- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الصحافة الإلكترونية... هل تكون بديلاً للصحافة الورقية
حجم النص
بقلم: تيسير سعيد الاسدي
(القيت على شكل محاضرة في البيت الثقافي في قضاء الهندية بمحافظة كربلاء )
على الرغم من عمر الإعلام الإلكتروني العراقي القصير، إلا أنه حقق حضوراً واضحاً على المستوى الدولي والاقليمي والمحلي وهو على شكل نوعين، نوع محلي يختص بمدينة أو قرية والاخر على مستوى دولي ،،بمعنى ان الاول يكون خطابك فيه على مستوى المدينة او البلدة والثاني ان يكون خطابك فيه على مستوى الانسانية لانها هي التي تجمع العالم بعيدة عن الدين والطائفة .
في الاعلام الالكتروني يكون الجمهور هو رئيس التحرير الفعلي لان المتلقي يعد العنصر الرئيسي في نجاح أي وسيلة إعلامية، فبدونه لن يكون بمقدور اي وسيلة اعلامية ممارسة دورها الإعلامي والاجتماعي، ويعتبر الجمهور هو رئيس التحرير الفعلي في الإعلام الإلكتروني، فعندما يعرض عن زيارة الموقع، يبتعد المعلن بدوره عنه، ما يتسبب في إهماله ثم إغلاقه نهائياً.
أن الإعلام الالكتروني رغم حداثته استقطب جمهوراً لا يستهان به أمام قصور الإعلام المكتوب عن تلبية احتياجات المتابعين الذين يرون أنه أكثر مواكبة وأسرع في التقاط الحدث والوصول إلى المتلقي.أن الصحافة الإلكترونية تفوقت على الصحافة الورقية التي كان يعتبرها الباحثون الشكل العلمي للصحافة، والسبب في ذلك أنه إعلام تفاعلي يتيح للمتلقي التعبير عن رأيه عند قراءة الخبر عبر ميزة التعليق المتوافرة في آخر المقال، كما يتميز بسرعة نقل الخبر وتعديله وتحديثه.
ومن أهم ميزات الإعلام الإلكتروني السرعة في نقل الخبر بما يحقق السبق الصحفي للوسيلة الإعلامية وقدرته على تجاوز عامل المكان والزمن، وهامش الحرية الكبير الممنوح له.
إن الإعلام الإلكتروني كبقية الوسائل الإعلامية يتواجد في قلب الحدث، ويقوم بتغطية الخبر ولا ينشره إلا في حال التأكد منه"، والقارئ العراقي يعدّ قارئاً نوعياً يستطيع بسهولة ان يمييز المواقع الصادقة عن غيرها، حيث هناك الالاف من المواقع التي تساعده على اكتشاف الخبر الصحيح ومعرفة مصدره الحقيقي. إن ثقة القراء سواء كانوا مؤسسات أم أفراداً تزداد كل يوم بالإعلام الإلكتروني.
لقد بات الإعلام الإلكتروني ضرورة حتمية لابد لأي وسيلة إعلامية التفكير جدياً في التوجه إليه لضمان استمراريتها في عالم الغد، فقد اثبتت التجربة أن الصحافة الإلكترونية بما تمتلكه من مقومات هامة كسرعة النشر وهامش الحرية الكبير والتفاعلية والفضاء اللامحدود سيمكنها من التفوق على الصحافة الورقية مستقبلاً، فمهما بلغ هذا الأخير من الانتشار لن يكون بمقدوره منافسة الإعلام الإلكتروني المترامي الأطراف،وإن جدواه المادية قياساً بالتكلفة المادية القليلة اللازمة لإنشاء موقع إلكتروني، تعد عاملاً آخر يعزز مكانة هذه القطاع ويبرز أهميته
وانا كمتابع يومي بحكم عملي ارى ان التغيير في المشهد الإعلامي بدا جلياً وخاصة في السنوات الاخيرة ولعل أهم هذه المتغيرات سطوع نجم الصحافة الالكترونية، وطرح نفسها كمنافس حقيقي هدد عرش الصحافة المطبوعة لدرجة أن العديد من دعاة الصحافة الورقية غيّر جلده وظهر بحلة الكترونية، ومن هنا يمكن القول ان إعلام الانترنيت وتأثيره على أشكال الإعلام التقليدية يعدّ واحداً من أكثر التغيرات الدراماتيكية التي تركت أثرها في صناعة الإعلام حول العالم، إذ بدأت تتشكل ملامح جديدة لإعلام مختلف عن الذي عهدناه في السابق، حتى القارئ حدث تغيير في مزاجه وطريقة تلقيه للخبر "التكثيف، التوثيق"، وظهر مفهوم جديد يدعى "صحافة المواطن" الذي حرر القارئ من كونه متلقياً سلبياً تنتهي مهمته بمجرد القراءة ليصبح جزءاً فاعلاً في العملية الإعلامية من خلال تعليق أو حتى كونه مصدراً للمعلومة بحد ذاتها، كذلك أصبح الهاتف النقال وسيلة قوية للاستهلاك الإعلامي في المنطقة العربية،والعراق بوجه خاص وبزيادة انتشاره فإن جهاز الهاتف سيصبح وسيلة إعلامية هامة، لذلك يقوم حالياً خبراء الصناعة بتنفيذ شراكات بين مشغلي الاتصالات ومزودي المحتوى الإعلامي، وهنالك دول عدة نجحت في البث التلفزيوني عبر الهاتف.
