يحمل اقدامه التي اتعبتها (65) عاما بتثاقل وبخطوات تحكي قصة شعب آمن بالحسين منارا للأحرار، خط الشيب على رأسه ولحيته تاريخ ستة عقود من التحدي والصلابة في طريق أبي عبد الله الحسين عليه السلام، قارع النظام الدكتاتوري المباد وحكم بالسجن المؤبد بعد ان كان قاب قوسين أو ادنى من الموت، ورغم كبر سنه الا انه أصر على حمل راية الشهادة كتب عليها أسم الشهيد الشيخ حسن شحاته بعد استشهاده على طريق الحق والاحرار، طريق سيد الشهادة أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
اولاد مسلم
ما ان بادرته بالسؤال متى ادركت انك تؤدي الشعائر الحسينية حتى تنهد ونزلت دموعه واجاب "فاضل حسن موسى" من اهالي التنومة "منذ العام 1963 حين كان عمري سبع سنوات عندما جسدت دور احد اولاد مسلم في تشابيه موكب حسيني وكانت تقام الشعائر قرب دارنا، عرفت ان الحسين عليه السلام قضية ومسؤولية ومبدأ حيث كانت تقام الشعائر في مناطق البصرة القديمة، من خلال مواكب اللطم والزنجيل والتطبير مثل مواكب العطارين والسماكة والقصابة وباقي المناطق تجوب الشوارع وكانت محلة الساعة التي اقطنها تنفر عن بكرة ابيها للمشاركة في العزاء الحسيني، وزرعت في جيلي وما قبله وما بعده حب الحسين والتضحية والفداء.
الهروب من الباصات
وعن اصراره على السير الى كربلاء الشهادة اشار الى "انهم كانوا يسافرون بباصات الخشب او اللوريات للزيارة لان النظام البعثي منع المسير الى كربلاء في سبعينيات القرن الماضي بعد انتفاضة خان النص ورغم ذلك كانوا يراوغون وينزلون من اللوريات في منطقة خان النص المملوءة بالبساتين والمناطق الزراعية ويذهبون سيرا على الاقدام الى ضريح سيد الشهداء عليه السلام، واستمروا بالعشق الحسيني حتى اوشى به احد الجلاوزة والصقت به تهمة التعامل مع جهة معارضة فالقي القبض عليه واودع السجن على وفق مادة قانونية لا تقبل العفو ابدا وهي مواد سنها النظام الدكتاتوري ليلحق الاذى بمحبي آل البيت".
ترويض النفس
ابو زينب السبتي واجه مصيره باعلى درجات الضبط والتلسيم بالتضحية والفداء، لانه يعلم ان النظام الدكتاتوري لا يرحم ابدا وان مصيره الموت لا محالة، فحصل على حبل وهو داخل السجن وقام بالتدريب على عملية الشنق بالحبل وتخيل ان الامر منتهي وانه لابد ان يستقبل هذا الامر بالشموخ والإباء، وفعلا ذهب يوم محاكمته الى المحكمة مرفوع الرأس وصلب لا يهتز وهو يخاطب الإمام الحسين عليه السلام بقوله "سيدي سيد الشهداء ان كنت اخترتني في قافلتك فإني جاهز للموت وما احلاه معك، وان كان لي نصيب بالحياة فسأبقى جنديا مخلصا لقضيتك"، وما ان اطلق القاضي الحكم عليه بالسجن المؤبد عليه حتى رد على القاضي ان "حكمك ظالم وان التهمة كيدية وان حكمك غير صحيح، فتلقى صفعة قوية من الخلف من الحارس الذي اقتاده من السجن الى المحكمة وفي خارج المحكمة خاطب السجان، لماذا صفعتني الا تستحي وانا اسير بين يديك"، فتبين ان "الله سخر له هذا الحارس الذي يسكن مدينة الخالص في محافظة ديالى ليدفع عنه الموت"، عندما اجابه الحارس "اسكت فأنا ضربتك لان هذا القاضي شديد جدا ولولا صفعتي لحكم عليك بالاعدام وكتب هامش ينفذ فيك الاعدام خلال 48 ساعة، وفعلا ابقى القاضي على حكم المؤبد ثم بعد سنوات اطلق سراحه واستعاد حريته".
راية شحاته
وبعد سقوط النظام الدكتاتوري المباد اصبح عمره 47 عاما انطلقت المسيرات الراجلة من البصرة الى كربلاء المقدسة، فخرج مع المشاية سيرا على الاقدام بعد حرمان دام اربعون عاما، وفي العام 2013 عندما قتل الارهابيون الشيخ المصري حسن شحاته ومثلوا بجثته قرر البستي حمل راية في مسيرة اربعينية الإمام الحسين عليه السلام وكتب عليها اسم الشيخ شحاته لانه ضحى بنفسه في سبيل مذهب امير المؤمنين والقضية الحسينية، ومنذ ثمانية أعوام وهو يحمل راية طولها اربع امتار وعرضها ثلاث امتار تزن 15 كيلوغرام، وبين لوكالة نون الخبرية، ان "حمله للراية اثر في نفوس الكثير من الاهل والاقارب والجيران واصبحوا مشاية على نفس الطريق والعقيدة، وعاد للبكاء مرة اخرى وهو يربط بين السجن والخلاص وكرامات ابي عبد الله"، مشيرا الى ان "طريق الحسين عليه السلام فيه الفوز الكامل حتى وإن خسر الانسان روحه وجسده وامواله واهل بيته، لان الحسين سفينة النجاة ومصباح الهدى فأي سعادة تلك التي تجعلك فردا في قافلة الحسين الخالدة".
قاسم الحلفي - البصرة
تصوير: عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- بركات الامام الحسين وصلت الى غزة ولبنان :العتبة الحسينية مثلت العراق انسانيا(تقرير مصور)
- موزعين على (350) موقعا سكنيا:العتبة الحسينية تقدم (22) الف وجبة طعام يوميا للوافدين اللبنانيين في كربلاء المقدسة