مع مطلع العام 2024 شهد العراق تحول كبير باعتماد الدفع الالكتروني في أغلب المؤسسات الحكومية وباتت دوائر المرور والجوازات والجنسية والبلدية والكهرباء وغيرها الكثير لا تستلم الرسوم بالطريقة النقدية، وانتشرت أجهزة الدفع الالكتروني في العديد من الأسواق ومحطات الوقود والمطاعم وحتى الصيدليات وأصبح من النادر لا يمتلك مواطن عراقي بطاقة دفع الكتروني.
أمال كبيرة بالتحول الالكتروني
أستبشر المواطنون بعملية تحول الدفع الالكتروني لعدة أسباب، منها الحفاظ على النقود من التلف والتخلص من حالات التزوير في بعض الأحيان، وسهولة الحفاظ على أموالهم من الضياع، والانتهاء من أعذار بعض عاملي محطات الوقود بأخذ أموال أعلى من التسعيرة، هذا ما يؤكد الفريق المؤيد للتحول الإلكتروني، ويقول كرار هاشم لوكالة نون الخبرية، إن "فكرة عملية الدفع الالكتروني في العراق ممتازة وتوفر للمواطنين إمكانية الشراء عبر التطبيقات وهم جالسين في منازلهم، أو دفع الأقساط وحتى تحويل الأموال علاوة على إمكانية تسديد الرسوم الحكومية وشراء الحاجيات اليومية، ولأن التجربة فتية لا بد من الجهات المعنية تطوير الطرق والأنظمة الخاصة بهذا التحول وسد الثغرات الموجدة، وحل معضلة الانترنيت المرتبطة كلياً بهذه الأنظمة، وهناك ضرورة لنشر التوعية بين المواطنين لتحذيرهم من عمليات الاحتيال والسرقة التي تعرضوا لها بعضهم".
احتيال احترافي والمغفلين أبز الضحايا
ويرى بعض المواطنين أن عملية الدفع الإلكتروني فتحت باباً لعمليات النصب والاحتيال، ويروي المواطن حيدر عبد الله خلال حديثه لوكالة نون الخبرية، تفاصيل محاولة النصب والاحتيال التي تعرض لها، أن "هناك مكالمة هاتفية وردت إليَّ، وعرف المتصل عن نفسه أنه موظف في المصرف وأبلغني لديك علاوة وترفيع والمبلغ المضاف (467.000) ألف، وطلب مني بعض البيانات الخاصة، وقبل الدخول في التفاصيل سألته في أي مصرف تعمل أنت، فقال (مصرف الرافدين) ولسوء حظه أبلغته لست مرتبط بهذا المصرف، وأغلق الخط على الفور ووضعني في قائمة الحظر واكتشفت ذلك بعد محاولات اتصال عديدة أجريتها".
فيما يبيَّن المواطن وئام الياسري، لوكالة نون الخبرية، عملية الاحتيال التي وقع ضحيتها وخسر خلالها نحو (150) ألف دينار خلال ثواني، ويقول "وردني اتصال من رقم مميز يعود لشبكة زين وعرف عن نفسه انه موظف في قسم (زين كاش) ولديه تحديث خاص ببطاقة الدفع الالكتروني الخاصة بيَّ، وطلب مني أزوده برمز أمان بعدما يصلني على صندوق الرسائل وبالفعل أرسلت له الرمز وبعد دقائق معدودة أدركت الخطر وذهبت إلى محفظة النقود الإلكترونية فوجدتها خالية من الأموال، وسرعان ما اتصلت على الشركة مباشرة والجهات الأمنية وأبلغتهم بالحالة وزدتهم برقم المحتال لكن دون أي نتيجة تذكر".
بعض الضحايا يساعدون المحتال
وفي ذات السياق يؤكد الخبير التقني حسام العويدي في حديثه لوكالة نون الخبرية، أن "أغلب عمليات الاحتيال التي تحصل تكون بمساعدة الضحية من حيث لا يشعر فالشركات لا تطلب البيانات عبر الاتصال الهاتفي، ومن يدلي بمعلوماته للمتصل فقد وقع في الفخ، وهناك بعض المواقع الالكترونية الملغومة تسرق البيانات بعد الشراء عن طريقها، وعلى المشتري التأكد من الموقع قبل إجراء أي عملية، وعلى المواطن قراءة التعليمات والتحذيرات الخاصة بالبطاقة والالتزام بها".
