- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
كور متيوك : ( داعش ) صنيعة سعودية قطرية
حجم النص
وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وزبح 21 مصرياً في ليبيا من قبل تنظيم الدولة الاسلامية بطريقة وحشية، تلك الاحداث اعادت الخلافات المصرية القطرية الى السطح، ولقد لعب الملك السعودي الراحل دوراً كبيراً في دعم وترسيخ نظام الرئيس السيسي خاصة بعد المواقف القطرية والتركية حول الثورة التي اطاحت بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي الذي ينتمي الى جماعة الاخوان المسلمين، وفي الفترة القصيرة التي امضاها مرسي في الحكم وجد تعاون قطري تركي بشكل كبير مع فتور تلك العلاقات مع السعودية التي تعاملت معها باعتبارها حكومة منتخبة لكن كان لها موقف اخر، ولقد اتضح ذلك بمجرد الاطاحة بمرسي واعلنت المملكة العربية السعودية دعمها الكامل للثورة المصرية. بينما وقفت السعودية خلف القيادة المصرية المنتخبة بقيادة السيسي بعد عزل مرسي غير ان كل من تركيا وقطر وصفتا ما حدث في مصر بالانقلاب، وموقفهما متقارب من الموقف الامريكي او يتطابق تماماً معها، وظلت قطر عبر قناتها الجزيرة تتحدث عن الانقلاب واهمية عودة الرئيس مرسي الى الحكم، ولقد تلت عزل مرسي وانتخاب السيسي رئيساً اشتعال الاوضاع في سيناء، وتزايد الهجمات الارهابية التي طالت الجيش المصري في منطقة سيناء بالحدود مع قطاع غزة، ووقفت حركة حماس مع الاخوان المسلمين وربما بايعاز من قطر وتركيا التي تربطهما علاقات جيدة مع حركة حماس في قطاع غزة والعلاقة بين مصر وغزة تشوبها توتر كبير للتدخلات الحماسية في شؤون مصر الداخلية بعد الاطاحة بمرسي. بالاضافة الى التوتر في الحدود المصرية مع قطاع غزة في منطقة سيناء حيث يتهم مصر قطر بدعم الارهابيين في سيناء عبر قطاع غزة، ولقد اصبحت سيناء واحداً من اكثر المناطق توتراً، ومع الفوضى التي تعيشها ليبيا بعد الاطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وانقسام ليبيا بين حكومتين وجيشين، حيث يتلقى مليشيات تتبع للمؤتمر الوطني الليبي العام المنتهية ولايتها دعم من قبل قطر والسودان حيث كررت الحكومة الليبية المعترفة بها دولياً اتهام قطر بدعم الجماعات الارهابية، كما حذرت باسقاط اي طائرة سودانية تمر عبر اجوائها ومؤخراً تعرض السفارة السودانية في ليبيا الى عدة محاولات لتفجيرها، ويجمع السودان علاقات جيدة مع قطر، والعلاقات السودانية المصرية تدهورت بعد الاطاحة بمرسي بعد أن سارعت السودان للترحيب بالثورة التي اطاحت بحسني مبارك ولقد خرجت مسيرات عدة في السودان منددة بما سموها بالانقلاب على الشرعية. البيان الذي نسب الى الامين العام لمجلس التعاون الخليجي وانتقد فيها اتهام مصر لقطر بدعم الارهاب، اعتبر ذلك بمثابة تراجعاً للعلاقات الخليجية المصرية من جانب والمصرية السعودية من جانب اخر، وهذا يصب في مصلحة قطر التي مورست لها ضغوطات خليجية كبيرة لاثناءها من مواقفها المعارضة لحكومة الرئيس السيسي التي وجدت الاعتراف والتعاون الخليجي الكامل ما عدا قطر، ووصل الامر بكل من السعودية والبحرين والامارات الى سحب سفرائها من قطر، احتجاجاً على مواقفها، ولقد قدمت قطر تنازلات لتقليل ضغوطات شقيقاتها الخليجيات. وبرحيل الملك عبدالله وتولي الملك سلمان مقاليد عرش المملكة ازدادت المخاوف المصرية من التزام الملك الجديد بالخط الذي كان يسير فيه عبدالله، وربما مازال من المبكر التكهن باتجاه الملك سلمان، لكن رغم صدور بيان من الامين العام لمجلس التعاون الخليجي والمجلس نفسه ينفي انتقاده لمصر وتاكيد المجلس لدعمها الكامل لمصر في حربها ضد الارهاب ومساندتهم لمصر في قصف مواقع تنظيم الدولة الاسلامية، الا ان ذلك لايعني بالضرورة بان البيان لم يصدر خاصة وان الفترة التي صدرت فيها البيان، الاول وبيان النفي يشير الى احتمالية تدارك دول الخليج للامر ومعالجتها لتفادي مايمكن ان تنتج من هكذا بيان في العلاقات المصرية الخليجية، بما لمصر من مكانة كبيرة في منطقة الشرق الاوسط ودور بارز في المنطقة العربية. يظل من الصعب التاكيد بان العلاقات المصرية السعودية ستظل كما كانت في عهد الملك عبدالله وخاصة بعد الزيارة التاريخية الذي قام به الرئيس اوباما وبرفقته وفد ضخم من الجمهوريين والديمقراطيين ووزراء سابقين