- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الامام الكاظم عليه السلام ..السجن احب اليه من المداهنة
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال
الإمام الكاظم عليه السلام .السجن أحب إليه من المداهنة حسن كاظم الفتال ليس فينا من لا يدرك تمام الادراك أن الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين هم الإمتداد الرسالي الفعلي الطبيعي الحق للنبي محمد صلى الله عليه وآله وكذلك يمثلون الإمتداد الحسبي والنسبي والروحي والفكري والعقائدي والثقافي وكل ما يتعلق بذلك . وما إصرارنا على التمسك بولايتهم وإتباعهم والإقتداء بهم واقتفاء آثارهم إلا لأننا غالبا ما نسعى لأن نستمد القوة والصلابة في المسيرة العقائدية الإيمانية وكذلك نستلهم منهم كل المعاني السامية التي تثبت آدميتنا . لقد كانت مهمة الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم ترويض النفوس على سلوك سبيل الهدى والرشاد ومنه إلى الصراط المستقيم والفوز بالنجاة . فقد واجهوا صلوات الله عليهم أجمعين ظروفا حالكة صعبة قاسية جدا وكان السعي منهم جاريا ومتواصلا من أجل الوقوف بوجه الداعين إلى الإنحراف الفكري والفناء العقائدي والتصدي لما يرمون نشره . كانوا بكل صلابة وقوة من أجل تطبيق أحكام الشريعة وأوامر السماء يقارعون الظلمة من أئمة الكفر والضلالة وسلاطين الجور ويباغتون مرتزقة السلاطين وزنادقتهم حيث كان الحكام والسلاطين يعتمدون على هؤلاء المرتزقة والزنادقة والمتملقين ويتخذون منهم أداةً للتصدي للخط الفكري السليم للإمام صلوات الله عليه . وكم كانت تجرى المحاولات لإقصاء الإمام المبلغ لرسالة ربه في معظم المراحل والحقب والفترات .
شخصانية الإمام الكاظم عليه السلام
والإمام موسى بن جعفر عليه السلام هو حلقة من حلقات هذه السلسلة الذهبية العظيمة التي تدعو للخير وإلى السير الحثيث لبلوغ النعيم والوصول إلى الجنة . وكان صلوات الله عليه يتقلد ثقل الرسالة الملقاة على عاتقه ويتحمل أعباء نشر مفاهيمها وتحصينها من التشويه والانحراف الذي كان خصومه يسعون لنشره . وتجاوز الإمام صلوات الله عليه كل العقبات كما هم آباؤه وأجداده باستخدام وسائل واساليب متعددة مختلفة مما أدى إلى أن يفجر ثورة روحية ذاتية استقرت داخل النفوس وأنتجت ثروة تثقيفية علمية معرفية إيمانية حقيقية بمختلف مجالات الحياة . إذ كان صلوات الله عليه يعرض المفاهيم الإسلامية للناس بحقيقتها وبواقعها الذي جاء به منقذ البشرية البشير النذير محمد صلى الله عليه وآله . وكان فعله وجهاده صلوات الله عليه مساوقا لجهاد وفعل أجداده وآبائه صلوات الله عليه . حيث أن الأئمة الأطهار عليهم السلام كلهم كانوا الدعاة الموكلين من قبل الله جل وعلا وخلفاءه في الأرض الذين نصت عليهم نصوص كثيرة سواء بكتاب الله أو من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وهم الدعاة الحقيقيون لنشر العدل والإنصاف وضمان حقوق الإنسان الذي خلقه الله جل وعلا وكرمه واحسن تصويره . وبما أن تحقيق العدالة تعني في بعض وجوهها مساواة الحاكم مع المحكوم والإثنان يتساويان أمام القانون والشريعة. ولا ريب أن هذه الدعوة لا تروق لأئمة الكفر والضلالة الظلمة والعتاة والطغاة الذين يدعون إلى تحريف الحقائق وتزييفها وعَمى الناس وتغييب بصيرتهم ليسهل عليهم سوقهم إلى حيث ما