- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المحسوبية والمنسوبية.. داء وهل من دواء؟
أخذت مظاهر والمحسوبية والمنسوبة إبان حكم الطاغية تسيطر بشكل واضح على اغلب مفاصل الحياة العامة والخاصة، وكان لها الدور البارز والكبير في قضاء الحوائج لبعض الطبقات الاجتماعية دون البعض الآخر، وانتفت في ذلك الوقت كل قيم المواطنة وخاصة في كثير من دوائر الدولة ومؤسساتها فكان المواطن العادي يتجرع الأمرّين في سبيل تسيير معاملته خطوة واحدة إلى الأمام بينما كان المسؤولون لا تقف أمام مطالبهم ورغباتهم أدنى عقبة.
وقد تنبه بعض المواطنين لهذه الظاهرة فعمد إلى العمل بوسيلة التستر بلباس السادة المسؤولين لكي ينال قسطا من الاحترام والتقدير وبالتالي تسهل مهمته في تسيير معاملته دون اللجوء إلى أساليب الترغيب (الرشوة) التي انتشرت في تلك الأثناء بشكل كبير، وقد تكللت أساليب التستر تلك بالنجاح الكبير.
وقد كان لظاهرة المحسوبية والمنسوبية في ذلك الوقت أعذار كثيرة يكاد يكون من أهمها هو انعدام الطابع الديني للدولة برمتها فضلا عن الدوائر الصغيرة التي تجري فيها تلك العمليات، إضافة إلى انعدام سلطة القانون، وسيطرة سلطة النفوذ والجاه والمناصب على كافة مرافق الحياة وليس في المؤسسات الحكومية فحسب وبالتالي فإن أغلب الموظفين كانوا مضطرين إلى تقدير أشخاص معينين خوفا منهم على مناصبهم التي هي مصدر معيشتهم الوحيد.
أما اليوم وبعد أن تحولت الدولة العراقية برمتها وأضحى من المفترض أن يكون الطابع الديني والأخلاق الإسلامية وسيطرة سلطة القانون هي السمة السائدة في كافة مؤسساته، فمن المفروض أيضا أن تختفي تلك الظاهرة من الوجود لا أن تستشري وتأخذ حيزا أكبر مما كانت عليه إبان ذلك الوقت، خصوصا وأن الكل أصبح ينادي بأن تسود المجتمع أخلاق أهل البيت عليهم السلام، ولكن الملاحظ عكس ذلك تماما فما زالت هذه الظاهرة تلقي بضلالها على تعاملات بعض الموظفين مع المواطنين .
من هنا ولأجل أن ننال رضا الله تعالى عنا ونتجنب سخطه وغضبه علينا فلا يصيبنا ما أصاب الأقوام السالفة من شتى صنوف البلاءات والعقوبات، علينا أن نتخذ – وخاصة في مؤسساتنا الحكومية- من أمير المؤمنين عليه السلام منارا ونبراسا لنا وان ننتهج نهجه وسياسته في التعامل مع العباد على الأسس الإنسانية والأخلاقية، وان لا نحتقر الفقير ونقدر الغني، بل علينا أن نعامل الجميع على أساس المواطنة على اقل تقدير دون اعتبار لزي معين أو منصب ما أو سمعة أو مكانة وان فعلنا هذا وغيره من الأخلاق الحسنة حينها فقط يمكن أن يقال لنا أننا امة مسلمة حقا نتبع الرسول(صلى الله عليه وآله) وأئمة أهل البيت عليهم السلام، ويمكن أن نباهي العالم كله ونقول له: هلم لترى قوانين الإسلام الحقة وأخلاقه الفاضلة وإنسانيته الرائعة التي لا تشوبها شائبة ولا يعتريها نقص.
أقرأ ايضاً
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- القُرَّاء وموضوع التنوع في الأداءات.
- مجالس المحافظات.. صراع الأخوة الأعداء