- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لماذا يطالب الفاسدون بمحاربة الفساد؟
بقلم: قيصر الصحاف
ورثت حكومة الكاظمي تركة ثقيلة من ادارات بائسة لحكومات سبقتها فلا أمن ولا اقتصاد ولا مال ولا فرص عمل ولا خدمات عامة ولا طرق ولا كهرباء ولا ماء ولا تعليم ولا صناعة ولا زراعة، فضلا عن انتشار الفقر والفساد والترهل الوظيفي واندثار القطاع الخاص واعتماد شبه كلي على الاستيراد وغير ذلك الكثير من المشاكل المعقدة والتي تنذر بمستقبل خطير للعراق والعراقيين في حال استمرارها، ومع كل ذلك يتشدق بعض السياسيين والمسؤولين السابقين بتقديم النصح للحكومة ويستشهدون بانجازاتهم الفارغة !!!
فمع كل خطوة حكومية باتجاه معالجة هذه المشاكل تتعالى اصواتهم التي سئمها العراقيون، ويجددون المطالبة بمحاربة الفاسدين ويؤكدون ان هذه الخطوة كفيلة بمعالجة كل المشاكل التي يعاني منها البلد !!
هم يعلمون جيداً ان راس الفساد وجوهره يكمن في بعض الثغرات التي صنعوها هم لاضفاء الصفة القانونية على تعاملاتهم الفاسدة والتي تمثل المشكلة الاكبر والاكثر تعقيداً في العراق، فلا قيمة لالقاء القبض على مرتش او مغتلس او مهرّب اذا كان فعله هذا مؤطر باطار قانوني يمنع الجهات التنفيذية من محاسبته، ولا قيمة لإغلاق مصرف أهلي او شركة صرافة تمارس نشاطاً اقتصادياً مشبوهاً اذا كانت إجراءاتها موافقة للضوابط المعتمدة.
لذلك أعتقد ان جوهر الفساد الذي تعاني منه الدولة يكمن في تلك الثغرات التي يستغلها الفاسدون في تمرير صفقاتهم وأعتقد ايضاً ان الحكومة تدرك هذا الأمر جيداً لذلك بدأت خطوات اجرائية لغلق تلك الثغرات ابتداءً من تشديد الاجراءات في المنافذ الحدودية مروراً باقالة عدد من المسؤولين في مفاصل ادارية مهمة وصولاً لمعالجة مشاكل مزاد العملة الذي يتفق الجميع على انه الثغرة الأخطر على الاقتصاد العراقي والتي اتاحت للفاسدين بناء امبراطورياتهم المالية على حساب قوت الشعب.
والغريب في الامر اننا نجد الكثير من الفاسدين انفسهم يؤكدون ان مزاد العملة يمثل سبباً جوهرياً في اضعاف اقتصاد البلد، يقولون ذلك لانهم يعلمون ان الحكومة غير قادرة على ايقافه في الوقت الحاضر لان ايقافه يعني رفع الدعم كلياً عن الدولار وهو ما يتسبب بانهيار قيمة العملة المحلية وينذر بمشاكل اقتصادية خطيرة.
لذلك كانت الحكومة أمام تحد خطير واختارت ان ترفع الدعم جزئيا عن الدولار من خلال رفع قيمته أمام العملة المحلية مع الابقاء على مزاد العملة ولو بشكل مؤقت، وهو ما سيضمن خفض قيمة الفائدة التي يحصل عليها المنتفعون من هذه النافذة بنسبة كبيرة.
من الممكن ان يسبب هذا الاجراء في بداية الامر ضغطاً على بعض فئات المجتمع لكنه سيكون ظرفاً مؤقتاً وسيضع في النهاية حداً لاستهتار الفاسدين ويفوت عليهم الكثير من فرص جني الاموال على حساب الدولة والمواطن، ويوقف فوضى إغراق السوق المحلية بالبضائع المستوردة والعمالة الاجنبية وسيدفع الى تفعيل القطاعات المدرة للدخل لا سيما القطاع الخاص وقطاعي الصناعة والزراعة وسيضمن تشغيل اعداد كبيرة من الشباب العاطلين عن العمل ويقلل من نسب البطالة والفقر في البلد.
أقرأ ايضاً
- لماذا ترتفع درجات الحرارة في العراق؟
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- لماذا أتذكر الجعفري؟!