بقلم: حسين فرحان
لكَ أنْ تقرَّ عينًا بنصرك، فصاحبُ الأمر غيرُ مُهملٍ لرعايتك وأنتَ المُخالِفُ لهواك المُطيعُ لأمرِ مولاك..
ولكَ أنْ تفخرَ بأبنائِك، فقد أحاطوا بخيامِ العراقِ ولم يتخذوا من الليلِ جملًا..
همسوا بأُذُنِ الأرضِ أنْ قرّي عينًا، واشهدي أنّ هذه الصرخةَ كانتْ لك، ولمن حلّوا فيك أئمةً هداة، وقادةً وحُماة..
كانَ العراقُ قابَ قوسين أو أدنى من نقعِ خيلٍ أعوجيةٍ تبتغي طحنَ صدرِه.. وكانتْ كربلاءُ تُنعَتُ بكلماتِ النصبِ والحقدِ الأموي الذي يُريدُ بها فتكًا..
لكنَّ نورَ الله (تعالى) -الذي يأبى إلا أنْ يُتمّه- كانَ يلوحُ على أعتابِ بابِك في ذلك الزقاق.. حمَلَتْه أكفُّ المُنتظرين على أجنحةِ بُراقِ الشوقِ إلى منبرِ الجمعةِ عند سفينةِ النجاة، ليُتلا بأحرفِ الفتوى: "إنَّ من يُضحّي منكم..."..
عندها التقى الجمعان؛ فجمعٌ انضوى تحتَ رايةٍ أمويةٍ سوداء توسّطتْها شهادةٌ كاذبةٌ بالنبوّةِ ليس فيها من الإقرارِ شيءٌ سوى رسمِها، وجمعٌ انضوى تحتَ رايةٍ حُسينيةٍ نطقتْ أحرفَ الحُسينِ فيها: "فإنْ نُهزَمْ فهزّامون قدمًا..."..
دارتْ رحى الحرب، وانقضتْ ثلاثٌ من سنواتِ التضحيةِ والفداءِ لشعبٍ يستحقُّ أنْ يحيا بكرامةٍ لا يُدنِّسُها شذاذُ الآفاق.. انقضتْ ثلاثُ سنواتٍ من الإباءِ والإقدامِ لرجالٍ حملوا السلاحَ مع العقيدة، حيثُ خَلَتْ أعوامٌ قبلَها من اجتماعِ السلاحِ مع العقيدةِ على السواتر...
كانتِ الفتوى المؤيَّدةُ بتأييدِ اللهِ (تعالى) المباركةُ بدُعاءِ صاحبِ الأمر تُظلِّلُ بسحابِ الطمأنينةِ على من تشرّفَ بتلبيتها..
كانتِ الابتسامةُ تُرسَمُ حتى على شفاهِ الشهداء! وكم من شهيدٍ ماتَ ضاحكًا مُستبشرًا!
أيُّ سرٍّ عجيبٍ هذا الذي منحَ الجهادَ الكفائي تلك النورانية؟!
وأيُّ يقينٍ بالفوزِ هذا الذي جعلَ الشهداءَ يبتسمون؟!
حساباتُ أهلِ الحسابات قالت: عشرُ سنين مُتوالياتٍ ستأكلُها هذه الحرب.. وأكّدوا أنّها بلا ملامح.. وتقاريرُ الاستخباراتِ خمّنتْ أرقامًا لا تسرُّ سوى الأعداء..
مرجعُنا يستغيثُ بفاطمة التي يعرفُها.. فاطمة التي يجهلُ الآخرون سِرَّ اللهِ (تعالى) المستودعَ فيها..
مرجعنا.. تُزفُّ له بشاراتُ الفتحِ يومًا بعد يوم.. فيزدادُ ابتهالًا..
مرجعنا.. يرى التسديدَ والتأييدَ في هذه المعركة فلا ينقطعُ عن شكرِ الأبطالِ بكلماتٍ تُقرَأُ في جمعاتِ سنواتِ الحرب، تُردِّدُ صداها جُدرانُ الصحنِ الحُسيني، مشفوعةً بتهليلِ الزائرين وتكبيراتِهم وصلواتِهم المُحمّدية..
مرجعُنا المُفدّى يشكرُ المُقاتلين.. ويشكرُ الداعمين.. ويشكرُ كُلَّ من يستحقُّ الشكرَ لما قدّمَ في هذه الملحمة.. لا يبخسُ الناسَ حقَّهم في شكرِ الجميلِ والثناءِ على التضحيات..
انقضتْ سنواتُ الحربِ، وتزيّنتِ المُدُنِ بصورِ عمائمِ الشهادة وصورِ الشُبّانِ الذين برهنوا أنَّ العراقَ بخير، وأنَّ الأمهاتِ سيلدنَ مثلهم، يرفدنَ بهم الحياةَ لبناءِ هذا الوطنِ الجريح، ويرفدن بهم المواكبَ الحُسينيةَ امتثالًا للولاء، والجبهات امتثالًا لنداءِ العقيدة وحُبِّ الانتماء..
بالعشقِ الحُسيني، وبفتوى مرجعيتِنا العُليا ودماءِ الشهداءِ السعداء، مشى العراقُ آمِنًا على ضِفافِ النصر.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً