعمل تدريسييا في كلية الزراعة، أو استاذا في الفقة عميدا في العلوم السياسية أو استاذا في اللغة العربية رئيسا لقسم الإعلام، وأمامي شواهد كثيرة تسجل مثل هذه المخالفات، وقد أنتقل عدم الأهتمام في التخصص الى تدريس المواد العلمية.
إن عدم احترام التخصص في الجامعات يؤشر حالة سلبية تؤثر في كفاءة مخرجات هذه الجامعات ونجد هذه الظاهرة منتشرة وشكل كبير في مرافق التعليم الأهلي أكثر من التعليم الحكومي، ويعود ذلك في تقديري إلى الضغوط الكبيرة التي يمارسها بعض مؤسسي الجامعات الأهلية بما يملكونه من تاثير في تقييد القانون وتعطيله في بعض جوانبه مما جعل بعضا من تلك المؤسسات الاكاديمية لا تعطي للتخصص اية قيمة اعتبارية على الرغم من أنه يعود عليها بالنفع عبر مخرجات كفوءة تسهم في دعم حاجة العمل للتخصصات المطلوبة.
ونجد الحالة معكوسة في الدول المتقدمة إذا أن كفاءة مخرجات التعليم الأهلي وخبراته فيها أكثر بكثير من كفاءة مخرجات التعليم الحكومي وخبراته، ويأتي ذلك عبر ضوابط صارمة لا يستطيع احد التجاوز عليها أو تجاهل تنفيذها ويتسابق القائمون على مؤسسات التعليم الأهلي في تلك الدول في البحث عن معايير تسهم في رفع جودته في حين يكون الامر غير ذلك في العراق كون الربح هو الهدف الاساس في التعليم الاهلي وليس كفاءة مخرجاته.
ونأمل من الادارة المتفانية في التعليم الأهلي متابعة هذا الموضوع وأعطائه الأولوية القصوى كونه بات متفشيا في بعض مرافق التعليم الأهلي.
أقرأ ايضاً
- حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه" !!
- حين تُستودع مصائر الكبار لدى أمزجة الصغار !
- أيّها السياسون هل اكتفيتم أم ستطلبون المزيد ؟!