- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه" !!
بقلم: علي حسين
إذا افترضا أن لا شيء في السياسة يحدث بالمصادفة، فإنه يفترض أن نوجه تحية كبيرة للذين يقفون وراء كوميديا نور زهير الساخرة، فبعد أن خرج علينا صاحب سرقة القرن بكامل أناقته يطالب بمحاكمة علنية، اكتشفنا أن الرجل يريد مواصلة عروضه المسرحية ولكن هذه المرة بالفانيلة الداخلية، ولكي تكتمل المهزلة فقد فوجئ العراقيون بأن نور زهير أطلق سراحه بكفالة وسمح له بالسفر تحت سممع وبصر الأجهزة الأمنية.
بالأمس قرأ الناس جيداً رسالة سرقة القرن، وعرفوا أن الأمر أكثر من محاكمة متهم .. ودققوا جيداً في التصريحات التي اطلقها "الحباب" نور زهير، وراجعوا هتافات النواب الذين خرجوا علينا، وقارنوا بين كل ذلك وبين ما جرى خلال السنوات الماضية.. فاكتشفوا مثلما اكتشف أبسط عراقي أن الكارثة الأخيرة لا تختلف كثيراً عن ما جرى من كوارث وسرقات خلال العشرين عاماً الماضية، وأن جميع السراق لا يزالون يتمتعون بسرقاتهم في عواصم العالم.
وأن ماجرى أمام المشاهدين لم يكن مسابقة، من صاحب أشهر سرقة، بل هي معركة يقودها البعض ضد التنمية والتغيير في العراق وضد الديمقراطية وضد حقوق المواطنين في مجتمع يحترم آدمية الإنسان، خطط لها ونفذها مسؤولون وتجار شطار همهم الوحيد السيطرة على مقدرات البلاد.
ولهذا فلا أعتقد أن محاكمة مباشرة لنور زهير مهما كانت النوايا المخلصة ستحل المشكلة القائمة ولن يجدي نفعا أن نور زهير سيقف أمام القاضي كما بشرنا جنابه، فالمشكلة الحقيقية أننا اليوم نعيش في بلاد يخرج منها السارق منتصراً.
عندما يقول أحد النواب أن سارق المال العام يمكن أن يسجن خمس سنوات أو ثماني سنوات ثم يخرج ليتمتع بالأموال التي سرقها نكتشف أن النائب لا يدري أن المادة 321 تقول إذا حكم على سارق المال العام بأية عقوبة عن جريمة سرقة أموال الدولة، فلا يطلق سراحه بقضائه المدة المحكوم بها ما لم تسترد منه الأموال المسروقة.
السادة أصحاب "مسرحية نور زهير" الناس تسلت مع عرضكم المسرحي الباحث عن الفضيحة، لكنهم -أي الناس- فى كل ساعة سيطالبون بدولة محترمة، يجدون فيها عملاً وأمنا وخدمات دون إهدار للكرامة ولا رشاوى أو منح أو صفقات من نواب تتعامل مع الشعب على انه مجرد كمتفرج.
هل ننتظر توضيحاً لخروج نور زهير من السجن أم أننا بصدد مجموعة من الخطابات عن النزاهة والحفاظ على أموال الدولة؟ وبالتالي فعلينا أن ننتظر ما سيقوله القضاء، أم أن البعض سيرفع شعار "خلوها بيناتا".