حجم النص
عباس عبد الرزاق الصباغ لم يكن الطرح مثاليا ذلك الذي دعا إليه مؤتمر (خيارات ما بعد الانتصار) الذي انعقد قبل أيام ببغداد وبمشاركة محلية وإقليمية فاعلة، ولوضع رؤية وطنية شاملة لمابعد مرحلة داعش السوداء، وذلك بتغليب لغة الحوار وسياسة المكاشفة والمصارحة والشفافية والاحتكام الى العقل والدستور والمصلحة الوطنية العليا ولم يكن ذلك الطرح رومانسيا يدعو الى يوتوبيا سياسية في ظل أتون معمعة تعصف بالمشهد السياسي العراقي في ظل إرهاصات دراماتيكية وعرة وشائكة تكاد تطيح بركائزه ومرتكزاته وجميع بناه التحتية والفوقية، بل كان الحوار الذي دعا إليه المؤتمر طرحا عقلانيا وواقعيا يرتكز على قراءة صحيحة (مفترضة) لحيثيات واقع المشهد السيا/ سيوسولوجي العراقي الذي مزقته التوافقات والمحاصصات وشتته التخندقات والاحترابات والمناكفات وضمور الانسجام المطلوب بين الفرقاء السياسيين ما أدى الى تشتت الشارع العراقي وتعاكس وجهات نظر الرأي العام وتشظي الولاءات وتعدد الهويات ناهيك عن اشتعال الحروب الاعلامية ، إذ لم يشهد أي مشهد سياسي تخندقا كالذي شهده وما يزال يشهده المشهد السيا / السيوسلوجي/ الاعلامي العراقي حتى صار يذكرنا بالحرب الباردة التي استعرت بين المعسكرين الشرقي والغربي، وفاقت آفاقه حدود الأزمة السياسية التي من الممكن أن تحدث في أي بلد والى آفاق خطيرة غير مسبوقة كادت تصيب مرافق الحياة بالشلل مع تعثر مريع في الواقع الأمني والخدماتي.. والمشجع للحوار 1. أن الأرضية الشعبية والجماهيرية التي انطلقت منها العملية السياسية من خلال صناديق الاقتراع أوحت بتراصها لحمتها الوطنية عدم انجرافها في دوامة السجالات السياسية حامية الوطيس (الإعلامية منها خاصة) بأنها أكثر عقلانية من الخطاب السياسي الذي يوصف اقل مايوصف بالمتشنج ـ والمتلفع بجلباب الفساد الإداري والمالي ـ وان المجتمع الأهلي كان ومايزال أكثر تراصا وانسجاما وتفاهما من المجتمع السياسي ولم تؤثر الاحتدامات السياسية على متانة النسيج المجتمعي ولم تنفرط ثوابت العقد الاجتماعي او تتفتت المفاصل الديموغرافية أو التركيبات المجتمعية او التكوينات الاثنية المتعايشة الى كانتونات وإمارات أو أشباه فيدراليات متناحرة ومتنافرة بسبب السيناريوهات العديدة والمتعاكسة والمضطربة ايضا والتي أفرزتها الأزمة البنيوية السياسية التي مرت بها العملية السياسية ـ التي تبدو في أجلى مضامينها أنها كانت مخيبة لآمال الجماهير في عيش كريم وآمن ـ والتي غاب عن أكثرها لغة الخطاب السياسي / الإعلامي العقلاني وطغى عليها الخطاب المتشنج والآني المفتعل واختلاق الأزمات وغياب النظرة الاستشرافية المستقبلية والتحليل الإستراتيجي الصحيح لحيثيات الواقع العراقي بما يتناسب مع خطورة تداعيات هذه الأزمة على واقع ومستقبل البلاد والعملية السياسية نفسها. 2. إن خيار الحوار ـ كطرح عقلاني ـ تحت أية يافطة كانت،هو السبيل الأكثر عقلانية وتعقلا في الطرح السياسي خصوصا عند احتدام الأزمات في واقع هو مأزوم أصلا ومليء بالمطبات والألغام والعقد الموروثة والاستعصاءات، وهذا ما يجب أن يلتفت إليه الفرقاء السياسيون ولامندوحة عن هذا الخيار، بدل حروب الاستنزاف التي استعرت فيما بينهم وعلى جميع الصُعد التي قد تتحول الى حروب حقيقية تجر أذيالها على المجتمع الأهلي وتدمّر أواصر اللحمة الوطنية التي ظلت متماسكة نوعا رغم التقلبات السياسية الوعرة والمفجعة التي مرت على الشعب العراقي طيلة العقود الأخيرة. وبالرغم من الانتقادات الحادة والمُرة التي وُجهت لهذا المؤتمر فانه ببحوثه يعد خطوة أولى لرسم نواة خارطة طريق ورؤية وطنية صحيحة (سياسية / أمنية / اقتصادية / مجتمعية) لمرحلة مابعد داعش بعد أن تتكلل المعارك التي تخوضها قواتنا الأمنية البطلة ضد داعش بالنصر المؤزر، وأتمنى أن تُعرض الجلسات البحثية على الرأي العام ليفهم ماجرى في أروقة المؤتمر لتبديد الاتهامات التي وُجهت له جزافا، فضلا عن نشر تلك البحوث في وسائل الإعلام المكتوبة وأتمنى ايضا أن تنضج مجمل تلك القراءات والرؤى التي تخللت أعمال مؤتمر حوار بغداد بمقررات عملية وواقعية تحدد خيارات مابعد داعش ومسارات جدية لتجاوز التحديات وأرجو أن لاتكون مجرد أمنية..على الورق كاتب عراقي
أقرأ ايضاً
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني