- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تباريح الثقافة بين المعلن والمكنون..الجزء الاول
حسن كاظم الفتال
بسم الله الرحمن الرحيم
(يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا منْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ـ /المجادلة
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة)
وقال صلى الله عليه وآله: وأن العلماء ورثة الأنبياء. إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر
من المؤكد أن ثمة تمازجا معنويا بين العلم والثقافة وكذلك توافقا كليا ربما يكوِّن نقطة شروع إلى الرقي وإلى التحضر والتمدن.
وحين نود التجوال في أروقة مسيرة الحياة اليومية فإن عنصر مصداقية بيان الحقيقة يحتم علينا أن نتوقف عند محطة الثقافة. ونتنقل بين أروقتها ونستدل على بعض من مدلولاتها ونسترشد ماذا تعني؟
فحين تستثني الكثير من الكنايات ونتخلى عن استخدام الإستعارات أو التعريفاتِ لغة واصطلاحا لمفردة الثقافة نلاحظ أنها تحمل أبعادا كثيرة ولعل أول بعد لها هو الإنبهار وإعلان التطور الحضاري وهي أي الثقافة إبراقة من توهج التنور الحضاري الذي تستضيء به الأمم أو من الخصائص الفكرية والحضارية التي تتسم بها الأمم وتتميز بها عن سواها بتفاوت النسب والمراتب. وحين تتراكم تتوارثها الأجيال وتنتقل بها انتقالا حضاريا بهيجا عفويا تلقائيا بين جيل وآخر. وقد عَرَّف قسمٌ من العلماء الثقافة أنها نمو معرفي تراكمي أو سلوك تعلمي يكسبه الأفراد كأعضاء يعيشون في المجتمع الواحد. ووصفها آخرون بأنها مكتسبٌ تربوي. وقسم آخر أوعز اكتسابَ الثقافة بالإلتزام الديني من خلال التهذيب النفسي بالتمسك بتعاليم السماء التي ترشد إلى الورع والتقوى.واعتمادها سبيلا للتحضر
وثمةَ ثقافاتٌ مجتمعية عامة وثقافاتٌ وأخرى متفرعةٌ تحددها عوامل إقليمية جغرافية دينية لغوية إذ إن كل مجتمعٍ يتعاطى مع منظومة من السلوكيات يعتمد بها معايير معينةً تختلف بفهمها واستيعابها بين مجتمع وآخرَ وهذه المعايير إما أنها تتنامى بمرور الزمن وتتزايد استخداماتها فتتطور وأما أن تتضاءل جذوتها ثم تخبو وتندثر بها سلوكيات كثيرة.
ولنا أن ندركَ وجودَ كمٍ من الثقافات منها ما هو مشتركٌ بين عدد من الشعوب ومنها ما يقتصر على مجتمع أو شعب معين ينفرد بالتمتع بها.
وحين تكون الثقافة ممكنةَ الإكتساب فلابد أن تتدخل عناصرُ متعددةٌ تسهل الإكتساب
من هذا المنحى إنطلقت مزاعم تشير إلى أن المثقفين لا يشكلون إلا نسبة ًضئيلة في مجتمعاتنا ويعزون ذلك إلى أسبابٍ اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أو مذهبية أو غير ذلك.
وبعض المختصين حسبوا الثقافة الإسلامية بأنها علمٌ ينبغي على كل متدين التزودُ بها ودراسةُ مفاهيمها ومضامينها إذ أن من خلالها يتم بناءُ الشخصية بناء رصينا ينتج مقوماتِ بناء الذات الإنسانية العقائدية والأخلاقية والعلمية وتحقق النضج الفكري فترفع من مستوى تواصل التعامل الفكري الإنساني الإجتماعي مع الآخرين.
وحين نود الشروع بسردٍ عن مفهوم الثقافة ومعطياتها وما لها وما عليها تبرز في الذهن أسئلة لعل بعضها يحظى بالإجابة وبعضها الآخر يبقى دون إجابة إلا إذا قدمنا ومهدنا بشروحات معينة فنجد أن من أبرز الأسئلة التي تطرح حول حقيقة الثقافة وكينونتها:
هل الثقافة مظهر يمكن أن يتمظهرَ به الفرد أو المجتمع أم أنها ملكةٌ يمتلكها الفرد ؟
هل يعني مفهومها الدراية ؟ أي أنها تتكون من خلال المعرفة ؟ أم المعرفة هي وليدة الثقافة ؟ فتكونُ وليدةَ المعرفة أم المعرفة تصبح وليدةَ الثقافة ؟
هل التمسك بالدين والمعتقد يرمز للثقافة ويكون ملمحاً من ملامحها ؟ أم أن التثقف يزيد من التمسك بالعقيدة والدين ؟
هل يتحكم الموقع الجغرافي باكتساب الثقافة ؟ بتعبير آخر هل تواجد الفرد داخل المدينة يكسبه ثقافة أعمَّ وأكثر ممن يتواجد في الريف على سبيل المثال ؟
ما هي الوسائل التي يمكن أن يكتسب منها الفرد الثقافة ؟ هل هي وسيلة الدراسة ؟ وأي دراسة ؟ دراسة العلوم الأكاديمية التطبيقية ؟ أم من خلال دراسة العلوم الإنسانية
ثقافة التحدث ما المقصود بها ؟ هل نعني انتقاء مفردات جميلة منمقة ؟ أم التحكم بأسلوب الحديث كانخفاض الصوت وارتفاعه على سبيل المثال؟
ماذا نعني بتصدير الثقافات واستيرادها ؟
كم هي نسبة الترابط بين التقاليد والعادات بالثقافة ؟ هل ممارسة التقاليد والعادات والأعراف يعد وجها من أوجه الثقافة ؟
لا يمكن أن تتلخص الإجابة في سطور إنما يمكننا القول بأن الثقافة لعلها النضج في مستوى التعامل الإنساني الفكري أو يمكن أن تتحول إلى سلاح يدافع به الفرد عن كل ما يهمه من مكتسباتٍ ومكونات أو مقدسات أو فكرٍ خلاق حيث أن المجتمعاتِ ترسمُ بالثقافة طريقَ الصواب وتسلكُه بأمان.
اللقاء في الجزء الثاني
حسن كاظم الفتال
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الاول
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الاول
- "خُوارٌ جديدٌ".. برامجُ إلْحاديّة بطرقٍ فنيّة !! - الجزء الاول