عادت مشكلة رواتب الموظفين في إقليم كردستان إلى الواجهة من جديد، نتيجة أزمة مستحدثة تمثلت بزيادة قيمة الرواتب عبر تعيينات أجرتها حكومة الإقليم، فضلا عن إضافة أسماء موظفين يتقاضون رواتب من الحكومة الاتحادية في كركوك وديالى ونينوى، ما أدى لاتهامات متبادلة بين الأحزاب الكردية، وإيقاف الحكومة الاتحادية صرف الرواتب في كافة الإقليم، دون حلول واضحة، في ظل تظاهرات للموظفين المتضررين في السليمانية.
ويقول السياسي الكردي المستقل، لطيف الشيخ، إن “حكومة إقليم كردستان وأحزاب السلطة الحاكمة هي السبب الرئيسي وراء تجدد أزمة الرواتب، إذ هنالك زيادة على قائمة الرواتب لشهر تموز عن حزيران، تقدر بنحو 120 مليار دينار (نحو 80 مليون دولار)، نتيجة قيام أحزاب السلطة بحملة تعيينات وعقود غير مدروسة”.
ويضيف الشيخ، أن “هذه الأحزاب قامت بالآلاف من التعيينات وتقاسمتها فيما بينها، كما قامت بنقل موظفيها الحزبيين إلى ملاك حكومة الإقليم، ما أثقل قائمة الرواتب، التي كانت لا تتجاوز مبلغ 940 مليار دينار سنويا، في حين تبلغ حاليا نحو تريليون و60 مليار دينار”.
ويبين أن “هذا الأمر تم اكتشافه من قبل بغداد (الحكومة الاتحادية)، حيث وجدت أسماء متكررة وأخرى متشابهة، وأيضا أسماء جديدة لم تستلم راتبا سابقا، وهناك موظفون كُرد لدى الحكومة الاتحادية في محافظات كركوك ونينوى وديالى، وحتى داخل الإقليم وهم مسجلون لدى ملاك بغداد، ولكنهم أيضا مسجلون على ملاك حكومة الإقليم، وهذا الأمر تم اكتشافه من خلال التدقيق”.
ويشير السياسي الكردي، إلى أن “حكومة الإقليم هي من تتحمل أزمة معاناة الموظفين والمواطنين، فالحياة عادت مشلولة مجددا، نتيجة لتأخر صرف الرواتب لأكثر من 50 يوما، ومشهد الإضرابات عاد مرة أخرى، ولا أمل باستقرار هذا الملف إطلاقا”.
ومضى أكثر من 50 يوما دون أن يتلقى موظفو القطاع العام في إقليم كردستان رواتبهم لشهر تموز الماضي، إثر خلافات بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد حول توطين الرواتب، في ظل تحفظات اتحادية على مخالفات في قوائم أسماء الموظفين، فيما صعدت القوى الكردية المعارضة من حدة خطابها ضد سلطة الحزبين الحاكمين “الديمقراطي” بزعامة مسعود بارزاني ونظيره “الاتحاد الوطني” بزعامة بافل جلال طالباني.
من جانبه، يؤكد النائب في البرلمان عن حزب العدل الكردستاني سوران عمر، أن “لجنة التدقيق المعنية بمراجعة قوائم الموظفين في إقليم كردستان اكتشفت خللا في 28 مؤسسة ووزارة في الإقليم، وبالتالي تم تأجيل صرف الرواتب”.
ويتابع عمر، أن “حكومة الإقليم أحدثت زيادة في المبالغ، وهي من تتحمل التأخير، وهنالك أرقام فضائية (وهمية) وأعداد غير حقيقية، خاصة في المؤسسات الأمنية”.
ويوضح أن “وزارة المالية الاتحادية تطالب حكومة الإقليم بتسليم لوائح أسماء الموظفين المسجلين وفق النظام البايومتري، ولكن قسما من الأسماء التي يتم إدراجها الآن وضعت في محل الأسماء الوهمية والمكررة، كما أوضحت الوزارة أن أربيل ترسل في كل شهر لائحة أسماء مختلفة عن سابقتها وتحوي على زيادة في الموظفين ما عقد من عملية التدقيق”.
