بقلم: علي حسين
منذ 20 عاماً وهذه البلاد تتقدم في مجال الديمقراطية التي أوصلت تاجرا شاطرا مثل مثنى السامرائي إلى قبة البرلمان، لكنها، أي البلاد نفسها، تتردّد في خطوات التنمية والعدالة الاجتماعية والرفاهية، لأنّها ترى في العجلة الندامة، فماذا يعني إذا غابت الكهرباء عن بيوت الناس؟، وماذا تنفعنا مشاريع تطوير التعليم ونحن بلد دخلنا موسوعة غينيس بعدد أيام العطل؟، حتى وصل الأمر بالمحافظات أن تتمدد وتستريح بأوامر من محافظيها "الأجلاء"، ماذا يعني أن يتأخر قانون العنف الأسري؟، وان نشرع بدلاً عنه قانون امتيازات النواب وأحبابهم.
المهم أن تترسّخ الديمقراطية التي علمنا أنها أصبحت أضحوكة. ففي تقرير نشرته إحدى الصحف العربية نقرأ العجب العجاب حيث عدد من الأحزاب في العراق، التي تستعد للمشاركة في عرس الديمقراطية الجديد "انتخابات مجالس المحافظات"، طالبت مجالس المحافظات بالغاء رقم 56 من قوائم تسلسل مرشحيها، وكانت الأحزاب طالبت بالشيء نفسه، في الانتخابات البرلمانية السابقة.
حيث يخشى بعض المرشحين للانتخابات، من أن يكون تسلسل أحدهم بالرقم 56، الذي يُطلق على المحتالين والنصابين في الشارع العراقي.
أعذروني فأنا في مرّات كثيرة لا أعرف ماذا أفعل حين أقرأ، أو أُشاهد مثل هذه الفعاليات "الطريفة"، هل أضحك من العبث والكوميديا السوداء، أم من خوف البعض ان يُتهم بالاحتيال وهو لم يفز بالانتخابات بعد.
لعل من أبرز المضحكات والمبكيات التي تحاصرني منذ إعلان مفوضية الانتخابات، تسجيلها عشرات الأحزاب وحتى الآن، والتي جميعها تأمل بالدخول إلى ساحة الصراع على المكاسب والمغانم.
أسوأ أنواع الكوميديا هي الضحك على المتفرجين، لا على الأحداث، في هذه الأيام أثقلت صفحات "كوميديا انتخابات مجالس المحافظات" النقاش الذي يعلو كل يوم مجالس سياسيينا حول "كنز علاء الدين الذي ستحصل عليه الاحزاب الفائزة في الانتخابات، لأنهم هذه الاحزاب سوف تفعل ما تشاء أو ما تشاء لها المحاصصة.
أيها العراقيين اسمحوا لي أن أقترح عليكم اقتراحاً ربما هو ساذج: إنسوا الديموقراطية العراقية الجديدة، تعالوا نطالب باحزاب لا تلغي أحداً ولا تخوِّن أحداً ولا تعزل أحداً، بل تدعو جميع الناس إلى المشاركة في إدارة الحياة وبناء المستقبل، تعالوا نتفق على أنّ مجلس النواب مكان للخدمة العامة، وليس للصراخ والشتائم، وكلّ ذلك لا يحتاج إلى أحزاب تخاف من الرقم 56، ولا إلى خطابات ثورية، ولا دموع على السيادة.
يحتاج فقط إلى ساسة صادقين مع أنفسهم أولاً، هدفهم بناء وطن صحي، لامكان فيه لصورة سياسي يخاف من الرقم 56، وإنما المكانة للقطات سياسية حقيقية، أبطالها مسؤولون يدركون معنى المسؤولية، سيقول البعض إنها أضغاث أحلام، وأقول؛ فليكن، لنحلم بالأمل.