- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قراءة في لقاء المرجعية الدينية العليا بالقيادة السياسية الإيرانية.. الأبعاد والدروس
بقلم: جسام محمد السعيدي
حمل لقاء المرجع الديني الأعلى بالرئيس الإيراني والوفد المرافق له، دلالات سياسية كثيرة، وقد لا نستطيع الاشارة لها كلها علناً هنا، ونتائج قد تكشفها الاشهر القادمة باذنه تعالى، ولكننا سنكتفي بقراءة تحليلية لجزء من النص المقتضب لنتيجة اللقاء يوم13/3/2019م، وذلك بناءً على ما جاء في الموقع الرسمي للمرجعية الدينية العليا، مع بيان الأمر وفق نقاط تحليلية، هي نتاج ما تقوله خطب سماحته وبياناته خلال الـ (16) سنة الماضية، وأيضاً وفقاً لرأي من هم الأقرب لسماحته، مما نقلوا بعضه لي عنه مباشرةً، وسنترك تحليل لغة جسد الموجودين في الصورة لوقتٍ آخر.
ونود التنويه إلى أن العبارات التي سنضعها بين اقتباسين " " هي من نص الموقع الرسمي..
https://www.sistani.org/arabic/archive/26257/
الذي لا ينشر شيئاً يخص لقاءات سماحته دون اطلاعه عليه شخصياً، وبالتالي فالنص هنا بين اقتباسين يمثل رأي سماحته، لذا اقتضى التنويه:
1. "أبدى سماحة السيد (دام ظله) ترحيبه بأي خطوة في سبيل تعزيز علاقات العراق بجيرانه وفقاً لمصالح الطرفين وعلى اساس احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية "..
وهنا نود التنويه إلى استخدام سماحته اصطلاحات قانونية دولية بحتة، مع ضيفه رفيع المستوى..
وهو يعني أن سماحته يفهم أن العلاقات بين الدول مهما اختلفت انظمتها، إسلامية أو علمانية، لا تقوم على الشعارات، أو المصالح والمبادئ الاسلامية العليا التي لا يستطيع تطبيقها غير المعصوم عليه السلام، بل على اساس الاشتراك في المصالح والمنافع..
فعدد شروطاً لشكل العلاقة بين جمهورية العراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية:
" وفقاً لمصالح الطرفين ".
" وعلى اساس احترام سيادة الدول ".
" وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ".
وقد يُشكل أحدهم بقوله: سماحته يتكلم مع رأس دولة نظامها إسلامي، وهي في تحركاتها تدور مدار المصالح الإسلامية العليا، فلا تضاد بين الأمرين..
ونحن نقول لهم، إن المرجعية الدينية العليا في خطبة سابقة لها في 18/12/2015م، قرأها ممثلها في صلاة الجمعة كتبت نصاً من سماحته، لا يستثني سلوك دولة من دول اقليم الشرق الاوسط أو العالم، - بدلالة أل التعريف على كلمات (اطراف، اخرى، اقليمية، دولية)- كونها أكيداً تتعامل مع العراق وفق مصالحها ومنافعها، وليس وفقاً للإنسانية او الدين او القومية العربية او المذهب!!، فقال سماحته:
"وأمّا الأطراف الأخرى سواءً الإقليمية أو الدولية فمن المؤكّد أنّها تلاحظ في الأساس منافعها ومصالحها وهي لا تتطابق بالضرورة مع المصلحة العراقية، فليكن هذا في حسبان الجميع".
https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php…
انتبهوا لعبارة " فمن المؤكّد أنّها تلاحظ في الأساس منافعها ومصالحها "..
يعني ليس من المحتمل أو المظنون..!!
انتبهوا إلى عبارة " أنّها تلاحظ في الأساس منافعها ومصالحها "..
وليس شيئاً آخر!!.
وإلا لماذا تعيد المرجعية اليوم المطلب ذاته في لقاء اعلى سلطة سياسية إيرانية..
وتوجهه لضيفها، ان كانت دولته تتعامل مع العراق وفق غير ذلك ؟!
لو كان كلام سماحته تحصيل حاصل، لاصبح لغواُ هنا وفي الخطبة التي نوهنا عنها!!!
وهذا يستلزم من ساستنا العراقيين ان يعملوا بنفس النهج من اجل منافع ومصلحة العراق، وليس في ذلك منقصةٌ لهم، بل شرفهم في خدمة عراق الانبياء والاوصياء وعموم العراقيين.
2. قال حقائق تخص تحقيق النصر العراقي على داعش وانقاذ العراق والمنطقة من براثنه، وفيها 3 جمل مهمة:
وأشار سماحته الى " الحرب المصيرية التي خاضها الشعب العراقي لدحر العدوان الداعشي"..
مذكّراً بـ " التضحيات الكبيرة التي قدمها العراقيون الابطال في الانتصار على هذا التنظيم الارهابي وإبعاد خطره عن المنطقة كلها".
ومنوهاً بـ " دور الاصدقاء في تحقيق ذلك".
الجملة الأولى فيها عبارة "الحرب المصيرية" وهو يكشف عن حجم المؤامرة على العراق، أي أنها حرب وجود..