ويلقي استمرار الخلاف بين بغداد وأربيل بظلاله على الاستعدادات الجارية لتنظيم انتخابات برلمان إقليم كردستان والمقررة في 20 تشرين الأول المقبل، حيث من المنتظر أن تكون أزمة الرواتب إلى جانب تدهور الخدمات في موازاة زيادة حادة في الضرائب، محورا رئيسا في الحملات الانتخابية للأحزاب الكردية.
بدوره، يحمل القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني برهان شيخ رؤوف، نظيره الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسؤولية تأخر صرف رواتب الموظفين.
ويشرح شيخ رؤوف، أن “رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني من الحزب الديمقراطي، ووزير المالية في الإقليم آوات شيخ جناب، من حركة التغيير، وبالتالي الاتحاد الوطني لا دخل له إطلاقا بأزمة الرواتب”.
وينبه إلى أنه “يوجد قرار صريح وواضح من المحكمة الاتحادية بتوطين رواتب الموظفين لدى المصارف الاتحادية، لكن رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني والحزب الديمقراطي هم من يعطلون عملية توطين الرواتب، لغرض استفادة المصارف الأهلية التابعة لهم، ويصرون على مشروع (حسابي)”.
وينفي القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني قيام حزبه بـ”أي تعيينات أو عقود”، مؤكدا أنه “غير مسؤول عن أعداد الفضائيين (الوهميين) أو المخالفات في قوائم الرواتب، والحزب الديمقراطي هو من يتاجر بمعاناة المواطنين في كردستان”.
ويوم أمس الاول الأحد، أعلن وزير التربية في حكومة إقليم كردستان، آلان حمه سعيد، خلال مؤتمر صحفي، أنه تقرر تعيين جميع المحاضرين وتحويلهم إلى عقود دائمية من ميزانية الإقليم، والبالغ عددهم 38 ألفا.
إلى ذلك، يحمل عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد كريم، من أسماهم بـ”الشوفينيين والعنصريين” في عدة أطراف سياسية في بغداد، مسؤولية تأخر صرف الرواتب.
ويلفت كريم، إلى أنه “إذا كانوا يتحدثون عن أعداد فضائية ومخالفات في قائمة الرواتب وتعيينات جديدة فالحل بسيط جدا، وهو إيقاف صرف الرواتب المشكوك بها، وصرف رواتب المؤسسات التي لا توجد بها إشكالية، ولا يتم حرمان أكثر من مليون موظف ومتقاعد ورعاية اجتماعية، لأغراض سياسية وعنصرية بحتة”.
ويؤكد أن “ما تقوم به وزيرة المالية طيف سامي، هو مخالفة لكل القرارات التي أصدرتها المحكمة الاتحادية، التي نصت على إرسال الرواتب دون تأخير، وهي تخالف الاتفاقات السياسية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم”.
ويختم بالقول “بالتالي ما يتحدثون عنه بشأن وجود أسماء فضائية وأرقام مكررة وأن وجدت فهي محدودة، قياسا بما موجود في قوائم الحكومة الاتحادية، فهنالك أكثر من مليون موظف وعنصر أمني فضائي في العراق، في الحشد الشعبي والأجهزة الأمنية والتقاعد، والشهداء وغيرهم”.
وكان مجلس وزراء إقليم كردستان قد حث خلال اجتماع عقده يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، جميع الوزارات على تعزيز التنسيق مع ديوان الرقابة المالية الاتحادي، معربا عن أسفه “في عدم إطلاق وزارة المالية الاتحادية الرواتب على رغم الإيفاء بكامل الالتزامات والتعامل بأسلوب تمييزي مع الإقليم بالمقارنة مع المحافظات العراقية”.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل تحدث فرقاً؟.. جولة تراخيص جديدة للغاز العراقي
- بغداد تتهم وأربيل ترد.. هل تعود أزمة الرواتب بإقليم كردستان للواجهة؟
- "الطاعون الأحمر" يفتك بـ13 مقاطعة نخيل شرق العراق