- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قانون العفو العام بوابة المصالحة الوطنية ؟!
حجم النص
بقلم:محمد حسن الساعدي هناك مناقشات جدية في مجلس النواب، من احل إقرار قانون العفو العام بصيغته النهائية، والذي يأتي في ظل خلافات كبيرة من اجل إقراره، الا ان الكثير من المحليين يعتبرون إقراره هو بوابة التسويات التاريخية في البلاد، والتي ستكون مقدمة التهدئة والمصالحة الوطنية المقبلة، خصوصاً وان هناك جهودا مهمة تبذل منقبل الامم المتحدة من اجل الانتهاء من هذا القانون، والسير نحو التسوية في العراق عموماً، والتي بالتأكيد تحتاج الى مقدمات من اجل تطبيقها، ومنها اعتراف جميع الأطراف بالعملية السياسية القائمة، والتلازم بهذا الاعتراف، من جميع الأطراف، والتأكيد على ضرورة ان يكون هناك تمثيلاً حقيقياً واقعياً للسنة العرب، فتعدد الزعامات السنية سواء السياسية، والدينية، خلق جواً من عدم الثقة، وأرباكاً في القرار والموقف. لا شك أن موضوع المصالحة الوطنية من المواضيع المهمة والواسعة، بل لايمكن اختزالها في جانب وترك الجانب الآخر، ورغن تعدد التعاريف لمفهوم المصالحة الوطنية،الا انه ما زال لم يتحقق هذا المفهوم، كونه جاء حديثاً إذ بدأ استخدامه مع نهاية الربع الأخير من القرن العشرين، لاسيما في بعض دول اميركا الجنوبية وبعض الدول الافريقية والتي شهدت انتقال في السلطة وتغير أسلوب الحكم من الوراثي الى الديمقراطي، وذلك سعياً منها للنهوض بالواقع السياسي والاجتماعي في ظل التعددية الحزبية وانهاء حقبة مظلمة من التصلب والقهر في تلك الدول، وانطلاق عملية الإصلاح وترسيخ مفهوم المواطنة، وتفعيل دور المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية وسيادة القانون. أن مفهوم المصالحة هي عملية التوافق الوطني، والتي تنشأ على أساسها العلاقة بين الأطراف السياسية والمجتمعية وتقوم على قيم التعايش السلمي والتسامح، وإزالة آثار صراعات الماضي من خلال بنود اتفاق توضع امام الجميع لقراءتها والاتفاق على بنودها لتكون خارطة الطريق لنقطة الالتقاء نحو حل شامل وكامل لجميع المشكلات وطي صفحة الماضي ووفق مجموعة من الإجراءات التي تهدف الى الوصول لنقطة الالتقاء بين أطراف الصراع. في العراق وبعد عام 2003 حاولت بعض الأطراف السياسية استخدام ورقة الاختلاف الفكري والعقائدي كوسيلة ضغط لاثارة النعرة الطائفية والتي كانت موجودة ولكن بطش الأنظمة البعثية، وسيادة حكم الرعاة والجهلة على العراق جعلت الامر تسود فيه القوة والبطش، ومن يحاول النقد فان قطع اللسان هو مصيره المحتوم، فكانت الوسيلة للايقاع بين أبناء الوطن الواحد، ومحاولة لاثارة الصراعات الطائفية والتي أول ما بدأت بين السياسين أنفسهم والمشاركين في الحكومة منذ يوم ولادتها، بدءً بوضع العراقيل في أي تقدم للعملية السياسية، وعدم المشاركة في الانتخابات والاستفتاء على الدستور، وهذا ما اعطى ذريعة للتدخل الخارجي ليكون هو اللاعب الرئيسي في المعادلة العراقية، وهو من يتحكم باللعبة السياسية وبمصير الشعب العراقي. بعد الاحداث الأخيرة من سقوط مدن الموصل وصلاح الدين والانبار بيد الإرهاب الداعشي، ووضوح الأهداف المرسومة من هذا التحرك الإرهابي على هذه المناطق السنية، والتي بدت فيها الحرب حرباً طائفية بامتياز،لان القوى الإرهابية هم أبناء المناطق ومن تعاون معهم من ايتام النظام البائد والإرهابيين من العرب والأجانب، ليكونوا واقع حال على هذه المناطق، والتي أهلها كان بين مرحب بداعش،وبين من هو ساخط على الوضع، وبين من فضل الهروب واللجوء على مناطق أخرى آمنة، لتكون هذه المدن مستباحة من الأرهابين الأجانب في هتك الحرامات والانتقام من العوائل التي لا تسير خلف رايتهم المشبوهة. لهذا وبالاتساق مع الانتصارات المتحققة على الأرض في قتال داعش وطرد الغرباء وتحرير مدن العراق من دنسهم يأتي مشروع المصالحة الوطنية ليكون حكماً في رأب الصدع وتقريب وجهات النظر والالتقاء عند نقطة يتفق فيها الجميع، وهذا ما يعد مسؤولية الجميع وليس فقط الحكومة والتحالف الشيعي، بل على جميع المكونات السياسية أن تبدي الجدية والشفافية في المشاركة ضمن هذا المشروع الوطني وضمن آليات فعالة ونتائج واضحة وناجعة لجميع المشكلات. وعلى الرغم من الجهود التي تبذل في هذا الجانب الا ان المهم ان تكون هناك إرادة لدى القوى السنية عموما في الداخل او التي تسكن في فنادق عمان والامارات وقطر ان تكون لديها الإرادة في إيقاف منابع دعم الإرهاب والإرهابيين، وفق موقف واضح من الجماعات الإرهابية التي وقعت فتكاً بالشعب العراقي والذي كان أكبر ضحاياها هم السنة العرب. ان من يريد المصالحة الوطنية ينبغي أن يمتلك الإرادة الوطنية، وإيقاف كل المؤامرات التي تحاك في الخارج ضد امن البلاد وسلامه شعبه، وإعلان موقف واضح وصريح من العملية السياسية، والمشروع الوطني الجديد، والمشاركة الفاعلة في صنع مستقبله، على أسس التعايش السلمي واحترام حقوق الشعب العراقي باجمعه.