ويدعو المواطنين إلى "ضرورة توخي الدقة والحذر عند التعامل الالكتروني واستشارة ذوي الخبرة قبل الشراء في حال كان الموقع الالكتروني يثير الشك أو جديد".
تحذير رسمي من صفحات تمارس النصب والاحتيال
وكان مصرف الرافدين، قد حذر زبائنه من صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تمارس النصب والاحتيال، حيث ذكر المصرف في بيان تلقته وكالة نون الخبرية، أن "مصرف الرافدين يدعو زبائنه إلى عدم التعامل مع صفحات على التواصل الاجتماعي تمارس النصب والاحتيال كونها صفحات كاذبة تستدرج المواطنين للإيقاع بهم من خلال مطالبتهم ببياناتهم ومعلوماتهم الشخصية".
وحث المصرف، الزبائن إلى "الالتزام بسرية البيانات المصرفية وعدم الإفصاح عنها لأي جهة كانت حتى إذا ادعت بأنها من دائرة الموظف أو من المصرف وعدم التعامل مع أي جهة غير موثقة عن طريق الهاتف أو من خلال الاتصال والإبلاغ عنها للجهات المختصة".
مشاكل تقنية بأجهزة الدفع تكبد المواطن خسائر
من جانبهم أشتكى عدد من المواطنين حول أجهزة الدفع الالكتروني POS التي باتت تستقطع أموالهم، ويشير المواطن علي المرهج لوكالة نون الخبرية، إلى أن عملية شراء الوقود لسياراته كلفته ثلاثة أضعاف السعر حيث "اشتريت نحو (35) لتر من البنزين المحسن، بـ (90) ألف دينار عراقي علماً أن سعر اللتر (850) دينار، والقصة تكمن بفرض الدفع الالكتروني، فعندما انتهيت من عملية الشراء قدمت بطاقة الدفع ليستقطع المبلغ وفشلت عملية الاستقطاع، وكرر العملية على جهاز دفع ثاني وفشلت العميلة، فابلغني عامل المحطة بأن نظام الدفع فيه خلل، الأمر الذي أجبرني لدفع (30) ألف نقداً، وبعد دقائق وصلتني رسالتين من الشركة المقدمة للخدمة انه تم صرف (30) ألف دينار أي المبلغ الإجمالي للوقود أصبح (90) ألف دينار".
ويلفت إلى، أن "كمية الاستقطاع دفعتني للعودة إلى محطة تعبئة الوقود فوراً، وأبلغت الموظف بالحالة ورد عليَّ بأن الورقة تبيَّن عدم استقطاع الأموال ونحن نتعامل وفق هذه النتيجة، وأقترح عليَّ الاتصال بالشركة وبالفعل اتصلت وأنفقت مبلغ (10) آلاف دينار على انتظار رد الموظف المختص ولم أحصل على أي إجابة، والنتيجة النهائية لـ (35) لتر من البنزين المحسن الذي اشتريته من محطة حكومية كلفني (100) ألف دينار بدلاً من (30) ألف".
تحديث كفاءة أنظمة المدفوعات في العراق
من جانبه يؤكد المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء مظهر محمد صالح، أن سياسات المدفوعات التي أطلقتها الحكومة منذ عام، تعد من أهم القضايا التي جاء بها البرنامج الحكومي في نطاق تطبيق مبادئ الحوكمة الالكترونية والتي أهم اذرعها تحديث كفاءة أنظمة المدفوعات في بلادنا والتحول من المدفوعات النقدية إلى المدفوعات الرقمية، ويقول صالح لوكالة نون الخبرية، إن "تطبيقات التحول المتسارع لها عوامل ايجابية عديدة أولها تنامي أعداد شركات الدفع الالكتروني في عموم البلاد إلى قرابة ١٣ شركة دفع اغلبها فاعلة في ساحة العمل والثانية، التوجه نحو الصيرفة الالكترونية بإجازة عدد من المصارف الرقمية الفاعلة بهذا الشأن والثالثة، تطور البنية التحتية الرقمية المتعلقة بالدفع الالكترونية، رافقها اتساع نطاق استعمال أجهزة الدفع الالكتروني والرابعة اعتماد مجلس الوزراء للتعليمات والضوابط القانونية الميسرة لتنظيم قطاع المدفوعات والتحول الرقمي، وأخرها تحول عمليات الجباية للمؤسسات الحكومية نحو الجباية الالكترونية".
