بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
ماذا فعلَ النظام السياسيّ "الجديد" في العراق ، للتغطيةِ على فشلهِ طيلة ستّة عشر عاما ؟
الإجابة هي .. لا شيء.
- بعد مئات الآلآف من القتلى والجرحى والمُعاقين .. ومئات الآلآف من الأراملِ الكادحاتِ الكسيرات، والملايينَ من اليتامى المحرومينَ ، والفقراء المُستَضعفين .. لَمْ يحدث شيء.
- بعد الخراب الشامل (وشبه الشامل) لأغلب المدن العراقية (في الوسطِ والغربِ والجنوبِ والشرق)..
لَمْ يحدث شيء.
- بعد هدر مئات الملياراتِ من الدولارات .. لَمْ يحدث شيء.
- بعد هشاشة الدولة ، والإمعانِ في إضعافِها ، وتطاول "الآخرين" عليها (من الداخل والخارج)، وتحويلها (عمْدا ، ومع سبقِ الإصرارِ والترَصُّد) إلى "بُنية" فساد متعدّدة الأبعاد.. لَمْ يحدث شيء.
-بعد تسريع عملية "تفكيك" النسيج المجتمعي (المُتعدِّد، والمُتنَوِّع، وغير المُتجانس ، والمُنقَسِم على نفسه أصلاً) .. لَمْ يحدث شيء.
- بعد الإحتلال الأمريكي ، واحتلال "القاعدة" ، واحتلال داعش لنا .. وبعد احتلالنا لأنفسنا .. وبعد "تحريرنا" من كُلّ هذا.. لَمْ يحدث شيء.
- بعد أنْ جِئنا بكلّ من هَبَّ و دَبّ .. وبالنطيحةِ والمُتردّية .. وبكُلِّ من أكَلَت الضباعُ الرمّامة منهم .. وجعلناهُم زعماءَ ومُدراءَ ووزراء وقادة .. لم يحدث شيء.
ولكن .. في نهاية العام السادس عشر، وبعد 600 قتيل ، و 20 ألف جريح ( من بين الملايين التي خرجتْ للإحتجاجِ على هذا النظام .. والقادمينَ من بين أولئكَ الذين يُفتَرَضُ أنّ هذا النظام قد جاءَ من أجلهم اصلاً ) .. حدثَ شيء.
ماهو هذا الشيء؟
إلى الآن .. هو لا شيء.
وإليكم بعض التفاصيلِ التي جعلتْ "النظام" يقلبُ الشيءَ الوحيد المُهمّ الذي حدث لهُ ، ولنا، طيلة ستّة عشر عاماً .. إلى لا شيء :
- قانون انتخابات "جديد" .. لُمْ يُوَقّع من رئيس الجمهورية بعد .. ولم يُنْشَر في الجريدةِ الرسميّة بعد .. ولو حدثَ وتمّ توقيعهُ ونشره، فإنّ الكثيرين يقفونَ في إنتظارهِ في أروقةِ المحكمة الإتّحاديّة ، ليقوموا بالإعتراضِ عليه ، ونقضِه .. وتحويلهِ إلى لا شيء.
- قانون "جديد" للمفوّضيّة "المُستَقِلّة" للإنتخابات ، إستبدَلَ طريقة إختيار المُفَوّضين ، من المُحاصَصة المُباشِرة ، إلى المُحاصصة بـ "قُرعة" الكُرات الإثنيّة ، في الدوارق الزجاجيّة.
ومن هذه "القُرعة" ، والكُرات ، والدوارق .. لا يُمكنُ أن نتوقعَ نتائجَ مُختلفةٍ عمّا سبق .. وستوضَعُ ذاتِ الإستماراتِ في ذاتِ الصناديق .. وستأتي الوجوهُ والسحنات ذاتها .. وما سيحدثُ في نهاية المطاف .. هو لا شيء.
- قانون تقاعد "جديد" ، بتعديلِ لاحِق .. تمّ سلقهُ بسرعةٍ فائقة ، كما يُسلَقُ البيض ، في ماءٍ بارد..
والجميعِ ساكتون ، بل أنّ بعضهم سعيدٌ جدّاً بهذا القانون ، وبالنتائج الكارثيّةِ التي ستترتّبْ عليه ، في الأجَلَين ، القصير ، والبعيد.
-زيادة عدد الموظَفين والمُتعاقدين والأُجراء في دوائر الدولة (الذين يزيد عددهم على أربعة ملايين أصلاً) ، ليرتفع بذلك حجم المبالغ المصروفة على باب "تعويضات المُشتَغِلين" من 38 ترليون دينار في الموازنة العامة لعام 2019 ، إلى 52 ترليون دينار في الموازنة العامة لعام 2020 ، في وقت تُعاني فيه الموازنة العامّة القادمة (إنْ تمّ إقرارها) من عجزٍ غير مسبوق ، قد يتجاوز الـ 50 ترليون دينار.
- مايزالُ الفاسدونَ "الحقيقيّونَ والكبار" يسرحون ويمرحونَ بما تمَ نهبهُ منّا .. وفي الهواءِ الطَلِق.
لم يمسسهُم أحد ، ولَمْ يقم بتَسْميتِهم عَلَناً أحد ، ولَمْ يُلحِق العار بهم أحد. وفي"المُناسبات" القليلة التي فعلنا فيها ذلك ، فإنّنا قمنا بتهريبهم إلى الخارج ، وذهبنا ببعضهم إلى المحاكم ، وأطلقنا سراحهم ، وعُدنا بهم خِفافاً نِظافاً ، من جديد ، إلى مصادر السلطة والثروة.
لقد حدثتْ أشياءُ كبيرةٌ وكثيرةٌ في العراق طيلة ستة عشر عاماً.
لقد حدث لنا كُلّ شيء.
ولكنّ هذا الذي حدث لنا ، وللعراق .. لَمْ يُفضِ بعدُ إلى شيء.
ومع ذلكَ ، ورغمِ ذلك .. سيحدُثُ شيء.
سيحدُثُ شيء.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً