القاضي إياد محسن ضمد
ترتكز جريمة الاحتيال على استخدام الجاني طرقاً مخادعة ومحتالة لحمل الضحية على تسليم مال منقول أو غير منقول للجاني في لحظة يغيب فيها وعي الضحية ورشده وتقديره الصحيح للأمور.
لم يقف الجناة عند استخدام وسائل الاحتيال التقليدية بل راحوا يلجؤون لوسائل التكنولوجيا الحديثة من شبكات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لارتكاب تلك الجريمة، فمرة من خلال إنشاء صفحات احتيالية لتقليد مواقع معروفة يروم الضحية الحصول على خدماتها، ومرة من خلال إرسال رسائل بريد الكترونية خادعة لمجموعة من حسابات المستخدمين للإيقاع بهم، وفي جميع الأحوال ينجح المتصيد الاحتيالي في الحصول على البيانات الشخصية والمالية للمستخدمين -الضحايا- بشكل سلس وانسيابي مستغلا حاجة الضحايا او قلة معرفتهم ودرايتهم، كما أسلفت.
المتصيد الاحتيالي يظهر وكأنه موقع أو كيان أو صفحة موثوق منها وبعد أن يرسل رابطاً إلى الضحية ويحصل على بياناته والرقم السري لبطاقته الائتمانية أو رقم حسابه يقوم بالاستيلاء على الأموال المودعة لديه، وأحد تلك الأساليب يتمثل في أن تصل للضحية رسالة من صفحة تنتحل صفة هيئة الضرائب توجب على الضحية سرعة المراجعة الالكترونية للموقع لتسديد مديونية ضريبية فيشعر الضحية بالخوف وينقر على الرسالة المقترنة برابط فيتم طلب بعض بياناته وأرقامه السرية وهكذا وصولا إلى قرصنة بياناته وحساباته ومن ثم الاستيلاء على أمواله، وهناك التصيد الاحتيالي الصوتي والتصيد من خلال الرسائل النصية.
في العراق فأن الواقع العملي يشهد الكثير من صور التصيد الاحتيالي وأكثرها شيوعا انتحال مواقع شركات صرافة معروفة في منح مبالغ الدولار للمسافرين وانتحال صفحات المصارف المعروفة كالرافدين والرشيد وايهام الضحايا الراغبين بالحصول على قروض بان الصفحة التي يتصفحونها عائدة للمصرف فيدخل الضحية للحصول على قرض ويبدأ المتصيد الاحتيالي بطلب مجموعة من البيانات للوصول الى هدفه, كذلك الاستثمار المالي وشراء الأسهم من خلال مواقع على الانترنت تعتبر من الوسائل الاحتيالية الشائعة في واقعنا العملي.
وإزاء خطورة جريمة التصيد الاحتيالي مع صعوبة كشفها وتعقب مرتكبيها فلا مناص من اللجوء للوسائل التثقيفية للموظفين والمواطنين على طرق وأساليب التصيد الاحتيالي من خلال إدخالهم في دورات توعوية وتعريفية وتدريبهم على عدم الوقوع في شراك المحتالين وكيفية تقوية أمنهم المعلوماتي وعدم الإفصاح عن بياناتهم السرية للصفحات غير الموثوق بها كذلك يقع على عاتق الشركات والمؤسسات الرسمية مسؤولية إدخال موظفيها في دورات تثقيفية من هذا النوع لحماية الأمن المعلوماتي للشركات والموظفين على حد سواء من مخاطر التصيد الاحتيالي وأضراره الاجتماعية والاقتصادية.