بقلم: حسين النعمة
ثقافة جديدة وخطيرة غير مسبوقة على المجتمع العراقي بدت تتفشى فيه مؤخرا وهي ثقافة الديونية لأغراض بسيطة وتكون في اغلب الاحيان غير ضرورية او تافهة فانت حينما تريد ان تفتح دكانا؟ تعاني من عسر مادي؟ انت بحاجة لتمويل؟ ما عليك إلا ان تتجه لسوق البورصة وتبتاع الدولارات بحسب ما يتلاءم مع استطاعتك في التسديد.. ومغريات كثيرة سرعان ما تكبل عنق المشتري بمستمسكات ثبوتية وكمبيالات قانونية تضمن كمية المال مع ارباحه للجهة المستفيدة..
رجل العمل في السوق المحلية يعي جيدا اليوم ان التمويل الذي اتاحته سوق البورصة اليه فتح أمامه افق التحرك وإدارة اعماله بصورة حسابية تجبره على الالتزام في اوقات التسديد المحددة، والتي قد تسبب له حرجا ما ان يحصل لديه عسر في التسديد نتيجة لتعطل عمله لبعض الوقت.
كذلك مما يلفت الانتباه ان الكثير من الموظفات والموظفين يشكلون نسبه تجدر الاشارة اليها في نشاط البورصة محليا، ففي استطلاع لرأي مجموعة من العاملين في سوق البورصة أكدوا ان الكثير من زبائنهم هم الموظفون والموظفات.
وكحد متوسط لمجمل لضحايا هذه الثقافة الجديدة تصل نسبة الموظفين والموظفات الى 40%، أما الاسباب التي دعتهم الى شراء الدولار من البورصة هو اما بسبب تعسرهم ماديا لغرض عمل عملية جراحية، وللطرفة ان البعض من هذه العمليات تجميلية، أو للسياحة والسفر، أو لشراء الذهب؛ لكن على رأس اهم تلك الاسباب ان البعض من الموظفين وحتى رجال الاعمال يتجهون الى شراء الدولار لغرض تغطية نفقات الدراسة الاهلية لأبنائهم، وهو مؤشر غير جيد على مسيرة التعليمية في المحافظة، وهنالك اسباب اخرى تتعلق بملف الدراسة والطلبة والتلاميذ وما توفره المدارس الاهلية او ما يميزها عن التعليم الحكومة وكذلك السلبيات المتوقعة منها، فالغرض كما هو واضح دفع اقساط الدراسة في التعليم الاهلي.
أما كيف يتم شراء الدولار، فقد تبين ان المشتري يتجه لشراء العملة الامريكية بسعر الدينار العراقي بما يزيد عن قيمها بـ (30 الف) دينار على اقل تقدير، وهذا على ان يسدد بواقع يومي قدره (15 الف) دينار في حال شرائك (1000) دولار، حيث يبيعه البعض بقيمة مليون وخمسمائة الف دينار، على ان تسدد يوميا او اسبوعيا، وتزداد قيمة الدولار ان كان التسديد بواقع شهري حيث تصل قيمة (1000) دولار الى مليون وتسعمائة الف دينار تسدد بواقع عشرة اشهر.
جوانب كثيرة تدور حول عملية بيع الدولار بهذه الطريقة، فالعملية اصولية ولا يوجد فيها اشكال شرعي بحسب رأي أكثر الفقهاء، ولكن اتساع هذا النشاط محليا وتداول العملة بهذه السرعة في غضون السنوات الاخيرة هو لصالح لمن؟ وما مصدره؟ هذا ما لم نستطع معرفته، او استحصال الاجابة الشافية له من سوق البورصة، ولكن نتيجة عملية تداول العملة الخاسر الوحيد فيها هو العميل.