- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل يوجد مَن يظلم أمّة بأكملها ؟
بقلم: نجاح بيعي
قبل أكثر من سنة, نشرت على أحد مواقع التواصل الاجتماعي, الحديث الشريف للنبيّ الأكرم (ص وآله): (أفضل الجهاد من أصبح لا يهم بظلم أحد) والذي نقلته عن كتاب (من لا يحضره الفقيه ـ ج4ص 352) للشيخ (الصدوق) قدس, وكنت قد ذيّلت المنشور بتعليق لي هو: (فما بالك بمَن ظلم ويظلم أمّة)؟.
ـ فحينها سألني أحدهم معلقا ً: وهل يوجد شخص يظلم أمّة بأكملها؟.
ـ فما كان من العُجالة إلا أن تتملكني, وسارعت في الإجابة وقلت: نعم! نعم يوجد ذلك الشخص حينما يظلم (مَن) تجمّعت الأمّة فيه, فبظلمه ظلم للأمّة كلها.
فحينما ندرك بأن نائب الإمام المعصوم عليه السلام (..فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم..) هو المرجع الأعلى للأمّة وزعيمها, وحامل لوائها, وراعي كيانها, وحافظ مقامها, نعلم بأنه ذلك (الرجل) هو السيد السيستاني دام ظله, الذي تجمعت الأمّة فيه, فمَن يظلمه يظلم الأمّة بأسرها.
فمع لحاظ (موقع) ونمط تحرك المرجعية الدينية العليا متمثلة بالسيد (السيستاني) دام ظله في المجتمع, حتى صارت تعبر عن (صوت الضمير للمواطن العراقي للحصول على حقوقه وتحقيق مصالح هذا البلد والشعب), إنما تنطلق من خلال موقعها و(رصيدها الجماهيري الذي استقطبته من خلال تلك الثقة), ولم تتحرك وتطالب وتنتقد وتقيّم الأداء من خلال (موقعها الديني):
ـ(أن المرجعية الدينية العليا انطلاقا ً من رصيدها الجماهيري الناشئ من ثقة الجماهير بحصافة رأيها وسداده وحكمته. وأنها لا تبحث عن مصالح دنيوية في تحركها ومنهجها. فقد وضعت ثقتها المطلقة بالمرجعية الدينية العليا. فإنها تتحرك وتقيّم أداء الحكومة ومجلس النواب, إنطلاقا ً من كونها الصوت المعبّر عن هموم الناس وتطلعاتهم وآمالهم ومطالبهم. ولم تتحرك وتطالب وتنتقد وتقيّم الأداء من خلال موقعها الديني. بل من خلال رصيدها الجماهيري الذي استقطبته من خلال تلك الثقة.. أن أيّ جهة حتى وإن لم تكن دينية, حينما تمتلك قاعدة جماهيرية من ملايين الناس فان من حقها الطبيعي ـ وهذا ما يُقرّهُ الجميع - أن تطالب بحقوق هذه الملايين وتدافع عنهم وتعبر عن صوتهم ومطالبهم لتحقيق حقوقهم).
إذا كان الأمر كذلك فلا نحتاج الى جهد وعناء بعد أن عرفنا (مَن) تجمعت الأمّة فيه, في التعرف عن مَن ظلم ولم يزل يظلم ذلك (الرجل ـ الأمّة). ولا فرق هنا إن كان الظالم (فرد) أو (طرف) أو (جهة) رسميّة أو غير رسميّة ـ داخلية كانت أم خارجية, وما علينا إلا أن نبحث عن:
ـ مَن احتجب عنهم وطردهم أن يجوزوا عتبة داره من أن يدخلوها.
ـ ومَن أشاح بوجهه السمح عنهم حينما أطلق صرخته (لقد بُحّ صوتنا) الموجعة والملأى أسى بوجههم جميعا ً
ـ ومَن سلبت منهم توفيق النصح والموعظة والإرشاد بامتناعه عن تناول (الشأن السياسي) مرتان.
ـ ومَن حقّر مقامها, وسفّه رأيها, وأنكر وجودها, وراح بكل صلافة ووقاحة ليُقدم شكوى قضائية بحقه.
