- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من قال لكم أن داعش لا تقاتل بعقيدة!؟
حجم النص
بقلم:محمد أبو النواعير الإنسان إرادة, بهذه الكلمة نستطيع أن نوصف مشروع الخلق البشري في الوجود, فقد خُلقَ الإنسان وجُبٍلَ على أنه يريد, ويريد دوما, ولن يستطيع أن يعيش يوما واحدا, دون تكون لديه إرادة أو رغبة أو حلم يختاره لتحقيقه, وأعلى مراحل إرادة الإختيار الإنسانية, والموجوده وبشكل فطري لدى جميع البشر, هو حلم العيش في الجنة؛ وفي الثقافات والحضارات السابقة, وبمعّيتها بعض الأديان الوضعية والسماوية المُحَرَّفة, إقتصر مفهوم الجنة عندها, بالجنة السماوية العليا- او في الحياة الآخرةافقط! يعتقد الغرب أن أرقى ما وصل إليه لتحقيق هذا الحلم, هو من خلال تحقيق أرقى نظام سياسي, ووضعوا الديمقراطية في المرتبة الأولى, والتي من خلالها يستطيع البشر أن يحققوا حلمهم , بالعيش في الجنة الأرضية! وهذا يقود الى التضاد مع تعريف الجنة بانها السماوية العليا, إذ أن خطاب هؤلاء يقوم على مبدأ تحقير الدنيا, ومحاولة زرع الحقد في النفوس عليها. انهيار أحلام وإرادات الشباب العربي في الدول العربية, جاء كتداعي طبيعي لعمليات مستمرة, قامت بها الحكومات العربية, من أجل قتل أحلام هؤلاء بالعيش الكريم؛ البديل الوحيد الذي قدمه هؤلاء الحكام والطغات للشباب العربي والمسلم, من خلال منابر الوعض والإرشاد, هو الوعد بالجنة السماوية, والتزهيد بشكل مطلق الى حد الفناء, في تصور الجنة الأرضية وتوصيفها, ولو قمنا بمسح بسيط لمقاطع الفديو التوعوية وخطب المنابر, وقراءة الأدعية الجماعية لديهم, لوجدنا هذا التوجه طافحا بشكل لا يقبل النقاش, وهو ما ساهم في ايجاد التنظيمات الجهادية الإنتحارية! الجمهورية الإسلامية الإيرانية, تعاملت بذكاء مع هذه الإشكالية, حاولت قدر استطاعتها العمل على تحقيق الجنة الأرضية, فطورت بلدها صناعيا وتجاريا وعسكريا واجتماعيا, وحاولت في الوقت نفسه تربية النفوس على العمل والجهاد من أجل الوصول للجنة السماوية, لذا نجدها وقد امتلكت كل أدوات الديمومة والبقاء, وهو بعكس ماهو عليه الحال الآن في الدول العربية. انتشار الربيع العربي, بدل أن يكون ساعيا لتحفيز الشباب الى البحث عن مقومات الجنة الأرضية, من خلال تطوير بلدانهم ونبذ لغة الكراهية والموت, ونشر لغة التسامح والمحبة, على العكس قامت بتغذية الشباب والنشأ على مدى سنين طويلة, على لغة الموت والكراهية العقائدية, وفوضوية لا تستطيع التوفيق بين مفهوم الجنتين, إستقرت أخيرا عند مفهوم الجهاد السلبي, الكاره للحياة الإجتماعية المعتدلة, والطالب للجنة الآخروية بتحطيم كل ما موجود في هذه الدنيا. اختلاف الخطابين, أوقع الحكام العرب بإشكالية عويصة, وهو الخوف من المد الإيراني الفكري والعقائدي, والذي استطاع التوفيق بين القرائتين, خاصة بعد التوصل إلى الاتفاق النووي مع ايران, وهنا سقط ما في أيدي الحكام العرب, وجن جنونهم خوفا, وسارعو بالذهاب لماما أمريكا وولدها الأسمر الذكي, يطلبون منه الحماية والمنعة ضد دولة (جنة الأرض والسماء), فجاءهم جواب الرجل الأسمر واضحا: أصلحوا داخل بلدانكم أولا, وتصالحو مع شعوبكم ثانيا, وعندها فقط تستطيعون الوقوف بوجه ايران! وأخيرا: من قال لكم أن داعش لا تقاتل بعقيدة!؟ *ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآيديولوجيات السياسية المعاصرة