بقلم: د. بلال الخليفة
العلاقة العراقية الإسرائيلية وعلى المستوى المعلن للأعلام العام هي عدائية ومنطلقة من العقيدة الإسلامية ومن القومية العربية. فكانت العلاقات(المعلنة) تشهد تصريحات كثيرة ضد الكيان الصهيوني من قبل المسؤولين.
وشاركت القوات العراقية في الحروب اللاحقة ضد إسرائيل في عامي 1967 و1973. وفي عام 1981، قصفت إسرائيل، مفاعلًا نوويًا عراقيًا تحت الإنشاء في التويثة، جنوب شرق بغداد، زاعمة تهديدًا للأمن القومي. ولم يرد العراق.
وقد بنى البريطانيون خطًا نفطيًا في الأربعينات، كان يعبر من غرب العراق عبر إمارة شرق الأردن الخاضعة للحكم البريطاني إلى فلسطين الخاضعة للحكم البريطاني. بعد ولادة إسرائيل عام 1948، اندلعت الحرب فورًا مع العراق وشرق الأردن والدول العربية الأخرى. وقد أجبر ذلك على إغلاق خط النفط وأدى إلى تسريب النفط العراقي عبر خط فرعي إلى سوريا.
أما بالنسبة لحرب عام 2003، أن إسرائيل تحث مسؤولي الولايات المتحدة على عدم تأجيل الضربة العسكرية ضد الرئيس العراقي صدام حسين. وأفيد أيضًا بأن المخابرات الإسرائيلية زودت واشنطن بتقارير مقلقة عن برنامج العراق المزعوم لتطوير أسلحة الدمار الشامل.
أولا: التطبيع والتخابر في الدستور
1 - في دستور جمهورية العراق النافذ لعام 2005 المادة (2): (الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساس للتشريع) وفي القران الذي هو دستور الإسلام يقوم في احدى آياته (۞ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) سورة المائدة.
2 – المادة (7) أولا: يحظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الإرهاب او يمجد او يروج او يبرر له، ..... تحت أي مسمى كان،...)، ذكر النهج العنصري والكل يعلم ان إسرائيل هي دولة عنصرية وهي الركيزة التي قام عليها كيانهم.
ثانيا: الخيانة والتخابر في قانون العقوبات البغدادي
إن عنوان التشريع هو قانون العقوبات البغدادي وكان تاريخ التشريع: 21-11-1918، وهو غير ساري لأنه قد الغي هذا القانون بموجب قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969
عدل عام 1919، ثم عدل عام 1963 وسمي قانون ذيل قانون العقوبات البغدادي، و وعدل أيضا عام 1968 والغي عام 1969.
وفي الرابع والعشرين من شهر كانون الثاني من عام 1947 ، اكتشفت الحكومة العراقية خلايا صهيونية جديدة ، في بغداد ومدن عراقية أخرى ، كانت تعمل على زرع الفتن واثارة القلاقل بهدف تشجيع اليهود على الهجرة الى فلسطين ، كان رد فعل الحكومة العراقية قاسياً ، فقد أقدمت هذه الحكومة التي كان يترأسها نوري السعيد على طرد حوالي ثمانمائة موظف يهودي من الدوائر الحكومية والشرطة والجيش ، للاشتباه بضلوعهم في نشاطات وانتماءهم لتنظيمات صهيونية . في العشرين من شهر تموز – يوليو – من عام 1948 ، تم تعديل قانون العقوبات البغدادي ، ليجعل النشاطات الصهيونية الفعالة جرائم عقوبتها الموت ،
خلال شهر آب أغسطس من عام 1948 ، جرت محاكمة المواطن العراقي البصري اليهودي " شفيق عدس " ومجموعة آخرين من المواطنين العراقيين غير اليهود ، بتهمة بيع الأسلحة لدولة اسرائيل ، وكان عدس من أثرياء اليهود المعروفين ، عمل وكيلاً لبيع سيارات " فورد الامريكية " كانت التهمة الموجهة له ، قيامه مع آخرين بشراء كمية من الاسلحة والعتاد من جنود بريطانيين ، عملوا في القواعد العسكرية التابعة للجيش البريطاني الذي كان يحتل العراق ، مثل " قاعدة الشعيبة " وقاعدة " الحبانية " وغيرها ، كما اتهموا بشراء الاسلحة من خارج العراق وبيعها للعصابات الصهيونية في فلسطين قبل قيام الدولة ، لقد أدانت محكمة بغداد " شفيق عدس " وحكم عليه بالإعدام وتم تنفيذ الحكم بعد شهر من صدوره ، أي في شهر ايلول 1948 ، وخلال هذا الشهر تم تخفيف الاحكام العرفية في العراق ، والغاء المحاكم العرفية ، مما جعل اليهود العراقيين يشعرون بالارتياح ، وقد صرح حينها حاخام بغداد "ساسون خضوري " بأن هذه الاجراءات كانت ضرورية ومؤقتة بسبب ظروف الحرب في فلسطين ، وهي على أية حال لم تكن على مستوى الشدة التي اتسمت بها اجراءات الحكومة الامريكية في أواخر الحرب العالمية الثانية ضد مواطنيها الذين كانوا من أصول يابانية .