في العراق تحديداً كانت هناك فورة إعلامية الكترونية، بمعنى ولادة الكثير من المواقع وبشكل ملحوظ، لكن المؤسف أن هذه الولادة كانت مشوهة، حيث أحدثت تلك المواقع من باب التقليد الأعمى ولم يمتلك القائمون عليها رؤية لمشاريع إعلامية متميزة، ما جعل مواقعهم في الدرك الأسفل كنتيجة حتمية لمقولة الإعلام الجيد يطرد السيئ منه، فلم تمض إلا شهور قليلة حتى صنف القراء تلك المواقع الحديثة الولادة في خانة الجيد والوسط والضعيف، وأعتقد أن المجمل صبّ تقييمه في الخانة الثالثة، على حين تجلت المشكلة الأكبر في طريقة تعاطي القائمين على المواقع مع طبيعة المواضيع المثارة على صفحات مواقعهم لتتسم باللامصداقية والهروب باتجاه العناوين الصفراء بغرض كسب المزيد من القراء ولو كان ذلك على حساب الجودة، ما أفقد القارئ الثقة بالمواقع الالكترونية والنظر إليها كمنبر ينشر من خلاله الإساءات والتشهير في أحايين عدة، وطبعاً تستثنى من هذه الحالة مواقع قليلة في العراق تعاملت مع نفسها ومع قرائها باحترام ومصداقية
وهنا سأتحدث عن الحرية المسؤولة بمعنى أن وجود منبر يتمتع بهامش حرية واسع لا يعني الاستسهال ونشر الأخبار الكاذبة أو غير الموثقة، لأننا وبذلك نكون قد وظفنا الحرية المتاحة بشكل خاطئ ومسفّ، بدل استثمارها في طرح مواضيع جريئة تمسّ شريحة واسعة من الناس أو تكشف فساد هذا المسؤول أو ذاك بالوثائق وبطرح منطقي يوصلنا للهدف المنشود، وهو إيصال المعلومة الصحيحة إلى القارئ وعدم تضليله، خصوصاً وأن المواقع الالكترونية حظيت بحرية أكبر من تلك التي منحت للإعلام المطبوع.
بالمحصلة: اقول ان الإعلام يسير باتجاه الصحافة الالكترونية فيما تتقلص مكانة المطبوع لذلك لابد من وجود قانون ينظم عمل الأولى على أن يكون أصحاب المواقع الالكترونية شركاء في صياغة القانون الذي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار ما وصلت إليه الصحافة الالكترونية في العالم، خوفاً من تقييدها وتأطيرها، إذاً المستقبل للالكتروني لذلك علينا جميعاً أن نتعامل بمسؤولية مع هذا الكائن الإعلامي الجديد الذي لا يؤطر ولا يعرف حدوداً جغرافية.
ختاماً نؤكد أن الإعلام الإلكتروني يعدّ الوسيلة الإعلامية الأكثر حضارة وفعالية، حيث جذب الآلاف من الأقلام الصحفية المبدعة التي وجدت فيه ضالتها بعيداً عن روتين الإعلام الرسمي وقوالبه الجامدة، متمكنين من إحداث بصمة واضحة في تاريخ الإعلام العراقي بعد مقدرتهم على تغيير بعض المفاهيم السلبية فيه.
أقرأ ايضاً
- هل ماتت العروبه لديهم !!!
- هل يستحق المحكوم ظلما تعويضًا في القانون العراقي؟
- هل سيكون الردّ إيرانيّاً فقط ؟