- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الإمام الحسين (عليه السلام) هدية الله اليتيمة

بقلم: حسن كاظم الفتال
سلاما عليك أيها النور الإلهي الباهر .. المنبلج من فجر الجلالة .. ليطوف في آفاق السموات .. يسبح ويهلل ويُعَلِّم الملائكة التهليل والتسبيح .. سلاما على السراج الوهاج .. المخلوقةِ من وهج إبتهاجه الجنانُ والحورُ العين .. سلاما على النور الذي استقر بأمر الله في الأصلاب الشامخة .. وأودع في الأرحام المطهرة .. فانسل منها طهرا طاهرا مطهرا .. منبلجا من طهر طاهر مطهر .. سلاما لك من سكان السموات والأرضين .. أيها الباذل كلَ نفيس وأنفس.. وكلَ عزيز وأعز.. ليحيا الفداء والوفاء .. قاصدا خلودك في المقام الأعلى في جنات عدن .. وتتقد به الكرامة .. وتتلألأ منه العزة والإباء ... سلاما على مشرق خلودك السرمدي الأبدي .. الذي لا يحدوه الغياب ..ولا يؤوبه إياب .. سلاما على نورك الذي يستشرق بزهوه الفردوس الأعظم .. وعلى عرشك الذي تَرَبَّعتَ عليه لتسود بقدسك وجلالك على شباب أهل الجنة .. سلاما عليك يا أبا عبد الله .. يا أبا الشهداء .. سلاما على ميعاد شروق نورك البهي الأزهر .. سلاما على مولدك المقدس ورحمة الله وبركاته .
حين نود الكتابة عن الحسين عليه السلام ترى ما الذي بوسعنا أن نقول وما لنا أن نضيف وقد سبق الخلقَ كلَّهم رسولُ الله صلى الله عليه وآله وقال فيه ما لم يستطع غيره أن يقول. وثم قال فيه جبرئيل ما لم يقل في غيره .
ماذا نقول فيمن أحبه الله دون خلقه ومصداق ذلك أقوالُ وأحاديثُ رسول الله صلى الله عليه وآله التي أخبر الناس بها في مواطن وموارد كثيرة حيث بين صلى الله عليه وآله مكانته العظيمة ومنزلته الرفيعة صلوات الله عليه وعنايةَ الله بهِ إذ أهداه الله جل وعلا حلةً يلبسها دون الخلق أجمعين . فقد جاء عن أم سلمة أنها قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يلبس ولدَه الحسينَ عليه السلام حلةً ليست من ثياب الدنيا. فقلت له : يا رسول الله ما هذه الحلة ؟ فقال صلى الله عليه وآله: هذه هدية أهداها إلي ربي للحسين عليه السلام وإن لحمتها من زغب جناح جبرائيل ، وها أنا ألبسه إياها وأزينه بها ، فان اليوم يوم الزينة وإني احبه.
محطة أولى
القرآن يبشرنا بمولود يولد من فاطمة عليها السلام ويصف حال أمه
إذ يقول رب العزة والجلالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَوَصَّينا الإِنسانَ بِوالِدَيهِ إِحسانًا حَمَلَتهُ أُمُّهُ كُرهًا ووَضَعَتهُ كُرهًا وحَملُهُ وفِصالُهُ ثَلاثونَ شَهرًا﴾ ـ الأحقاف / 15
جاء في رواية للمفسرين والمحدثين الثقاة التقاة روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن جبرئيل عليه السلام نزل على محمد صلى الله عليه وآله فقال له : يا محمد إن اللهَ يبشرُك بمولودٍ يولد من فاطمة عليها السلام ، تقتله أمتُك من بعدك ، فقال صلى الله عليه وآله : يا جبرئيل وعلى ربي السلامُ لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة عليها السلام ، تقتله أمتي من بعدي ، فعرج ثم هبط عليه السلام فقال له : مثلَ ذلك ، فقال صلى الله عليه وآله : يا جبرئيلُ وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي ، فعرج جبرئيلُ عليه السلام إلى السماء ثم هبط فقال: يا محمدُ إن ربَك يقرؤك السلام ويبشرُك بأنه جاعلٌ في ذريته الإمامةَ والولاية والوصية ، فقال صلى الله عليه وآله : قد رضيتُ ثم أرسل إلى فاطمة عليها السلام إن الله يُبشرُني بمولود يولد لك ، تقتله أمتي من بعدي . فأرسلت إليه لا حاجةَ لي في مولود مني تقتله أمتك من بعدك ، فأرسل صلى الله عليه وآله إليها أن الله قد جعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية فأرسلت إليه قد رضيت ، (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) ـ الأحقاف / 15, فلولا أنه قال : أصلح لي في ذريتي لكانت ذريتُه كلُهم أئمة.
المحطة الثانية
مودة أهل البيت عليهم السلام
قال رب العزة والجلالة
بسم الله الرحمن الرحيم
( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ) ـ النساء /159
قال أبو عبد الله عليه السلام : إيمان أهل الكتاب إنما هو بمحمد صلى الله عليه وآله
وقال عليه السلام : رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلينا فحدثهم بما يعرفون ، وترك ما ينكرون .
عن المفضل قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى : وإن من أهل الكتاب ... فقال عليه السلام : هذه فينا نزلت خاصة ، إنه ليس رجل من ولد فاطمة عليها السلام يموت لا يخرج من الدنيا حتى يقر للإمام بإمامته ، كما أقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا : (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا ) ـ يوسف /91
عن جابر رضي الله عنه قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ ) ـ البقرة 165 قال عليه السلام :هم أولياء فلان وفلان وفلان اتخذوهم أئمة دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما ، وكذلك قال : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمْ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ (167)) ـ البقرة 165 ـ167 . ثم قال أبو جعفر عليه السلام : هم والله يا جابر ـ أئمة الظلم وأشياعهم.
قال الإمام الجواد عليه السلام : وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه وولاهم عدوهم حين تولوه ، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده ، فهم يرونه ولا يرعونه ، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية.
أقرأ ايضاً
- السلام على أسد بغداد...الإمام موسى كاظم الغيظ
- قال الحسين(ع) ما دين المرء الا كلمة والتزم بها اليمن
- ثبت يا تاريخ ما قاله الامام الحسن (عليه السلام)