- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
موقف "أدونيس" يفضح ويدين المرتزقـــة العراقيين الذاهبين للسعودية
بقلم: أحمد عبد السادة
في الحقبة المظلمة التي سيطر فيها حزب البعث على العراق والتي استمرت 35 سنة من عام 1968 إلى عام 2003، لم يزر الشاعر السوري العربي الكبير أدونيس العراق سوى مرة واحدة فقط في عام 1969 ضمن وفد اتحاد الأدباء اللبنانيين للمشاركة في مؤتمر اتحاد الأدباء العرب المنعقد آنذاك في بغداد.
بعد زيارته القصيرة تلك رفض أدونيس زيارة العراق لاحقاً بشكل قاطــع في ظل حكم حزب البعث وصدام رغم كل الدعوات والعروض التي قدمت له للحضور للعراق، لأنه عرف، برؤيته الثاقبة وبملاحظاته الدقيقة وبمجساته الحساسة، بأن العراق مخــتطف من قبل عصــابة البعث، وعرف كذلك بأن الشعب العراقي مقبل على حقبة دمويـــة وقمعيـــة مريرة، لذلك قرر أدونيس مقاطعة ندوات ووقائع المؤتمر وكتب حينها قصيدة عنوانها "انظر إلى سيـــف الطاغيـــة كيف يُشحذُ وإلى الأعناق كيف تُهيّأُ للضرب"، وحدد موقفه الأخلاقي الكبير وهو: عدم زيارة العراق لاحقاً في ظل الطغيــان البعثــي الصــدامي لكي لا يمنح هذا الطغيــان شرعية ما.
كان باستطاعة أدونيس أن يتجاهل الحقيقة التي عرفها وأن يدفــن رأسه كالنعامة في رمال الكذب والصمت والتغافل والتواطؤ أحياناً كما فعل الكثير الكثير من المثقفين والأدباء العرب والعراقيين، وكان باستطاعته أيضاً أن يتنعم بالهبات والعطايا والهدايا التي كان صدام يمنحها بسخاء للمثقفين والشعراء العرب الذين كانوا يشاركون في مهرجانات ومؤتمرات البعث والذين ارتضوا لأنفسهم بأن يكونوا شهود زور ومهرجــين في جوقة البعث وناطقين شعريين بإسم دكتاتوريـــة صدام ومذابحــه وحروبه العبثية، أقول كان باستطاعة أدونيس أن يفعل كل ذلك كما فعل غيره، ولكنه لم يفعل ذلك لأنه كان وما زال مثقفاً ملتزماً وشاعراً حقيقياً يمتلك ضميراً حياً غير قابل للبيع أو الاستئجار أو المساومة، وغير قابل لأن يمنح شرعية ما لدكتــاتور متوحـــش.
في الحقيقة لقد تذكرت تلك المأثرة الأخلاقية "الأدونيسية" الكبيرة وأنا أرى صور الانحدار الأخلاقي للوفود الفنية والإعلامية والثقافية العراقية التي تتكالب وتتنافس للذهاب للسعودية من أجل الحصول على بعض دولارات آل سعـــود المنقعة بالــدم، كما كان يتكالب سابقاً الكثير من الشعراء العرب لحضور مهرجان "المربد" في السبعينات والثمانينات من أجل الحصول على عطايا صدام.
لا أملك طبعاً سوى المقارنة المريرة بين موقف أدونيس الكبير وبين الموقف المخــزي لبعض مرتزقـــة الفن والثقافة والإعلام العراقيين الذين زاروا السعودية مؤخراً أو الذين ينوون الذهاب للسعودية أو الذين قرروا العمل في قناة "mbc العراق" السعودية.
لقد عرف أدونيس بأن زيارة العراق في زمن الدكتاتـــور صدام والمشاركة بمهرجاناته تعني منح "شرعية" لصدام واستبــداده وجرائمــه، فلماذا يجهل بعض الفنانين والمثقفين والإعلاميين العراقيين بأن زيارتهم للسعودية والعمل بمؤسساتها والمشاركة بفعالياتها في زمن محمد بن سلمان تعني شيئاً واحداً فقط وهو: منح "شرعية" لدمويـــة ووحشيـــة محمد بن سلمان الذي دعم الإرهـــاب في العراق وسوريا ولبنان وقام بقــتل وتجويــع الأطفال في اليمن، والذي يسجــن ويعــذب النساء السعوديات الناشطات، فضلاً عن قيامه بقطــع رأس الشيخ نمر النمر، وقتــل وتقطيــع الإعلامي جمال خاشقچي بالمنشــار الكهربــائي؟!.
أيها المرتزقـــة اللاهثون خلف دولارات السفـــاح محمد بن سلمان.. تأملوا موقف أدونيس الكبير جيداً وسترون كم أنتم ضئيلون ورخيصـون وبلا ضمائر.
أقرأ ايضاً
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- موقف السيد السيستاني من سرقة أموال الشعب بعنوان مجهول المالك؟!
- متاهة العراقيين