بقلم: سمير داود حنوش
يعتقد المتفائلون أنَّ رحلة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى واشنطن واللقاء الذي جمعه بالرئيس الأميركي جو بايدن ستُدخل العراق في مرحلة تصفير العداد بعد الاقتناع بإبطال مفعول المقاومة لأغلب الماسكين بزمام السلطة اليوم، أو للرأي السائد بالقناعة الأميركية بالرضوخ للأمر الواقع والتهدئة في المنطقة التي تحاول أن تصنعها واشنطن من أجل إجراء انتخاباتها بأجواء طبيعية.
يعتقد هؤلاء أنَّ التصفير يشمل الجميع ما دامت العملية السياسية تلبي رغبات الإدارة الأميركية.
زيارة السوداني إلى واشنطن تأتي في ترقب من احتمال تفجر الأوضاع في الشرق الأوسط، ودخول فصائل مسلحة عراقية طرفاً في الصراع المحتدم بين إيران وإسرائيل، خصوصاً بعد تصريح أبو علي العسكري المسؤول الأمني لكتائب حزب الله العراقي بأنهم ينتظرون الأوامر من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي للرد على أي استهداف إسرائيلي، وقد يشمل ذلك الرد قصف القواعد التي تتواجد فيها القوات الأميركية في العراق، حيث قد يغير ذلك الفعل القرار الأميركي وغاية الوفد العراقي من تلك الزيارة، مع التأكيد على سعي السوداني لتثبيت قدمه في الداخل العراقي من خلال ما سيطرحه أمام الإدارة الأميركية.
بالرغم من اعتقاد البعض من أصحاب الرأي أنَّ الزيارة جاءت متأخرة قبل أشهر معدودة من الانتخابات الأميركية المرتقبة نهاية العام الجاري، واحتمال خسارة بايدن فيها، إلا أن الرأي المقابل يقود إلى أهمية الزيارة من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية وأسعار الدولار ومكافحة منافذ التهريب ومستقبل التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة.
تتحدث دهاليز السياسة في المنطقة الخضراء عن رسالة يحتفظ بها رئيس الوزراء في أدراج مكتبه من إحدى الفصائل المسلحة التي طالبته بضرورة وضع جدول زمني معلوم ومعلن للانسحاب الأميركي، حيث ستتضح نتائج العمل القادم لتلك الفصائل من خلال الرد الأميركي على طلب العراق بالخروج من أرضه بعد الانتهاء من زيارة البيت الأبيض، أما الجانب الامريكي فلا يخفي أن تكون من ضمن شروطه إطلاق سراح الباحثة المختطفة في العراق إليزابيث تسوركوف التي تحمل الجنسية الإسرائيلية.
زيارة السوداني إلى البيت الأبيض تأتي في ذروة التوتر والحذر، خصوصاً لو جاء الرد العملياتي للإيرانيين على أرض عراقية لاستهداف مصالح أميركية أو قواعد مشتركة مع العراقيين.
ضم الوفد المرافق للسوداني ما يقارب 135 شخصية تبدأ من طاقمه الوزاري وأعضاء مجلس النواب ومستشاريه الخاصين وكذلك رجال أعمال، ولا يخلو الطاقم من إعلاميين ومحللين سياسيين.
وقد وصف الوفد بالمُبالغ بعدده، إضافة إلى تساؤلات لم تجد إجابة أو تبريراً عن المغزى من اصطحاب الوفد لشخصيات فرضت عليها عقوبات أميركية ضمن القائمة السوداء، من بينهم مالك شركة فلاي بغداد ونمير العقابي صاحب النفوذ السياسي والتجاري، إلى عدد من أصحاب المصارف العراقية الذين تراقب أنشطتهم الخزانة الأميركية ضمن مزاد العملة التي تدعي واشنطن أنها تساهم بتهريب الدولار إلى خارج العراق.
زيارة السوداني إلى البيت الأبيض والتي تعوّل على الملف الاقتصادي وطلب الدعم الأميركي وخلو الوفد من شخصيات أو رتب عسكرية مما يوحي أن التباحث في مهمة التحالف الدولي بالعراق ستكون في آخر المحادثات التي قد لا يطول الحديث في تفاصيلها.
نتائج هذه الزيارة التي تتطلع إليها غرف السياسة في بغداد ستقسم الإطار التنسيقي إلى فريقين يتمثل الأول بالفريق الداعم لحكومة السوداني والذي يرغب باستمرار الدعم الأميركي للنظام السياسي وإعطائه الشرعية للاستمرار، فيما يطالب الفريق الثاني بتنفيذ شروطه المتمثلة بإخراج التحالف الدولي من العراق.
سيناريوهات عدة ترسمها نتائج الزيارة مما قد يصعب التكهن بالقادم من الأحداث التي بدأت تتسارع خطواتها ولا ندري إلى أين تقود المنطقة؟
أقرأ ايضاً
- عالمية زيارة الاربعين
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة