- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عادل عبد المهدي وبداية الانحراف ... الجزء الأول
بقلم: أياد السماوي
حملة دعائية غير مسبوقة للترويج للاتفاق الذي أبرمه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي مع نظيره الأردني عمر منيف الرزاز , هذه الحملة تشترك بها وسائل إعلام محلية وأجنبية وشخصيات عراقية رسمية وغير رسمية , وأبواق مأجورة وجدت ضالتها من خلال الانخراط في الماكنة الإعلامية التي تقودها أمريكا وإسرائيل والسعودية للترويج لمشروع أمريكا في الشرق الأوسط , ومفاد هذه الحملة الدعائية أنّ الاتفاق الموّقع بين العراق والأردن لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين سينعكس إيجابيا على الازدهار والرفاه للشعبين العراقي والأردني لما فيه من أهمية اقتصادية وتجارية للبلدين... ولعلّ البيان الذي اصدرته وزارة التجارة العراقية يوم أمس الأحد هو الأكثر تضليلا وخداعا للرأي العام والشعب العراقي , حيث صوّر هذا البيان أنّ الاتفاق التجاري والاقتصادي المبرّم بين العراق والأردن سيفتح بركات الأرض وأبواب السماء وسيجلب معه الخير والرفاه والنمو الاقتصادي للشعب العراقي , ويبدو أنّ الذي كتب هذا البيان شخص ساذج ولا يفقه أبجديات علم الاقتصاد , فقد ركزّ البيان على ما اعتبره ميزات اقتصادية لصالح العراق في هذا الاتفاق.
فقد جاء في بيان وزارة التجارة العراقية أنّ الحكومة الأردنية بموجب هذا الاتفاق قد قررّت إعفاء البضائع العراقية المستوردة من ميناء العقبة من 75% من الرسوم التي تتقاضاها سلطة منطقة العقبة الخاصة , وبالتالي سيصبح المبلغ الذي يدفعه المستورد العراقي هو 25% من رسوم المناولة , والحقيقة أنّ هذا هو خداع فاضح يراد منه تضليل الرأي العام والشعب العراقي بجدوى هذا الاتفاق , لأنّ البضائع والسلع المستوردة إلى العراق تأتي معضمها من تركيا وميناء دبي , ولا تشّكل البضائع القادمة من ميناء العقبة شيء يذكر قياسا بالبضائع والسلع القادمة إلى العراق عن طريق تركيا وميناء دبي , وبالتالي فإنّ تضخيم الفوائد الاقتصادية الناجمة عن هذه الميزة مبالغ فيها ويراد منها خداع وتضليل الرأي العام العراقي.. كما أورد بيان وزارة التجارة العراقية أنّ الجانب الأردني قد وافق على منح أفضلية للسلع الزراعية العراقية للدخول للأردن في المواسم التي يشح إنتاج الأردن لهذه السلع , وهذه فرصة للمزارعين العراقيين في زيادة الانتاج وتصدير الفائض إلى الأردن , وهذا له فوائد اقتصادية تتمّثل في تعدد مصادر الدخل بدلا من اعتمادها الكلّي على النفط , وهذه أيضا أكذوبة أخرى يراد منها خداع وتضليل الرأي العام والشعب العراقي , فإذا كان الأردن البلد الذي تصل منتجاته الزراعية إلى كل دول أوربا تشّح فيه هذه المنتجات في بعض الأوقات من السنة , فهل يعقل أنّ هذه المنتجات ستكون وفيرة في العراق وتغطي الاستهلاك المحلي ويصدّر الفائض منها إلى الاردن ؟ وإذا كان العراق بلد ينتج محاصيله الزراعية فلماذا أعفيت كل المحاصيل الزراعية الأردنية المستوردة إلى العراق من فواكه وخضروات والتي تعدّت المئة سلعة من الرسوم الجمركية ؟ وهل ستبقى زراعة في العراق مع هذا العدد الكبير من السلع الزراعية المعفاة من الرسوم والمستوردة إلى العراق.
والكذبة الأخرى التي جائت في بيان وزارة التجارة العراقية , هو أنّ الاتفاق قد تضّمن إنشاء منطقة حرة بين البلدين , وفي هذه الحالة سيستفاد العراق من الحصول على إعفاءات جمركية للسلع والبضائع التي تنتجها المصانع العراقية في المنطقة الحرّة من خلال مزايا التجارة الحرّة التي وقعّتها الأردن مع دول العالم , مما يسّهل دخول البضائع العراقية إلى السوق العالمية , أي عقل ساذج سيصدّق هذه التفاهات , فهل للصناعات العراقية ميزة اقتصادية تمّكنها من منافسة السلع الأخرى المنافسة المنتجة في بلدان العالم المختلفة مثل الصين وتركيا ودول جنوب شرق ىسيا ؟ وأي بطالة ستساهم في تقليصها هذه المصانع المقامة في المنطقة الحرّة بين البلدين ؟ أليس من الأولى إعادة المصانع العراقية إلى الحياة وحماية منتجاتها والسير في طريق الاكتفاء الذاتي التي انتهجته تركيا وإيران وتحرير الاقتصاد العراقي من نمط الاستهلاك واستيراد كل شيء إلى نمط إنتاج السلع والخدمات الضرورية ؟ أي خداع وتضليل وضحك على ذقون العراقيين هذا... تابعونا في الجزئين الثاني والثالث.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- قل فتمنوا الموت إن كنتم صادقين... رعب اليهود مثالاً