ثالثا: الخيانة والتخابر في قانون العقوبات النافذ رقم 111 لسنة 1969
المادة 164 من قانون العقوبات النافذ رقم 111 لسنة 1969
يعاقب بالاعدام:
1 – من سعى لدى دولة اجنبية او لدى احد ممن يعملون لمصلحتها او تخابر مع اي منهما، وكان من شان ذلك الاضرار بمركز العراق الحربي او السياسي او الاقتصادي.
2 – من اتلف عمدا او اخفى او سرق او زور اوراقا او وثائق وهو يعلم انها تصلح لاثبات حقوق العراق قبل دولة اجنبية او تتعلق بامن الدولة الخارجي او اية مصلحة وطنية اخرى.
مادة 201
يعاقب بالإعدام كل من حبذ أو روج مبادئ صهيونیة بما في ذلك الماسونية، أو انتسب الى اي
من مؤسساتها أو ساعدها ماديا أو ادبیا أو عمل باي كیفیة كانت لتحقیق أغراضها. (عدلت
المادة 201 بموجب قانون التعديل الثالث المرقم 130 لسنة 1975)
الخلاصة
1 - يُعدّ مبدأ لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص أو بقانون، من المبادئ الراسخة في أغلب النظم القانونية، ومقتضاه أنه لا يمكن عدّ أي فعل جريمة لم يجرّمه المشرّع مسبقاً، كما لا يمكن فرض أي عقوبة لم يجعلها المشرّع من العقوبات التي يجب إنزالها بحق الجاني عند ارتكابه لجريمة ما، وهذا المبدأ يُعدّ من المبادئ الدولية، فمثلاً ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 في المادة 11 (لا يدان أي شخص من جراء فعل أو ترك إلا إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي)؛ كما تضمنه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 حيث نص صراحة في المادة (22) منه على أن (لا يسأل الشخص جنائياً بموجب هذا النظام الأساسي ما لم يشكل السلوك المعني وقت وقوعه، جريمة تدخل في اختصاص المحكمة). وتنص المادة (23) من هذا النظام أيضاً على أن (لا يعاقب أي شخص أدانته المحكمة إلا وفقاً لهذا النظام الأساسي).
2 - وقد أخذ الدستور العراقي النافذ لعام 2005 بهذا المبدأ في المادة (١٩) التي تنص (المادة ثانيا : - لا جريمة ولا عقوبة الا بنص، ولا عقوبة الا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة، ولا يجوز تطبيق عقوبة اشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة ). وحيث يوجد نص يجرم التطبيع .
3 - يوجد مبدأ مهم وهو (بأن أي تشريع لا يلغى أو يعدل إلا بتشريع لاحق) يصدر من السلطة التشريعية ممثلة بمجلس النواب في العراق والذي له الصلاحية الحصرية، وان القوانين والتشريعات العراقية لم تشرع قانون يلغي المادة 201 من قانون العقوبات العراقي.
4 - ان القاعدة الأصولية تقضي بأن الخاص يقيد العام وليس العكس وعلى ذلك فإن أي مشكلة قانونية تثار بشأن الوقف بجميع أنواعه، ولم يشرع قانون خاص بالتخابر بصورة عامة او بالاتصال او التطبيع مع إسرائيل وبالتالي ان القانون العام للعقوبات النافذ هو ساري المفعول ومعمول به حاليا.
5 – النتيجة ان العراق لا يحتاج لسن قانون او المناداة ضد التطبيع ، لان الامر محسوم سلفا، فاي شخص ينادي بالتطبيع فانه يعدم وفق المادة 201 من قانون العقوبات العام النافذ رقم 111 لسنة 1969.
6 الامر يحتاج لتطبيق القانون لا اكثر ، وان عدم تطبيق القانون جعل الكثير ينادي ويروج للصهيونية وبشكل علني وعلى الهواء مباشرة.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!