بقلم:هشام الفتلاوي
أن جوهر مايمكن التركيز عليه الان في العراق كوسيلة حقيقية لتحقيق الاهداف المشتركة التي تحاول معظم القوى السياسية العمل عليها ضمن أطر قيمه السياسية الخاصة يمكن أن ينحصر في سؤال واحد هو التالي:-
ماهو المنفذ النفسي أو الاجتماعي (تعلقا بالفرد أو المجتمع) الذي يمكن بواسطته الوصول الى قناعات المواطن العراقي كفرد أو المجتمع؟
أن ما لا يمكن دحضه أن المحاور أو صاحب الغاية لا يمكنه تحقيق غايته في الآخر الا بإيجاد منفذ لديه يمكنه من خلاله تمرير قناعاته الى الآخر،وهذا لا يكون الا بدراسة معمقة لمدى قدرات الآخر ظاهرا وباطنا عقلا ونفسا.
اي الوصول الى فهم عميق للمتلقي بحيث يمكن لصاحب الطرح أن يستخدمه لإدراك مواضع التلقي التي يمكنها استيعاب نقاط الالقاء الاساسية بحيث يستطيع الآخر بناء فهم متواصل لما يلقى اليه...
والحقيقة أن جلّ عمل الانبياء (كدعاة) كان يرتكز على هذه الحقيقة، وأحد أهم المصاديق القريبة التناول هي قول الرسول محمد -صلوات الله عليه وعلى آله وسلم- (أمرنا معاشر الانبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم)، وهنا يمثل العقل منفذا لتمرير المفاهيم الى نفس المتلقي والتي بدورها ايضا لها منافذها التي بها تمرر ذلك المفهوم ليستقر كمعنى في القلب.
والى ذلك يشير الامام الصادق(عليه السلام) بقوله (ما يخرج من القلب يدخل الى القلب)، أي أن الكلام كلما ترجم المعنى بدقة وصل الى قلب المتلقي بعمق اكبر..
ومن هنا يمكننا ان نبدأ بالقول أن العراق يشهد الآن تحولا تاريخيا هائلا على كل المستويات حيث أصبحت السياسة كأداة عصرية هي العصا التي تضرب بها القوى السياسية على عقول الناس لإيصال مفاهيمها اليهم على أمل كسب أصواتهم وتأييدهم بعد أن كانت عصا السلطة هي الترهيب والترغيب بأكثر الاساليب وضاعة وهمجية في التاريخ. وهنا تمثل الديمقراطية (كمفهوم سياسي) الآلة التي تنتج المفاهيم السياسية والاقتصادية لتلبيسها في عقول الناس (كل حسب مستواه).والديمقراطية (كمنهج سياسي) هي الاسقاط الفكري الدولي الذي يجسد صورة القيادة الان في العالم.
فطروحات الانسان الديمقراطية تلقى رواجا وتأييدا (وان كان حذرا في بعض مناطق العالم المتشنجة).حيث يمكن للناس في أي مكان في العالم أن يميزوا مصالحهم بطريقة مقارنة بسيطة بين مستوى شعوب الانظمة الديمقراطية ومستوى شعوب الانظمة الاخرى (بكل مسمياتها) والفرق واضح كما لايخفى ولذا فأن من مفارقات الدهر (وهو ما نلاحظه الان في العراق).أن من الناس من يؤيد هذه الديمقراطية بالرغم من عدم الفهم بها.أي عدم وجود مفهوم ارتكازي عقلي وعلمي لها في عقولهم لكي يستطيعوا به أدراك وتمييز برامج العمل السياسية للقوى الحزبية والمتنافسة على السلطة..
أقرأ ايضاً
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- مكانة المرأة في التشريع الإسلامي (إرث المرأة أنموذجاً)
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2