في ادارات مختلفة بالاضافة الى مسؤولين في ادارة الرئيس اوباما ضمت وزير الخارجية ومستشار الرئيس للامن القومي لتقديم العزاء في وفاة الملك عبدالله وتولي سلمان مقاليد عرش المملكة، و شهدت العلاقات الامريكية السعودية في عهد الملك عبدالله توتراً كبيراً حول ملفات اقليمية عديدة مثل ملف مصر والملف النووي الايراني. مصر في عهد السيسي مواجه بتحديات امنية وسياسية كبيرة جداً في عدة جبهات منها حربها مع جماعات الاخوان المسلمين، وفي سيناء والخطر الذي بدأ يطل براسه من ليبيا وخطورة ما يمثله من ذلك للامن القومي المصري، بالنظر الى الدعم التي تتلقاها الجماعات المسلحة بقيادة كل من قطر والسودان وتركيا، وهذا يشكل تهديداً مباشراً لمصر، لذلك لم يتوانى الجيش المصري من قصف اهداف ارهابية داخل الاراضي الليبية، ويشير بعض الخبراء ان مصر ربما ستضطر للتدخل عسكرياً في ليبيا حتى دون غطاء دولي والتي من الواضح انها لايمكن ان تحصل اليها بسبب معارضة امريكا للخطوة، ولكن في حال تفاقم التحديات من ليبيا فربما مصر ستضطر الى اتخاذ تلك الخطوة، ومع ذلك سيبقى التحديات الاقتصادية وتمويل تلك الحرب عقبة امام مصر لكن إن كانت مضطرة لفعل ذلك فلابد انها ستفعل. الاستراتيجية الامريكية في المنطقة قائمة على خلق فوضى في كل من العراق وسوريا ومصر وليبيا باعتبار الدول الثلاثة يملكون جيوش قوية على مستوى المنطقة العربية وكما أن تلك الدول لها استقلال في اتخاذ قراراتها لم تستطيع امريكا اختراقها، ولقد نجحت امريكا في كل من العراق، وتدمير الجيش العراقي كان طلباً خليجياً قبل ان يكون هدف امريكي لما كان يشكله صدام وجيشه من تهديد على دول الخليج بعد احتلاله الكويت في التسعينيات، ولقد خدمت التدخل الامريكي الاهداف الايرانية ومكنتها من السيطرة على العراق وبعلم امريكي تام، ونفس دول الخليج التي ساندت التحالف الدولي للاطاحة بمعمر القذافي لتتحول الى منطقة تجمع الارهابيين، ونجحوا في احالة ليبيا الى رماد، ونفس تلك الدول هم من يحاربون الرئيس الاسد، لاسباب لا يمكن القبول بها وهي دمقرطة الدولة السورية ومحاربة ديكتاتورية الرئيس الاسد. لكن لماذا يطالب دول الخليج بالديمقراطية في سوريا ومحاربة الديكتاتورية فيها بينما يديرون دولهم بالتوريث والضرب بيد من حديد ؛ اليس الشعوب الخليجية اولى بتلك الديمقراطية بدلاً من الشعب السوري، رغم التاكيد المستمر للسعودية بوقوفها لجانب مصر في حربها ضد الارهاب، غير ان مصلحة السعودية الاستراتيجية في تدمير مصر وجيشها كما تم تدمير الجيش العراقي والسوري، وربما مصر تدرك ذلك جيداً، فتحويل مصر الى سوريا او ليبيا اخر سيجعل مقاليد الملف العربي في يد الملك سلمان، والسعودية بما تملكه من عائدات النفط الضخمة اصبحت تنافس مصر عربياً وفي منطقة الشرق الاوسط، فداعش التي تحاربها مصر في ليبيا والتي تحاربها العراق، هي صنيعة سعودية قطرية بمساندة امريكية لخدمة السياسة الامريكية وتنفيذ سياسة الفوضى الخلاقة، وتخدم اهدافهم في المنطقة لذلك قطر تحفظت على قصف مصر لاهداف تنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا، ومن المعلوم أن داعش ظهرت بعد الدعم الخليجي والتركي السخي للمعارضة السورية من اجل الاطاحة بالرئيس الاسد. إن ارادت مصر العودة لمكانتها كدولة رائدة في الشرق الاوسط وافريقيا، فلابد لها من اعادة النظر في سياساتها الخارجية وخاصة علاقتها مع اثيوبيا حول سد النهضة والتوافق مع دول الحوض والعمل مع اثيوبيا من اجل مصلحة الشعب الاثيوبي والمصري، وعربياً مصر بحاجة الى اتخاذ قرار صعب فدولة قطر التي تحارب مصر بالنيابة عن السعودية، لاتنظر لها باعتبارها تمتلك اقوى جيش عربياً وافريقياً بل تنظر لها كدولة ضعيفة منهارة سهلة المنال، فإن لم يتوقف الخطر الذي يمثله تنظيم الدولة في ليبيا والجماعات الاسلامية المدعومة من قبل قطر، فلن يكون على مصر سواء التدخل عسكرياً في ليبيا للتاكيد انها لاتتهاون ضد مهددات امنها القومي، وانها مستعدة للتعامل مع المخاطر الاقليمية، والتاكيد ايضاً بانها ليست هدفاً سهلاً كما هي سوريا والعراق وليبيا.
أقرأ ايضاً
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- مكانة المرأة في التشريع الإسلامي (إرث المرأة أنموذجاً)
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2