- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ليس بناطحات السحاب يحيى الانسان !
حجم النص
خليل الطيار
واحدة من ابرز مخرجات تظاهرات السليمانية الاخيرة ، هي كشفها ان مسببات التظاهر لا تنحصر فقط بفقدان وسوء الخدمات وانعدام مقومات حقوق المواطنة .
جذر المشكلة التي تثير حفيظة الانسان و تدعوه للتظاهر والمطالبة بحقوقه، سواء عبر الوسائل المشروعة وغير المشروعة،يكمن بفقدانه العدالة الاجتماعية .
نعم في ظل ما يحصل ونشهده من ردة فعل غاضبة لجماهير شعبنا الكوردي لا شيء غير ذاك "فقدان العدالة الاجتماعية"
فالاقليم الذي ظل منذ آواخر الثمانينيات يتمتع باستقلال اداري وسياسي، بل واقتصادي وتوفرت فيه الفرصة ليعيد ترتيب مجمل اوضاع البنى التحتية بمحافظاته ، مستثمرا انشغال المركز بأزماته المستدامة اتيح للاقليم خلالها ان يستثمر كل ذلك لصالحه ليتقوى اداريا وسياسيا واقتصاديا، و يتحرر من تبعات المركز ويدير اوضاعه بسياسة مستقلة حققت له فرص ثمينة للازدهار، كانت كافية ليشعر فيها المواطن الكوردي بالامن والاستقرار والرخاء تجعله يتغاضى عن اخطاء السلطة وتبعده من التفكير بوضعها وممارساتها . وتخفف عنده حدة الانتقاد والتعارض لسياساتها طالما توفرت له بنى تحتية جيدة يحصل فيها على كل متطلبات الخدمات ومناخ الحياة الامنة، لاتجعله يفكر ان يكون ندا للسلطة وان اخطأت في منهجها الاداري والسياسي.
وهو المرتكز والمؤشر الذي طالما كان قادة الاقليم وساسته يتبجحون فيه امام شعبهم و شركاؤهم في المركز متناسين ان ذلك ليس كافيا امام استكمال متطلبات الحكم الرشيد والذي يرتكز على مبدأ تحقيق العدالة في مختلف اوجهها .
فالشعوب لم تعد تكترث بوجود تطور عمراني يرون فيه ناطحات السحاب مشرأبة في اوطانهم ولا بوجود ملعب كرة قدم ضخم ، ولا بعدد الجامعات الاجنبية ولا بمضمار ان تكون دولتهم قد فازت بكاس العالم ام خسرت .
الشعوب بات يشغل تفكيرها الاول هو تأمين وتحقيق العدالة الاجتماعية لسبل العيش الكريم.لا تسلبه السلطة حقوق المواطنه ولا تنتقص من ثمرة استحقاقاته كبشر ينتظر اجر عمله ليلبي متطلباته المعيشية التي هي من واجبات اي حكومة توفيرها لمواطنيها، وبدون ذلك وان طال الصبر سوف تتحرك غريزة التحدي للهدوء والسكينة ويتجه نحو التمرد على واقعه ويبدأ بالحديث الهادىء ليتطور تدريجيا الى الصراخ والهياج للمطالبة بالحق والتعبير عن الضرر والاجحاف الذي يلحق به بسبب تضخم مستوى الفوارق الطبقية بالمجتمع حيث تنمو وتكبر فيه طبقة حاكمة مرفهة تتفاقم ثرواتها واموالها وتتوسع منافعها على حساب حقوق قوت ابناء شعبها واستحقاقاتهم المعيشية .
من هنا تبدأ شرارة الانفصال عن متعة الشعور بالرفاهية والاستقرار الامني ويتخلى المرء عن كل ملذاته فيها قبال فقدانه رغيف الخبز
فتثور رغباته للمطالبة الحقة فيها
وهذا يكشف سر انتفاضة ابناء شعبنا الكوردي الذين لم يعد يأبه بما ينعم فيه من بيئة امنة توفرت فيها كل معالم النهضة العمرانية نسبيا لكن غابت فيها حقوق العدالة الاجتماعية، والتي تسببت ببراكين الغضب الجماهيري وان سكنت وتأخرت لحين .
متى يرعوي ساسة هذا البلد ويفهم الجميع، ان البطون اذا ثارت وقالت قولتها لا يسكت صوت غضبها شارع نظيف، وعمارة انيقة، وكهرباء مستمرة ولا تفرد سلطوي عن المركز ،ولا المطالبة بحكم ودولة مستقلة .
الشعوب في كل مكان ستثور حتما اذا ما تسببت السلطة بحرمان حقوقها ومنع البطون من الشبع عندها لن تكون ناطحات السحاب ، ولا توفر الكهرباء، وكثرة المولات والمطاعم ولا الشوارع المضاءة حجة لمنع ثورة المطالبة باخذ الحقوق المغتصبة منه.
الشعب سيثور مع وجود كل ذلك اذا ما غابت العدالة الاجتماعية وحرمت مستحقات العمل وانتهكت كرامة العيش، فكيف اذا غيبت الحكومة والسلطة الاثنان معا، رغيف الخبر وتعمير الاوطان ؟!
سؤال موجه للحكام والساسة سواء في حكومة المركز والاقليم .
متى تفهمون ان اعمار الانسان وتأمين مستلزمات عيشه بعدالة اجتماعية تزول فيها الفوارق الطبقية ، هي اول مهام وواجبات اي حكومة او سلطة عادلة، قبل التبجح بالخضرة والماء والوجه الحسن،وتذكروا دائما انشودة "هربجي كورد وعرب رمز النظال "
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!