بقلم: علي حسن الفواز
خسر ترامب المعركة الانتخابية، وفاز جو بايدن في لعبة الرهانات على التغيير، وما بين الخسارة والفوز تتبدى ملامح التحولات التي يمكن التكهن بحدوثها في عوالم السياسة والاقتصاد والأمن، فالرئاسة الاميركية هي رئاسة عالمية شئنا أم أبينا، وأن للدولار سلطة تشبه سلطة الرئيس.
أسباب الفوز لا تشبه طبعا أسباب الخسارة، رغم أن كليهما يسعى نحو فرضية السلطة، والقوة والحسم، لكن خسارة ترامب انتخابات 2020 كان لها طعم آخر، واحساس من الصعب على أي رئيس اميركي أن يحظى به، لا على مستوى المشاركة الانتخابية، ولا على مستوى التحدي واللغة والتحشيد، كما أن فوز جو بايدن أعاد النظر بكثير من الحسابات السياسية، وبالطريقة التي يُمكن أن يُدار بها العالم، فالقوة حين تكون غرورا وعسفا وتعاليا واوهاما تفقد شرطها الاخلاقي، وتجعل الرئيس شبيها بـ"الامبراطور القديم" في حكايات هندرسن، حيث لا تحميه تلك القوة من عريه الحقيقي.
رفض ترامب للخسارة يعكس اوهام تلك القوة، كما أن نزوع بايدن للاستعراض يعكس الزهو الذي ازاح به اكثر رؤساء العالم شعبوية وضجيجا، وهذا ما يجعل البحث عن خيارات لاعادة صياغة المشهد أمرا معقدا، وسيمر عبر عقد قانونية، وسياسية ومزاجية، والتي ستجعل الجمهور الاميركي امام حسابات أخرى، مثلما ستجعل عديد الدول، ومنها دولنا العربية أمام خدعة صورة الرئيس المغرور والقادر على فرض رؤيته على الاخرين في رهانات الحرب والسلام.
ترامب خارج التاريخ، وسيكون خارج الذاكرة ايضا، كما أن الرئيس الجديد بايدن سيجد نفسه حاضرا في مشهد سياسي كوني بالغ التعقيد، لاسيما أن هناك ملفات صعبة تركها ترامب مفتوحة، أو مؤجلة لمرحلة اعتقد انه سيستأنفها من جديد، ومنها مايتعلّق بجائحة كورونا والاقتصاد الاميركي المترنح، ومنها ما يتعلّق بالعلاقة المضطربة مع الصين وروسيا وايران وفنزويلا وكوبا وبيلاروسا وغيرها، ومنها مايتعلّق بملف الشرق الاوسط المزدحم بالحروب المحتملة، وبملف الاتفاقيات الدولية التي انسحب منها ترمب بنوع من الاستعراضية الغريبة.
ذهب ترامب وجاء بايدن والعالم يبحث عن جرعات عالية من العقلانية لمواجهة الجنون الذي تركه الجمهوريون على الطاولة، وعند ازمات الصراع والعنف والارهاب الذي ينتظر رئيسا حكيما وليس رئيسا له امتيازات التاجر او الجنرال.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً