- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الجريمة الالكترونية والحاجة لتشريع قانون مكافحتها
بقلم: إسراء نادر كيطان
يشهد العالم اليوم تطوراً واسعاً في مجال التكنولوجيا الرقمية خصوصا في الفضاء الافتراضي، وبما ان البيئة الرقمية او الالكترونية لها رواد عدة فقد وجد بعض المجرمين التقنيين في هذه البيئة ارضاً خصبة لارتكاب صور متعددة من الجرائم الالكترونية عبر وسائل الاتصال الالكترونية الحديثة، ويقصد بالجريمة الالكترونية او السيبرانية (هي كل فعل تم اعداده او التخطيط له باستخدام الحاسوب الآلي او تقنية المعلومات لتسهيل ارتكاب عمل مخالف للقانون في اطار الفضاء الافتراضي)، ولهذه الجريمة صور عديدة منها التي تقع على الاشخاص (كالابتزاز الالكتروني) وجرائم الاموال الالكترونية والجرائم الالكترونية الماسة بأمن الدولة وغيرها من صور الجريمة الالكترونية التي هي في تطور مستمر في اطار الفضاء الافتراضي، ولهذه الجريمة كالجريمة العادية ثلاثة اركان وهي (الركن الشرعي، والمتمثل بمخالفة الفعل للقانون ،والركن المادي وهو ماديات الجريمة التي تظهر الى العالم الخارجي، اذ يكون هذا الركن في الجريمة الالكترونية ذات طبيعة مختلفة فهو ينصب على نظام الكتروني يتم اقتحامه على نحو غير مشروع يظهر بصورة تدمير للمعلومات واتلافها وسرقتها وهذا يتطلب وجود بيئة رقمية مما يكون هناك صعوبة في اثبات ماديات هذه الجريمة، اما الركن الثالث فهو الارادة نحو ارتكاب هذا الفعل).
فضلا عن ذلك فأن الجريمة السيبرانية تتميز بخصائص عديدة منها انها جريمة مستحدثة ولدت وظهرت مع ظهور التكنولوجيا، كما انها جريمة متعددة الاوصاف فليس لها مفهوم مشترك الى الآن، كذلك انها من الجرائم العابرة للحدود وهذا اخطر ما يكون فيها لان شبكة الانترنيت اعطت امكانية لربط اعداد هائلة من اجهزة الحاسوب المرتبطة بالشبكة العنكبوتية من دون ان تخضع لحدود او زمان او مكان ، فمن السهولة ان يكون المجرم في بلد والمجني عليه في بلد اخر.
ولخطورة هذه الجريمة واتساعها وسرعة ارتكابها ظهرت الحاجة الى وجوب مواجهتها وتنظيمها بشكل قانوني، واذا عدنا الى القانون العراقي فنجد على الرغم من وجود محاولات سابقة لإقرار هكذا قانون إلا انه الى الآن لا يوجد قانون لمكافحة الجريمة الالكترونية، وانما يتم الاعتماد على ما ورد من قواعد واحكام في قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969 وقانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 بما يتناسب مع هذه الجريمة المستحدثة، و لتزايد خطورة هذه الجريمة في وقتنا الحالي واثرها على امن المجتمع اصبحت هذه القواعد غير كافية لمعالجة مايحدث من جرائم.
لذلك وجوب وجود اطار قانوني خاص يوفر الحماية القانونية ويعاقب كل من يرتكب فعلا مخالفا للقانون في اطار الفضاء الافتراضي واقتران تلك العقوبات بضروف مشددة على وجه الخصوص بعد ظهور حالات جديدة كالابتزاز الالكتروني والانتحال والاحتيال والتعدي على قيم المجتمع فأن هذه الافعال تتحدى القانون والمجتمع وتطوع العقل العلمي والفني الى عقل اجرامي مقترن بخلل نفسي.
مما يؤدي بدوره الى المساس بالحياة الخاصة للأفراد وتهدد الامن والسيادة الوطنية، ولكل ما ذكر ولعدم قدرة القواعد العامة في مواجهة خطر الجريمة الالكترونية وردع المجرمين، فنحن امام نقص تشريعي واضح لذلك العراق بحاجة الى تشريع قانون لمكافحة الجريمة الالكترونية وبيان احكام تفصيلية لمواجهتها مع وجوب التوعية بخطورة هذه الجريمة لانها لا تمس امن الافراد فقط فهي تمس امن الدولة بشكل عام لان الجريمة الالكترونية لاتوجه نحو الافراد فقط انما قد توجه نحو الدولة ايضاً كاستهداف البنى التحتية للدولة ومرافقها العامة المرتبطة بشبكة الانترنيت من خلال تعرض الدولة الى هجمات سيبرانية لذلك نؤكد على ضرورة تشريع قانون يسمى بقانون مكافحة الجريمة الالكترونية.
أقرأ ايضاً
- اجتماع النقيضين في القانون المدني العراقي
- صهاينة تحت القانون
- الأطر القانونية لحماية البيئة من التلوث في التشريع العراقي