وتكملة هذه العبارة تؤكد أن من خاض الحرب وتحمل ثقلها الأساس وحقق النصر هم " الشعب العراقي ".
ويؤكد ذلك الجملة الثانية التي بينت ان الدور الأساسي هو للعراقيين بـ" التضحيات الكبيرة التي قدمها العراقيون الابطال في الانتصار على هذا التنظيم الارهابي ".
وان ثمرة هذا الانتصار هو " إبعاد خطره عن المنطقة كلها "..
انتبهوا... " عن المنطقة كلها " وليس العراق فقط...
أي هو تذكيرٌ لجميع دول ما يسمى منطقة (الشرق الأوسط) بأنها مدينة بوجودها للعراقيين وتضحياتهم، وليس لغيرهم...!!
وختم الموضوع بالتنويه إلى ما عبر عنه سماحته بأنه " دور الاصدقاء في تحقيق ذلك "..
أي دورهم في تحقيق النصر..
ومن الواضح ان التنويه بهذا الدور، من باب الشكر لما قدموه من مساعدة، فشكراً لهم...
ودورهم كأصدقاء(استخدم صيغة جمع.. فهم ليسوا صديقاً واحداً) وهم بمجموعهم لهم " دورٌ.. في تحقيق ذلك"..
لماذا لم يُعرّف كلمة "دور" ولم يقل "الدور"؟
فالدور الذي نوه عليه سماحته جاء لغوياً بصيغة النكرة وليس المعرفة، واهل الاختصاص يعرفون مداليل ذلك لغوياً..
ولماذا لم يقل "دورٌ أساس" أو "دورٌ مهم" كما قال عن العراقيين مُعرفاً وواصفاً "التضحيات الكبيرة التي قدمها العراقيون الابطال"؟..
لو رجعنا لما كتبه سماحته من بيان لخطبة النصر في 15/12/2017م، لاكتشفنا أنه لا يوجد تفسير لذلك، إلا كون هذا الدور، ثانوياً كعاملٌ مساعد، وأن الفتوى واستجابة العراقيين لها، هما عاملا النصر الذي أنقذ العراق والمنطقة..
" ان المرجعية الدينية العليا صاحبة فتوى الدفاع الكفائي التي سخّرت كل امكاناتها وطاقاتها في سبيل إسناد المقاتلين وتقديم العون لهم، وبعثت بخيرة ابنائها من اساتذة وطلاب الحوزة العلمية الى الجبهات دعماً للقوات المقاتلة وقدمت العشرات منهم شهداء في هذا الطريق، لا ترى لاحدٍ فضلاً يداني فضلكم ولا مجداً يرقى الى مجدكم في تحقيق هذا الانجاز التاريخي المهم، فلولا استجابتكم الواسعة لفتوى المرجعية وندائها واندفاعكم البطولي الى جبهات القتال وصمودكم الاسطوري فيها بما يزيد على ثلاثة اعوام لما تحقق هذا النصر المبين، فالنصر منكم ولكم واليكم وأنتم أهله وأصحابه فهنيئاً لكم به، وهنيئاً لشعبكم بكم، وبوركتم وبوركت تلك السواعد الكريمة التي قاتلتم بها وبوركت تلك الحجور الطاهرة التي ربيتم فيها، أنتم فخرنا وعزّنا ومن نباهي به سائر الامم".
https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php…
وهو يعني ببساطة:
ان دور الاصدقاء هذا، بدونه يحصل النصر، وبه يحصل ولكن بشكل أسرع.. أي ليس هو علة للنصر، بل عاملٌ مساعدٌ له.. فشكراً لهم..
3. نصح ضيفه وباقي رؤساء وملوك المنطقة بـ " ضرورة أن تتسم السياسات الاقليمية والدولية في هذه المنطقة الحساسة بالتوازن والاعتدال، لتجنب شعوبها مزيداً من المآسي والاضرار".
ومن الواضح ان في ذلك رسائل كبيرة ومقصودة لهؤلاء القادة وسياسات دولهم، ومنها دولة الضيف.
واللقاء على أهميته وصفته وكالة ايسنا الإيرانية بعبارات تدل على الاهتمام بالزيارة:
(شيخ الدبلوماسية الايرانية حسن روحاني التقى في النجف بمرجع الاعتدال والحوار وأبرز وأقوى شخصية عراقية على الاطلاق في العراق الجديد، وهو اول لقاء يجمع رئيسا ايرانيا بمرجعية النجف الأشرف في تاريخ الجمهورية الاسلامية).
وأخيراً..
لا يقدح في ما اكتب عدم تصديق البعض لاخباراته او منطقية استدلالاته، وخاصة ممن لا يحترم انتماؤه للعراق، او يرى الانتماء له عاراً.. أو من يرى نفسه قزماً يحتاج استعارة مصداقية آخر ليكبر به، تحت مسميات يخدعها به هذا الآخر!!
فمن كانت في يده لؤلؤة وقال عنها كل الناس أنها حصاة، فقطعاً ستبقى لؤلؤة!!
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- المرجعية وخط المواجهة مع المخدرات
- الأهمية العسكرية للبحر الاحمر.. قراءة في البعد الجيوستراتيجي