- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
وقفة مع ثلاثة احاديث لرسول الله (ص)
حجم النص
بقلم:سامي جواد كاظم هنالك معيار يجب ان يضعه الباحث عن الحقيقة نصب عينيه وهو اسلوب نقاش العلماني او الوهابي فانهما يعتمدون اما الحديث الضعيف فيبداون بسيل من التاويلات والانتقادات للخطاب الاسلامي او انهما يعتمدان حديث هما يفسرانه وفق رؤيتهم او وفق رد معد سلفا من قبلهم فيطعنون بالاسلام، هذا المعيار هو سنة لدى العلماني والوهابي. لدينا مجموعة احاديث قالها رسول الله صلى الله عليه واله يمتدح بها الامامين الحسن والحسين عليهما السلام وعمار بن ياسر وابا ذر الغفاري رضوان الله تعالى عليهما، هذه الاحاديث لو نظرنا اليها كمن ينظر الى قدمه فاننا سوف لا نفهم ماذا يقصد رسول الله وهذه النظرة هي من يعتمدها الوهابي والعلماني. يقول رسول الله صلى الله عليه واله عن ولديه الحسنين: الحسن والحسين امامان قاما اوقعدا. وعن عمار بن ياسر قال: ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال: يقول عمار أعوذ بالله من الفتن. وعن ابي ذر: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر هذه الاحاديث مذكورة في مصادر الوهابية المعتمدة فلا سبيل للطعن والتكذيب ولكن السبيل في التاويل والتحريف. البعض شكك في حديث الحسنين الا ان مصادرهم ترفض التشكيك ومنها: الصفوري في نزهة المجالس 2 / 184، والصدّيق القنوجي في السراج الوهّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج في باب المناقب، وفي الاتحاف بحبّ الأشراف: أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لهما: «أنتما الإمامان ولأُمّكما الشفاعة»(الاتحاف بحبّ الأشراف: 129) وقد ذكر ابن تيميّة نفسه أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال للحسين (عليه السلام): «هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة»(منهاج السنّة 4 / 210). والسؤال هنا ماذا قصد الرسول وان قعدا ؟ يعني القعود هو اغتصاب الخلافة، والامامة شيء والخلافة شيء اخر فالامامة منصب الهي لا يمكن لاحد ان يغتصب منصب الهي، بينما الخلافة دنيوية فيمكن اغتصابها بالانقلاب وبالتامر وبتزوير الانتخابات وبالاغتيالات واما الحديث الخاص بعمار بان الفئة الباغية هي من تقتله، فهل يعني هذا ان الذي قتل حجر لم يكن باغ وان الذي قتل الحسين لم يكن باغ وان الذي قتل حمزة لم يكن باغ وان الذي قتل ميثم لم يكن باغ ؟ ولكن لماذا قال الرسول عن عمار دون غيره ؟ هنا لابد لنا ولهم النظر الى البعيد لان البعيد لهذا الحديث هو حدث سيشكل على المسلمين معرفة الباغي فيكون الشهيد عمار هم الشهيد على الباغي فله الفصل لمن يجهل علي ويستشهد بعمار في حرب صفين. والحديث الثالث عن ابي ذر فهل ان سلمان المحمدي ليس بصادق ؟ وهل المقداد وحذيفة وعمار ليسوا بصادقين ؟ فلماذا خص ابا ذر بالصدق ؟ هنا لابد لنا النظر الى البعيد فالغاية من هذا الحديث هو هنالك حدث او احداث ستقع في المستقبل يكون ابو ذر طرف فيها وعندها لا يجب مخالفة ابي ذر بقرينة شهادة الرسول عن صدقه، فخلافه مع معاوية ومع الخليفة الثالث وما يردده ابو ذر من ايات كريمة مع تفسيرها وفيمن عنت هي الدليل على صدقه بامر رسول الله. يقول ابن تيمية عن هذا الحديث بانه غير صحيح ودليله المعيار الذي ذكرته اعلاه في كيفية النظر الى هكذا احاديث فانه يقول:" وبتقدير صحّته وثبوته، فمن المعلوم أن هذا الحديث لم يرد به أن أبا ذر أصدق من جميع الخلق، فإن هذا يلزم منه أن يكون أصدق من النبي ومن سائر النبيين ومن علي بن أبي طالب، وهذا خلاف إجماع المسلمين كلّهم من السنّة والشيعة" المصدر ـ منهاج السنّة 4 / 264 ـ 268، لاحظوا تاويل ابن تيمية فانه طبقا للمعيار اعلاه، بل زاد على ذلك جعل المقارنة مع الرسول وامير المؤمنين معتقدا انه في تاويله هذا سيسبب الحرج للشيعة، ولا يعلم اننا مثل هكذا تفاهات لا نلتفت اليها.