عباس الصباغ
في ظل المعطيات التي افرزتها جائحة كوفيد 19 والتي منها ان هذه الجائحة اصبحت واقعا حياتيا ملموسا فرض نفسه على جميع ارجاء المعمورة وصار من المسلّمات الواقعية ، عزّز ذلك التقارير الطبية المؤكدة حول استمرار بقاء هذه الجائحة لوقت اطول مما توّقع الخبراء ، اذ أكدت منظمة الصحة العالمية عدم توفر لقاح في الافق المنظور ضد الوباء حتى الآن قد يجعله من جملة الفيروسات المتوطنة التي تحيط بنا، مما يجبرنا على التعايش معه بشكل طبيعي، وحذرت من الآثار النفسية الناتجة عن ظهور هذه الجائحة في العالم، فالحجر وفقدان الأحباء والخوف من المستقبل كلها عوامل من شأنها أن تصيب البشر بأمراض نفسية طويلة الأمد .
واقتصاديا ان الكثير من الحكومات تكبّدت خسائر اقتصادية فادحة بفعل هذه الأزمة، مما جعل العديد منها تعيد الحياة جزئيا إلى النشاط الاقتصادي. فالتعايش مع فيروس كورونا المستجد بات واقعاً محتوما بعدما كان اختيارا مؤقتا في الإغلاق اضطرارياً وإجبارياً بالنظر لعدم معرفة طبيعة المرض وانتظار اللقاح المناسب، لكن يبدو أن العالم اقتنع بأن الوباء سيطول، وأن لقاحه مستبعد إعلانه قريبا فالعودة للحياة أصبحت ضرورة ملحّة والتي تتطلب عودة الاقتصاد والأعمال، ومن الواضح جدا أن التعايش مع كورونا قد يكون الخيار الأخير، لكنه الوحيد المتوافر بين أيدي البشر حاليا.
فصار لزاما على جميع الدول الموبوءة ومنها العراق ان تتعامل مع هذا الوباء كما تعاملت الكثير من الدول مع هذا الوباء كألمانيا والصين وغيرها وذلك بالتعايش الحذر معه ،ومن المحتمل أن يكون هذا الوباء من الأوبئة التي تلازم حياتنا لفترة زمنية طويلة، وقد نتعايش معه كما تعايشنا في الماضي مع كثير من الفيروسات كفيروس سارس وفيروس انفلونزا الطيور وجنون البقر وغيرها من فيروسات، ان بعض الحكومات تكبّدت خسائر اقتصادية فادحة بفعل هذه الأزمة، فأصبح الخروج من الوضع الاقتصادي المتجمد والعزلة الاجتماعية أمراً حتمياً لا مناص منه، فهذا الخروج هو ما يطلق عليه «التعايش مع كورونا» وهو الملاذ الذى لجأت إليه أغلب دول العالم المتقدم". قرار الإجراءات الاحترازية والحجر المنزلي التي تم اتخاذه على مستوى العالم لم يكن قرارا سهلا، خصوصا أن ضريبته قد تؤدي إلى كساد اقتصادي ربما يكون أشد فتكا من الفيروس نفسه. بدأ عدد من دول العالم إعداد شعوبها لضرورة التعايش مع فيروس كورونا المستجد؛ فلم يعد ممكناً عليها تحمّل الإغلاق الكامل، أو شبه الكامل، أو حتى الجزئي، للحياة والاقتصاد والحدود. وبالتاكيد ان العراق لن يحيد عن هذه الاجراءات التي تخدم الصحة العامة والاقتصاد الوطني معا وهي معادلة صعبة تكمن في تحقيق التوازن بين أهمية حياة البشر وصحتهم من جهة، وأولوية ذلك وبين تحريك الاقتصاد، والحفاظ على استمراره ونجاحه..
أقرأ ايضاً
- عْاشُورْاءُ.. السَّنَةُ الحادِية عشَرَة (19)
- ما يُطبَّق وما لا يُطبَّق من أحكام قانون الإدارة المالية الإتّحادية رقم 6 لسنة 2019
- 19 عاماً مع الناس