يريدون فيحققون مآربهم ومصالحهم الشخصية مما يجعلهم يشددون الحصار والرقابة على الأئمة صلوات الله عليهم لحجبهم عن الناس ومنع الناس من الإلتقاء بهم خشية من أن يقتدي الناس بهم ويتزودوا بالتقوى عن طريق تزودهم بالثقافة والوعي والنضج الفكري والأئمة الأطهار صلوات الله عليهم يمثلون صيرورة الاستقامة والسعي لإصلاح المجتمع وجعله مجتمعا فاضلا نبيلا كريما ممتثلا للإحسان . ووهم صلوات الله عليهم يستنكرون غاية الاستنكار الظلم ويقارعون الظَلَمَة والظلام والجور والفسوق . ولعل ذلك لا يروق للحكام الذين يرومون أن يسوقوا الناس إلى الجهالة والضلال ليحققوا مآربهم . ومن أجل تحقيق ما يصبون إلى تحقيقه فما عليهم إلا إبعاد من يحسبونه حجر عثرة في طريقهم . لذا تنوعت واختلفت اساليب ووسائل القمع والإضطهاد من قبل الحكام ضد الأئمة صلوات الله عليهم وتعذيبهم . وكان السجن والغدر والقتل بالسم وما يشابه ذلك .وهذا ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله : ( ما منا إلا مقتول أو مسموم )
توارثية انتهاج الإصلاح
وبما أن الإمام الكاظم صلوات الله عليه هو المصلح والداعي والداعم الأبرز والأقوى للإصلاح والساعي لتحقيقه ونشره فمن المحتم والمؤكد أن حكام بني العباس الذين توارثوا اغتصاب السلطة وتسلطوا على رقاب الناس لا يناسبهم إلا الفساد والإفساد والتحريف ونشر الجهل والعمى والسعي لتكميم الأفواه . لذا فإنهم رأوا أن ما يصبون إليه لا يتحقق إلا بعزل الإمام عليه السلام عن الناس وتغييبه فتجرؤوا على أن يعزلوه فبادروا إلى سجنه وتفننوا في استخدام الوسائل والأساليب التي تضيق على الإمام عليه السلام وتحجب عنه مواصلته بشيعته ومريديه . ومع أن السجن هو أقسى وسائل التعذيب .إلا أن الإمام عليه السلام بما أنه يتسم بصلابة وقوة إرادة وشدة إيمانه وعظمة روحه ونفسه الزكية وقلبه العامر بعمق الإيمان ووثوقه بالإعتماد على الله عز وجل , كل ذلك جعله أن يتخذ من السجن رحابا أو أوانا أغتنمه للتفرغ للعبادة والانقطاع إلى الله جل وعلا. فهو صلوات الله عليه كان يدعو الله أن يجعل له مكانا ينفرد فيه ويختلي به مع نفسه ويتفرغ فيه للمناجاة والدعاء فحسب وبالشكل الذي يحقق له التلذذ بالمناجاة والدعوات . وحين استجاب له ربه عز وجل وادخله هارون السجن كان يتهجد ويناجي ربه ويقول : (اللّهمّ إنّك تعلم أنِّي كنتُ أسألك أن تفرغني لعبادتك، وقد فعلت فلك الحمد) والمعروف أن بسبب دماثة خلقه ورفعته وكرمه وسمو نفسه الزكية والكرم الذي لا يضاهى قد غير حتى ولاء وميولات بعض السجانين الموالين للسلطة آنذاك حيث سمعوه وهو يهلل ويسبح الله ويتهجد ويردد سبوحٌ قدوس رب الملائكة والروح فجذبتهم عظمة روحه وقوة بأسه ورباطة جأشه فانتزع منهم القسوة والشراسة وسلب منهم الغلظة وكأن سمو روحه ونقاء صدق عبادته روضتهم على إنتزاع كل ذلك فراحوا يتعاطفون معه ولكن ليس بوسع أحدهم أن يصنع له أي مساعدة فلا حيلة .إذ إن بطش الحكام لا يخلف إلا الذعر والرعب لدى العوام . حتى سيق أعداؤه إلى جهنم وبئس المصير وظلت أنوار الأئمة الأطهار مع نور جدهم المصطفى صلى الله عليه وعليهم مشعة تتلألأ لتملأ أفاق الدنيا وتضيء نفوس المحبين والمتمسكين بولايتهم
أقرأ ايضاً
- قل فتمنوا الموت إن كنتم صادقين... رعب اليهود مثالاً
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة