- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بحث ..المجلس الحسيني مدرسة روحية تربوية - الجزء الاول
بقلم: حسن كاظم الفتال
حالفنا الحظ أن يكون مسقط رؤوسنا الفردوس الحسيني مدينة سيد الشهداء عليه السلام كربلاء المقدسة وأن نرتمي بحجور طيبها عبق الولاء الحسيني اللا مثيل له .ومع إبصارنا النور راحت تحتد بصيرتنا ويوما بعد يوم نزداد استمتاعا ونشوة وابتهاجا بطوافنا حول هذا الفردوس.
فقادنا حسن الحظ والقدر الحَسَن إلى أن نتعقب آباءنا في ارتياد المجالس الحسينية رغم أننا كنا لم ندرك بعد تمام عظمة وهيبة وفضل وجلالة وقداسة المجلس الحسيني وما يؤول إليه من نتائج . حتى اكتسبنا ما يدعو للفخر والإعتزاز فأدركنا أنه أي المجلس الحسيني لا يحظى بنيل فخر الإلتحاق به إلا من هو ذو حظٍ عظيم إذ أنه مدرسة تربوية تهذيبية روحية يحرز منها الفرد أفضل المعارف شريطة أن يكون مؤهلا نفسيا وروحيا وعقليا وضميريا للتقبل والتلقي والإستيعاب للتعلم والتوعية والثقافة والآداب العامة وفي مقدمة كل ذلك الإطلاع الواسع والتعرف على مفاهيم ومضامين ومبادئ وقيم وخفايا واسرار القضية الحسينية العظيمة وأهدافها. تلك القضية التي غذت عقول الأجيال بمفاهيم قادتهم إلى اعتماد عناصر الإصلاح الفردي والمجتمعي وتطبيقه.
وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ
القضية الحسينية التي ساهمت في قدح الزند لتوهج العقل الجمعي العقائدي المتفتح وقادت الأجيال لأن تتنافس على استلهام الدروس التي تؤهلها للإلتحاق بمدرسة الحضارة الإنسانية.
ولعل ابرز ما إختص به هذا الفردوس الحسيني أو ما يميزه واشتهر به إقامة المجالس وإحياؤها من قبل أناس دوَّن التأريخ أسماءهم بحروف نوارانية متوهجة خطتها العقيدة على فضاءات الخلود يتعذر حذفها او ازالتها على مرور الزمن.
ومثلما أنجبت مدينة كربلاء المقدسة أفذاذا وجهابذة من العلماء والخطباء والأدباء والمثقفين والباحثين والمحدثين الذين حقَّ لأن يشار لهم بالبنان دون منازع . مثل ذلك قد أدت هذه المجالس غرضها ودورها الفاعل في إغناء الساحة الفكرية والعلمية والأدبية والثقافية وخَرَّجَت أجيالا من المتدرعين بثقافة عاشورائية متجددة شمولية. وكم من أفراد أميين ابجديا أي لا يحسنون القراءة والكتابة توجتهم هذه المجالس الحسينية بتيجان المواهب والمهارة ومنحتهم بركاتها بعد أن رفدتهم بمعطياتٍ ثقافية تدرعوا بها لتمنح لهم تاشيرة تمكنهم ولوج كل الميادين الحضارية العصرية إذ تنورت البصيرة لديهم قبل البصر فبرزوا واقتحموا ساحة الأدب والثقافة بكل أحقية . والشعراء الحسينيون القدماء هم خير مصداق على قولي هذا. مثلا ليس الحصر .المرحومين .. كاظم المنظور ..عبود غفلة .. كاظم السلامي . سعيد الهر .. عبد علي الخاچي . ولم يقتصر الوجود على هؤلاء فحسب إنما هنالك من احتلوا مكانة فضلى مرموقة . وهنالك من يجيد شيئاً من القراءة والكتابة شبه الملائية . إنما هؤلاء جميعا أغنوا ساحة الأدب الحسيني إغناءً وإثراءً لا ثاني له . بل رسخوا الكثير من المفاهيم بأذهان الناس غذوا العقول واسرجوها لتستضيء بمعارف وثقافات ربما منعدمة الوجود لدى بعض الحائزين على شهادة راقية . وهذا طبعا إلى جانب أرباب العلم والثقافة والأدب الحسيني في أرجاء كثيرة متعددة ومختلفة.
وهؤلاء بعد أن تشرفنا باقتفاء آثارهم واتباعهم سرا وعلنا ظاهرا وباطناً حذو النعل بالنعل والأثر بالأثر اكسبتنا من مرافقتهم دروسا لم تكن أقل فائدةً ومنفعة وأثراً من دروس المدارس الأكاديمية مما دعانا أن نفخر بما حملنا مما أكسبونا وذلك تارة بالقول والنصيحة والتصريح وتارة أخرى بالأمر أو بالتقرير أو التلميح أو ربما التنويه اذ أحيانا يلوحون للفت أنظارنا لأمر معين لحثنا على التصرف السليم الصحيح من خلال مخاطبتنا مباشرة أو محاكاة عقولنا بوخزة ضميرية تلفت انظارنا أو لتصرف معين يناغي مشاعرنا فنلتقف من هذه المناغاة كل ما هو حسن ونعتمد كل ما هو صالح وندع كل ما هو طالح.
أصبحنا نفسر ونترجم الإشارات والتلميحات وكأنها كانت تنطق لنا بالقول :
حاول بكل جهدٍ وسعي حثيث أن لا يفوتك حضور المجلس الحسيني قدر ما تستطيع لتزداد فطنة وخبرة ومعرفة فضلا عن النية في إعطاء المواثيق الولائية واستحصال معارف تنجيك من الوقوع في شفا جرف الجهل والهلكات وتبلغ بها الصراط المستقيم.
وكأنها توصينا لأن نتعرف ولو بشكل جزئي على الامام الحسين صلوات الله عليه وما هي المراحل التي مر بها في تحقيق الإصلاح . ولعل كل ذلك سيرشدك ويعرفك عليه الخطيب الحسيني حين يرتقي المنبر ويتحدث. خصوصا أولئك الخطباء الأجلاء البارعين المخلصين الذين تركوا بصمة في عالم إحياء ذكر آل البيت صلوات الله عليهم أجمعين.
وما عليك إلا أن تنصت إنصاتا شديدا للخطيب لتتعلم فتملك شيئا من كل شيء . ولو كنت تزعم بانك تعرف كل شيء فلعل الخطيب سيذكرك بما أنساك الشيطان أو أنساك انشغالك بأمور الدنيا الجانبية فينسجم التذكير مع مبدأ ظاهر منطوق الآية الكريمة : ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) ـ الطور /55
وهذا التذكير قد يصفه بعضنا بأنه أشبه بشحنة إضافية تمهد لك دخول ساحة اللطم بعد الخطيب ومشاركة الرادود وانت على اهبة الاستعداد لنصرة صوت الامام الحسين صلوات الله عليه ومواساة لجده وامه وابيه صلوات الله عليهم مهيئاً لان تعلن موالاتك للإمام الحسين صلوات الله عليه تواسي جده وأمه وأباه صلوات الله عليهم وتضرب صدرك متأسيا شجبا واستنكارا لمن رضَّ صدره الشريف.
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول