جريح حرب تسببت اصابته في اعاقة كاملة في رجله اليمنى ورغم تجاوزه العقد الستيني بعام الا انه يقود عربة مدولة محورة لتقاد باليد على غرار الدراجة الهوائية، ورغم انها تحتاج الى جهد كبيرة وطاقة جسدية عالية، الا انه يذهب مرتين في العام من البصرة الى كربلاء المقدسة، فاصبحت حالته نبراسا لكثير من معارفه واقربائه وجيرانه واصدقائه، فاصبحوا من الملتزمين بالسير الى كربلاء المقدسة كل عام، يعيش في فخر واعتزاز وهو يرى الناس تحييه وتشد ازرها من عزمه واصراره على المسير.
اصابة واعاقة
تعرض فاضل جمعة حسين (61 عاما) في عام 1986 الى اصابة في الحرب العراقية الايرانية اعاقت رجله اليمنى وكان قد تربى على الخدمة الحسينية منذ نعومة اظفاره ويقرئ مقتل الإمام الحسين عليه السلام في المواكب التي تقام في منتصف العقد السبعيني وطالما تعرض الى الاعتقال والمسائلة في دوائر الامن البعثي، ويبين لوكالة نون الخبرية، "كنا نحيي الشعائر بتحدي داخل البيوت يوميا منذ الاول من محرم حتى اعلان المنع الكامل لاحياء الشعائر نهاية العقد السبعيني، ورغم ذلك كنا نقيمها بشكل ضيق ونوزع الطعام بشكل خفي، ونلجأ الى تثقيف الشباب والناس عموما في اي مجلس نتواجد فيه حتى لو كان امام باب محل او باب اي دار لنعطي ديمومة لاحياء القضية الحسينية".
وبعد الاصابة لم استطع المشي الا بالكرسي وحاولت الاعتماد على العكازات فلم افلح في ذلك، فلجأت الى تطوير عربتي المدولبة وصنعت لها ناقل حركة من الذي يستخدم في الدراجة الهوائية ووضع امام اليدين لاتحكم بالسير بها، واتمكن من السير الى كربلاء المقدسة دون مساعدة من احد، وبعد انفراج الامور وسقوط نظام الطاغية المقبور، كنت في حيرة من امري في كيفية السير بالعربة لمسافة تتعدى (500) كيلومترا ثم عقدت النية على المسير لمسافة محددة والعودة الى الدار لكن ما شاهدته من تحفيز للناس في المسير بعد ان يشاهدوني بعربتي ومرافقة موكبنا الذي نسير معه وهو موكب الإمام الرضا عليه السلام والتفاف الكثير من الناس حولنا، قررت الاستمرار بالمشي الى كربلاء المقدسة، وشعرت ان الله اعطاني طاقة جسدية غير طبيعية وليس كما اسير بالعربة في حياتي الاعتيادية، فاخذت العهد على نفسي ان استمر بالمشي كل عام وانا الآن اسير الى كربلاء المقدسة للعام الثامن عشر على التوالي.
السير في الشعبانية
لم يقتصر مسير "ابو عباس" الى كربلاء المقدسة على الزيارة الاربعينية فقط بل تعداه الى المسير في الزيارة الشعبانية لاحياء تلك المناسبة، ويشير الى ان "السير بالعربة رفع من قيمتي وشخصيتي فاصبحت محط احترام واشادة بدل ان ينظر الى المعاق نظرة عطف وحنان، وتعلمت من الحسين عليه السلام الصبر على البلاء والايثار والتضحية، ففي بعض الاحيان تكون الرياح عالية والسير مع الموكب فاقطع المسافة بثمانية عشر يوميا بينما اقطعها في ايام اخرى بمفردي بتسعة ايام"، ويؤكد انه "أثر في الكثير من اقربائه وجيرانه واصدقائه واصبحوا الان من السائرين سنويا الى ضريح سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام".
حالة "ابو عباس" اصبحت منارا لكثير من اقاربه وجيرانه واصدقائه فدفعتهم للسير الى كربلاء المقدسة، وهو ما رفع اعداد السائرين في الموكب، وحصلت توفيقات ربانية كثيرة مع من التحق بالمسير فشفي الكثير منهم من الامراض وتوسعت ارزاق اخرين ورزق غيرهم بالذرية، لكن اعظم حادثة حصلت معهم هي وقوع حادث سير مروع له ولصديق كان يرافقه، حيث صدمتهم سيارة نوع شوفروليت (GMC) فتسبتت باصابته بخدوش وجروح ودهست صاحبه الذي اتفق جميع من وقف على الحادث على أنه توفى لانه وقع تحت عجلات السيارة، وعند حمله من قبل الراكبين بالسيارة لارساله الى المستشفى حصلت معجزة يقول عنها "ابو عباس" ان "صاحبه اخبره بعدها انه كان يرى كيف انني طرت في الهواء بعد دهسنا وكان يناديني لكنني لا اسمعه وانهم حملوه وهو يكلمهم ولا يردون عليه وقد مر عليه شريط امام عينيه وكأنه في عالم آخر وشاهدت امه وابيه وعائلته وخلال مسير السيارة شعر بهواء بارد يدخل انفه ويتنفسه فعاد الى الحياة وتحدث معه الراكبين وعلموا انه حصلت معجزة معه".
قاسم الحلفي - البصرة
تصوير: عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)