14 مليون حساب مصرفي و20 مليون مواطن حامل لبطاقة
ويتابع حديثه، أن "ارتفاع المدفوعات الرقمية في محطات الوقود الحكومية وغيرها على سبيل المثال الى قرابة نصف العمليات حالياً وهي في حراك متزايد لتستكمل المحطات كافة متطلبات الجباية الرقمية حتى نهاية العام الحالي، كذلك ستستكمل الجباية الكترونية الحكومية في مفاصل النشاط الحكومي كافة المسار الزمني نفسه في التحول نحو الجباية الالكترونية، والنتائج المتوخاة من إشاعة المدفوعات الرقمية تتمثل بارتفاع عدد الحسابات المصرفية الى قرابة 14 مليون حساب مصرفي وهي تغطي نصف عدد البالغين في بلادنا وان الهدف هو ان يكون لكل مواطن بالغ حساب مصرفي، وهذه الطفرة في عدد الحسابات المصرفية عززها استخدام بطاقات الدفع الإلكترونية التي لامست قرابة 20 مليون مواطن حامل لبطاقة الدفع الكتروني وان غالبية بطاقات الدفع الالكتروني مرتبطة مباشرة بحساب مصرفي شخصي وهو أمر بات يجسد التنامي المتسارع لأهداف الشمول المالي الرقمي هي ان تلامس الخدمات المصرفية اكثر شرائح المجتمع ضعفاً".
ثلاثة أهداف أساسية بتحديث الحياة الرقمية في العراق
ويشير إلى، أن "التحول من المدفوعات النقدية إلى الالكترونية سيحقق ثلاثة أهداف أساسية في تحديث الحياة الرقمية بالعراق في آن واحد، منها تعظيم مستوى التدفقات النقدية إلى الجهاز المصرفي مما يؤدي إلى التقليل من ظاهرة مخاطر السيولة النقدية المصرفية وسيترتب على ذلك النمو في السيولة المصرفية من تعاظم في الروافع المالية للجهاز المصرفي التي تقود الى نمو الائتمان النقدي وتحقيق مستوى أعلى من العمق المالي وما يرتبط بمؤشرات الائتمان الى الناتج المحلي الاجمالي، ويساعد التحول نحو المدفوعات الرقمية على زيادة الايرادات النقدية الحكومية وانتظامها او ما يسمى بالتدفقات النقدية للخزينة العامة وعلى نحو متسارع ذلك في اطار تنمية حساب الخزينة الموحد الذي يعد احد اهم اهداف الإصلاح المالي في العراق، وفي ضوء ما تقدم ستشهد البلاد مؤتمرا فنياً للمدفوعات الالكترونية ستلتئم فيه اطراف المصلحة المعنية بالدفع الالكتروني كافة ذلك لإجراء تقييم شامل لمرحلة التحول نحو المدفوعات الرقمية ورسم مسارات المستقبل وتقييم النجاحات المتحققة والخروج برؤية متكاملة للانتقال الى المرحلة الرقمية القادمة في المدفوعات".
ابراهيم الحبيب - كربلاء
أقرأ ايضاً
- نينوى تخسر 40% من أراضيها الزراعية بسبب الاستثمار الجائر والتوسع العمراني
- "الاستثمار في العقار" يلجأ اليه المواطنون والتجار ومسؤولو الأحزاب الحاكمة لانعدام ثقتهم بالبنوك
- الوصفة الطبية الإلكترونية.. مشروع في مهب "العمولات"