- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
نرجسية الشخصية العراقية - خسارة المنتخب العراقي نموذجاً
كغيره من شعوب الارض، تميز الشعب العراقي بصفات تميزه عن غيره من الشعوب وتعطيه ملامح خاصة يعرف بها دون غيره من امم الارض. والفرد العراقي كجزء من هذا الشعب يؤثر ويتاثر بما حوله من متغيرات وثوابت. وقد ناقش العديد من علماء النفس والاجتماع سيكولوجية الفرد العراقي ربما يقف في مقدمتهم العلامة المرحوم الدكتور علي الوردي. وقد لايتفاجئ المرء حين يجد ان بعض الفرضيات التي وضعها الوردي في دراساته حول شخصية الفرد العراقي يجد ان لها كل يوم مصاديقا في تصرفات الناس من حوله اذ لابد ان هذه الفرضيات جاءت عن دراسة معمقة للمجتمع ولكن الذي يبدو غريبا هو انكار العراقي لهذه الفرضيات عندما توجه اليه مباشرة ويعتبرها تهمة باطلة..... فلو ان احدا في مجتمعنا قيل له انك ذو رأيين او انك متقلب الاراء وغير مستقر لهاج واعتبر ان هذا الكلام اهانة لمشاعره وكرامته ولكنه بعد قليل يمكن ان يقول هو هذا الكلام عن نفسه او عن شعبه....
نرجسية الفرد العراقي غريبة، فقد تعودنا منذ الصغر ان لا نقبل بالخسارة ولانتقبلها....تربينا في مجتمعنا -رغم الهزائم النفسية المريرة الكثيرة- على عدم الاعتراف بالهزيمة..... تاملت كثيرا حين اعلنت السيدة كلنتون هزيمتها امام اوباما وفكرت هل هناك سياسي عراقي واحد يتجرأ ان يظهر على شاشات التلفزيون ويقول انا خاسر؟؟؟؟؟؟؟
ان خسارة المنتخب العراقي امام قطر وخروج بطل اسيا خروجا دراماتيكيا من البطولة الاغلى في العالم وماتلاها من تصريحات وتعليقات من هنا وهناك تمثل نموذجا حيا وحقيقيا على نرجسية الشخصية العراقية.....فاللاعب العراقي لم يستوعب في قرارة نفسه ان البقاء على القمة اصعب بكثير من الوصول اليها وبهذا خاض منتخبنا التصفيات العالمية بنشوة كأس اسيا والاستهانة بالخصم بطريقة غريبة وهذا كان واضحا في مباراتنا الاولى مع الصين.....وحتى مباراتنا الاولى مع قطر بدا منتخبنا وكانه في وحدة تدريبية.... انه الغرور الذي قتل صاحبه...
يقول الدكتور الوردي ان المجتمع العراقي لا يسمح بظهور العظماء ويفهم من كلامه ان العراقي بطبيعته كثير الانتقاد للاخرين ويقيس تصرفات الناس بمقياس الانبياء فمن يخطأ فهو في نظره مجرم يستحق الموت ...علما انه هو بذاته لايتردد ولايخجل من تكرار هذا الخطا وربما يفتخر بارتكابه......
نحن العراقيون غريبون في تحليلنا للامور ونفسر تصرفات الاخرين بطريقة صعبة ومبهمة.....فحين يفوز لاعبونا بكاس اسيا يكونون اسود الرافدين وابطال واصحاب غيرة (غيرتك حلوة) وحين يخسرون كغيرهم من الفرق يكونون خونة !!!!!!..... فبعد الفوز بكاس اسيا بايام لم يكن احد يجرأ في الشارع العراقي على انتقاد يونس محمود... والذي لم يكن مستواه اعلى من غيره بل على العكس في بعض المباريات كان عبئأ على الفريق ولكن الحظ والاعلام صوره انه موحد العراق وبطله الذي سينقذه.... ولو ان احدا حينها قال ان يونس لايمتلك مهارات حقيقية او انه كثير الاخطاء لتعرض الى هجوم كاسح وربما خرج من الملة واظن ان موقع كتابات سيشن حملة ضده لرد الاعتبار لمنقذ العراق يونس.....
والان بعد الخسارة اتضح ان يونس وزملائه خونة ومرتشين..... وكنت اتمنى ان لا يشارك موقع مثل كتابات بعملية التشهير هذه.... لا خوفا على احد وانما احتراما لقراءه...
خسرت المانيا وهي بطلة العالم واوربا لمرات عديدة خسرت امام كرواتيا وقدمت اداء هزيلا حتى ان احدهم قال لم اشاهد المانيا وانما منتخب العراق وشبه (بالاك) بنشأت اكرم.... ولكن لم نسمع ان احدا في المانيا اتهم اللاعبين بالخيانة...
انها الشخصية العراقية الغريبة التي ترفع وتضع بغمضة عين.... وانها النرجسية التي ترفض الاعتراف بالهزيمة .... ليس عيبا ان تهزم ابدا.....وليس خروجنا من كاس العالم اهانة .... فنحن بلد محتل وخرجنا من حروب واقتصادنا منهك وشعبنا لا يزال يعاني وعندما نفوز فانها هبة وتوفيق من الله واذا خسرنا فلسنا افضل من غيرنا....
المنتخبات الخليجية هي الاغنى ماديا في العالم العربي وتعودت الخسارة والخروج من البطولات.... المنتخب الاماراتي خرج من نهائيات اسيا وهو بطل خليجي 18 ... راتب اللاعب الاماراتي يعادل رواتب نصف منتخبنا... وهو لايعاني من فقدان الامان والبعد عن الاهل ولايعاني من تاشيرة دخول وعرقلة في المطار ويتمتع باحلى معسكرات تدريبية في اروع بقاع الارض... وعندما يخسر لااحد يعاقبه...
هل فكرنا ماذا قدمنا لمنتخبنا قبل ان يخوض امم اسيا؟؟؟ لاعبين يتجمعون قبل يومين من المباريات بدون تمرين بدون جمهور بدون استراحة...... هكذا فريق عندما يفوز نصفق له وعندما يخسر نقول له هارد لك وماقصرت....
اذا تعاملنا مع كل خسارة بهذه القسوة سياتي يوم لا نجد احد يتجرأ ان يصبح لاعب منتخب او مدرب .... فالافضل لهم ان يلعبو فقط في انديتهم....وهذا افضل لهم فلو ان فريق الغرافة خسر الدوري ماذا سيحدث؟؟؟ اقسى احتمال هو ابعاد لاعبيه وبينهم يونس وانهاء عقودهم الاحترافية وسيجدون اندية اخرى ترحب بهم.... فماذا سيستفيد اللاعب من المنتخب اذا كان لا يسمح له بالخسارة؟؟؟؟
الفوز طعمه رائع.... لكن الروح الرياضية تعني تقبل الخسارة... وعندما نخسر لايعني اننا الاسوء فايطاليا خسرت وهولندا وانكلترا لم تتأهل وهذه فرق عالمية وتخسر كثيرا امام منتخبات متواضعة.....
قطر بالذات اخرجتنا من كاس العالم عام 1990 وفي ملعب الشعب الدولي على ايام حسين سعيد واحمد راضي وعدنان درجال وجيل العمالقة الذي لاينسى.... بكينا كثيرا يومها ولكن لم نتهمهم بالخيانة ....
اظن والله اعلم انها نعمة من نعم العراق الجديد ان نخون بعضنا بعضاً
أقرأ ايضاً
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى