بقلم: أياد السماوي
كلّ شيء في هذه الزيارة الخيبة كان متوقعا , ابتداءا من توقيت الزيارة عشية الانتخابات الأمريكية وانتهاءا بعدم وجود مطالب وطنية محدّدة للوفد العراقي الزائر , أنا شخصيا كنت واثقا أنّ الزيارة ستكون فاشلة ومخيبة للآمال , وستصب في مصلحة حملة ترامب الانتخابية , وهذا خطأ قاتل سيضرّ في مصلحة البلد لو خسر ترامب والجمهوريين الانتخابات القادمة , وهذا متوّقع وسيحصل لا محالة في ظل تعاظم سخط الأمريكين على سياسية رئيسهم وتوقعات مراكز استطلاع الرأي الكبرى في أمريكا .. فما كان ينبغي لرئيس الوزراء القيام بهذه الزيارة في هذا الوقت , وكان من الحكمة تأجيلها إلى ما بعدالانتخابات الأمريكية , حتى لا تحتسب أنّ الزيارة هي لدعم حملة الرئيس ترامب الانتخابية ودعما للجمهوريين على حساب الديمقراطيين , والخطأ الآخر للوفد العراقي الزائر هو أن الوفد ليس له مطالب وطنية محددة للتفاوض بشأنها مع الجاني الأمريكي , فكان من المفروض أن يكون للوفد العراقي مطالب وطنية محدّدة يتم عرضها على الجانب الأمريكي قبل الزيارة للتفاوض عليها ,على سبيل المثل التفاوض مع الجانب الأمريكي حول حاجة العراق للسلاح لمواجهة الاعتداءات الخارجية التي يتعرّض لها باستمرار , وتسليم العراق منظومات رادارات وأسلحة مضادة للجو لحماية أرضه وسمائه من الاعتدات الخارجية , كذلك التفاوض مع الجانب الأمريكي حول السماح للعراق بسحب أمواله المودعة كسندات خزينة في البنك الاتحادي الفيدرالي الأمريكي والبالغة 35 مليار دولار لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي يمرّ بها , ومواجهة جائحة الكورونا التي تفتك بالشعب العراقي , وكذلك حث الولايات المتحدة على الإيفاء بالتزاماتها وفق ما جاء في اتفاقية الأطار الستراتيجي الموقعة بين العراق والولايات المتحدة.
البيان المشترك الذي صدر عقب لقاء رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالرئيس ترامب قد عكس هذه الخيبة والفشل الذريع في تحقيق مكسب واحد حقيقي للعراق في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها .. وما أشيع عن توقيع عشرات العقود مع الشركات الأمريكية في مختلف المجالات , هو كلام فارغ وتضليل للرأي العام العراقي والأمريكي , فالذي تمّ توقيعه مع الشركات الأمريكية المختلفة لم يكن سوى مذكرات تفاهم بين العراق وهذه الشركات .. ومذكرات التفاهم ليست سوى اتفاق أولي لا تترّتب عليه أي التزامات أو آثار قانونية.
وسبق للعراق أن وقّع أضعاف هذه المذكرات مع دول أخرى كالصين وألمانيا والسعودية ومصر والأردن , ولكنّ جميع هذه المذكرات لم تجد طريقها للتنفيذ .. وهل نفذّت أمريكا اتفاقاتها التي وقعّتها مع العراق بموجب اتفاقية الأطار الستراتيجي ؟ وهل استطاع الوفد العراقي أن يوّضح للأمريكان أنّ الشعب العراقي غير معني بعداء ترامب وإدارته لإيران وأنّ العراق لا يمكنه أبدا أن ينظّم لجبهة الدول التي تقاطع إيران ؟ كما وهل أوضح لهم أنّ الحشد الشعبي هو مؤسسة عسكرية عراقية بموجب القانون وهو لا يختلف عن أي مؤسسة عسكرية أخرى خاضعة لأمرة القيادة العامة للقوات المسلّحة ؟
وموضوع سلاح بعض التنظيمات المسلّحة الخارجة عن سيطرة الدولة مرتبط بشكل كامل مع التواجد العسكري الأمريكي , وانسحاب القوات الأمريكية من العراق سيسحب البساط من تحت أرجل هذه التنظيمات المسلّحة ؟
هكذا يجب أن تكون المفاوضات .. وإذا ما أرادت أمريكا حقا مساعدة العراق في محاربة الفساد واستعادة أمواله المنهوبة , فلتساعد الحكومة العراقية بحجزأموال السياسيين العراقين الموجودة في البنوك الأمريكية والأوربية والخليجية وباقي البنوك الأخرى في الأردن ولبنان وبيلاروسيا وغيرها من بلدان العالم من خلال استصدار قرار أممي بحجز هذه الأموال .. خيبة جديدة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بهذه الزيارة الفاشلة أضيفت لخيباته السابقة في معالجة الأزمة الاقتصادية والصحيّة ومحاربة الفساد.
أقرأ ايضاً
- الزيارة المرتقبة للقادة العرب وحال المدارس العراقية
- وانتهت الزيارة وهذه اولى الارهاصات ... السيستاني رجل حكيم
- الاثارة في الزيارة السيد والبابا