قدّمت الناقدة الرقمية الرائدة د. فاطمة البريكي لكتاب الأستاذة شميسة خلوي من جامعة الجزائر / 2 الموسوم بـ ( اشتغال العتبات في القصيدة الرقمية التفاعلية العربية : مقاربة نقدية في المنجز الشعري لمشتاق عباس معن ) بقولها :
حين أصدر الدكتور مشتاق عباس معن مجموعته الشعرية التفاعلية الأولى: تباريح رقمية لسيرة بعضها أزرق، عام 2007م، لم يكن هناك من سبقه إلى ذلك، ولم تكن التكنولوجيا ببرمجياتها وعتادها متاحة بالسهولة التي هي عليها الآن، والمتاح منها لم يكن متطورًا إلى الحد الذي وصلته التكنولوجيا الآن أيضا. ومع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بإنتاج ذلك العمل الإبداعي، من شح الموارد وقلة الخبرات وغيرها، سنجد أن تلك المجموعة وُلدت في ظروف استثنائية، ولولا العزيمة والإصرار لما كان يمكن أن تصدر بذاك الشكل والمستوى.
ويُنسب الفضل للدكتور مشتاق عباس معن في تقديم القصيدة العربية التفاعلية في سياقها، أي ضمن ديوان شعري رقمي "تفاعلي" متكامل، مستندًا إلى موهبة شعرية أصيلة متوّجة بالجوائز الخاصة بالشعر، وإلى انفتاح فكري على الجديد المنتَقى بما يتناسب مع لغتنا وثقافتنا، واضعًا العصر الذي نعيشه بمتغيراته وتطلعات أبنائه نصب عينيه.
لم يقف الدكتور مشتاق عند المجموعة الشعرية الرقمية التفاعلية الأولى، بل أصدر المجموعة الثانية بعنوان (لا متناهيات الجدار الناري)، ثم أعقبها بمجموعته الأخيرة (وجع مسنّ)، وكل هذه الأعمال متاحة على موقعه الرسمي الإلكتروني الذي ما يزال قيد الإنشاء، لكنه يضع على صفحته الرئيسية روابط لمجموعاته الشعرية كلها، بل إن أول مجموعة يمكن تحميلها مباشرة من خلال الرابط الخاص بها.
والذي يتتبع إصدارات الدكتور مشتاق ويقرؤها بعين فاحصة سيجد أثر الخبرة الشخصية في التعاطي مع هذا النمط الكتابي المتوسّل بالتكنولوجيا، كما سيجد أثر التراكمية ظاهرًا أيضًا، وأقصد بها هنا المعرفة التي تتحقق بالاطلاع على أعمال الآخرين من عرب وأجانب، والاستفادة من الدراسات والأبحاث والمقالات التي تتناول مختلف الأعمال، لا سيما أعماله الخاصة.
يذكر أن الكتاب صدر عن الدار السورية الرصينة ( دار تموز ديموزي ) بطبعته الأولى في مطلع هذا العام 2023م ، وجاء الكتاب بأربعة أقسام رئيسة متفرّعة إلى فقرات فرعية تنسجم ونظرية الشعرية لجيرار جينت صاحب السبق في القول بالعتبات والمنصّات والمتعاليات النصيّةّ.
ولخّصت الأستاذة شميسة خلوي في مقدمة كتابها سبب اختيار الموضوع والمتن الشعري المدروس فضلًا عن منهجيتها بقولها :
وقع اختيارنا على رقميات الشاعر "مشتاق عباس معن" الثلاث، بعدما أضاف للأدب العربي المعاصر شعرا بهوية أدبية رقمية، وفات أقرانه وتميز عن نظرائه وعُدَّ بذلك من صاغة القريض الرقمي التفاعلي عربيا، إن لم نقل رائده.
فكيف سنتمكن من فك شفرات خطاب عتبات النص الشعري الرقمي التفاعلي عبر حواضنه الثقافية والتاريخية والاجتماعية والنفسية؟
لقد سرنا في بحثنا وفق ترتيب منهجي، بدأناه بمهاد يؤسِّس لمفاهيم تعدُّ أرضية البحث التطبيقي، إلى غاية اكتمال الحدود النظرية العامة، وبعدها ولجنا لتفكيك خطاب العتبات تطبيقيا، ورُحنا نتلمَّسها من مظانها الرقمية، حيث انتهاك أطر التقليدي والمغلق، وحيث الانفتاح على أفق القراءة المتعدِّدة التي خرجت عن حدود حكِّ معدن الحرف إلى سبر أغوار الدلائل الأيقونية البصرية والحركية والسمعية والتوليفية، وهكذا تحدَّدت ملامح هذا البحث، لتسهل إصابة الغرض منه على القارئ وجعلنا مدار الكلام فيه عن الشعر التفاعلي العربي ونقده تنظيرا وتطبيقا.
سلام محمد البناي
أقرأ ايضاً
- فرائد وقلائد كرباسية.. منجزات جديدة لصاحب الموسوعة الحسينية الشيخ محمد صادق الكرباسي
- بينها العراق 16 دولة عربية وأجنبية تشارك بملتقى القاهرة لفن الخط
- الثقافة تسترد 197 قطعة أثرية من دول عربية وأجنبية