ـ ومَن دعاهم بالدعوى الإلهيّة بكل جديّة وحرص (قبائل وعشائر)لأن يجنحوا للسلم ويضعوا حدّا ً للعنف الدامي الغير مُبرر, فأبوا إلا الإقتتال فيما بينهم, حتى بات الأمن العام والسلم المجتمعي مُهددا ً.
ـ ومَن دعاهم الى التظاهر السلمي والإلتزام بالسلمية مهما كلف الأمر, فأبوا إلا الصدام والإعتداء على الممتلكات العامة والخاصة, وإحداث الفوضى والتخريب وإسقاط هيبة الدولة.
ـ وعن مَن دعاهم لأن يُغربلوا ويُغربلوا ويُغربلوا صفوفهم كقوات أمنية, وتقديم مَن ثبت عليه قتل المتظاهرين السلميين الى القضاء العادل, فأبوا عصيانا ً وتمردا ً وعنادا ً والى اليوم.
ـ ومَن دعاهم الى الحفاظ على سلمية التظاهرات والإحتجاجات, فأبوا إلا تندسيها بصراع الإرادات السياسية وجرّ الشارع لن يكون حلبة تنافس لكسر الإرادات السياسية ولتصفية الحسابات, حتى تم الإعتداء على المتظاهرين السلميين وسقوط الكثير من الضحايا.
ـ ومَن دعاهم الى مكافحة ظاهرة الخطف والإغتيال والإعتقال والضرب, فأبوا إلا المضي بذلك جهارا ً نهارا ً والى اليوم.
ـ ومَن دعاهم الى أن يحصروا السلاح المنفلت والخارج عن القانون بيد الدولة, ولا مُجيب.
ـ ومَن دعاهم الى الحفاظ على هيبة الدولة, فأبوا إلا إسقاطها وتسقيطها.
ـ ومَن دعاهم الى الصلاح والإصلاح وتقديم حيتان الفساد للقضاء العادل والنزيه,وطلب منهم أن يضربوهم بيد من حديد, فأبوا عنادا ً وتمردا ً واستكباراً وتواطئا ً.
ـ ومَن دعاهم الى القضاء على المجاميع المسلحة والخارجة عن القانون ولا مُجيب والى اليوم.
ـ ومَن دعاهم الى احترام الإستحقاقات الدستورية وإجراء انتخابات مُبكرة باختيار رئيس مجلس وزراء جديد فأبوا ذلك والى اليوم.
ـ ومَن أبوا العمل بالسياقات الدستورية بتعيين الكتلة الأكبر, حتى تنصلوا عن تلك المسؤولية الدستورية والقانونية والأخلاقية, ورموا الكرة في ملعب ساحات التظاهر, مُطلقين بلا حريجة شعار أن (الشعب هو الكتلة الأكبر).
ـ ومَن دعاهم الى احترام النظام العام, واحترام القانون, واحترام الدستور, واحترام الدولة ومؤسساتها, لأن بذلك منجى ً للجميع, فأبوا إلا المُضيّ عكس ذلك تماما ً حتى كانت النتائج مدمرة بحق البلد وشعبه ومقدساته.
ـ ومَن دعاهم الى تفويت الفرصة على الأعداء, بعدم الإنجرار الى الفوضى المدمرة وتحويل العراق الى ساحة لتصفية الحسابات للدول الأجنبية المتناحرة والمتصارعة فيما بينها, فأبوا ذلك والى اليوم.
ـ ومَن دعاهم لأن يكونوا عراقيين, ووطنيين يحبون بلدهم العراق, مُطالبا ً إياهم أن يبتعدوا عن تطبيق الأجندات الخارجية وأن يكونوا أدوات بها ولها, وأن يتنزهوا عن أخذ المال العابر للحدود, فأبوا ذلك والى اليوم.
ـ ومَن دعاهم الى أن يحترموا العراق وان يحترموا سيادته الوطنية, وعدم التدخل بشؤونه الداخلية فأبوا ذلك جهارا ً نهارا ً والى اليوم.
ـ ومَن ظلمها في مَن....؟
ـ ومَن ظلمها في مَن....؟
ـ ومَن ظلمها في مَن...؟
ولك أن تضع ما شئت لأن القائمة تطول وستطول في ظلم الرجل ـ الأمّة!
ـ(..ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون..)
ـ(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)
.
.
ـ ولم يحر السائل جواباً!.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!