- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
"قناة مالية" للالتفاف على العقوبات الأمريكية ...الارهاب لأوروبا والجلوكباب لايران !
بقلم: نجاح محمد علي
إطلاق باريس ولندن وبرلين "قناة مالية" خاصة للتجارة مع إيران، يُنظر له من قبل التيار الاصولي المتشدد بأنه ربما يكون وسيلة أخرى من وسائل الخديعة الأوروبية لايران كي تبقى في الاتفاق النووي ولاتنسحب منهُ رغم أنه يوشك على الانهيار على حد ماتنقل صحيفة "مشرق" الايرانية.
تقول الصحيفة التي كانت نشرت خريطة بالأهداف التي ستطالها صورايخ الحرس الثوري إذا تعرضت إيران لاعتداء عسكري" إن كبار المسؤولين الايرانيين الذين ساهموا في التوصل الى الاتفاق النووي وعلى رأسهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، كانوا يروّجون الى أن هذه القناة المالية الأوروبية ستؤمّن لايران الاستمرار في تصدير نفطها، لكنهم لايبدون واثقين تماماً أن هذا الهدف سيتحقق كما تريد طهران التي لن تحصل على عوائدها من النفط بعملة أوروبية غير الدولار، وستضطر لشراء بضائع أوروبية وفق مقاس تلك الدول مقابل بيعها النفط مايعني أن أوروبا لاتهتم إلا بمصالحها وربما على استخدام الورقة الايرانية في سوق المساومات الاقتصادية والتجارية وحتى السياسية مع الولايات المتحدة، فإن تحقق لها ذلك، تخلت عن ايران".
ويشعر أقطاب نافذون من التيار الاصولي المتشدد بالقلق أو هكذا يريدون أن يظهروا، من واقع أن هذا "الإنجاز" كما تصفه الحكومة الذي يتجاهل العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران، يجعل أوروبا تخضع للمزيد من المساومات في ضوء ما هددت به واشنطن المتعاملين مع إيران من شركات ودول، والاتهامات المكررة لايران (أو تيار في نظام الجمهورية الاسلامية) بالتخطيط لأعمال إرهابية في عدد من الدول الأوروبية.
إشراف بريطاني
أُطلق على القناة المالية INSTEX وهي اختصار لـ Instrument in Support of Trade Exchanges، أي "أداة دعم الأنشطة التجارية"، وسيتولى إدارتها رئيس مصرف ألماني بارز، وسيكون مقرها في باريس حيث تتواجد أيضاً منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة التي تتهمها طهران بالعمل مع السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة على تقويض الاتفاق النّووي وزعزعة علاقات ايران الأوروبية عبر اتهام طهران بالتخطيط لأعمال ارهابية أو تنفيذها في عدد من الدول الأوروبية بينها فرنسا.
ولهذا قد يبدو قلق الاصوليين المتشددين مبرراً إذا لم يكونوا هم أيضاً يعملون على تقويض الاتفاق النووي، ولديهم أساليبهم التي تُحرج الحكومة التي تعمل بجدية كبيرة على الالتفاف على العقوبات الأمريكية ودعم أي جهد أوروبي يهدف لتسهيل التعاملات التجارية مع طهران.
وتولي طهران الرسمية اهتماماً غير عادي بالدور البريطاني في هذا المشروع خصوصاً وأن لندن حلت محل واشنطن في تحوير مفاعل أراك للماء الثقيل، وهي أعلنت مع باريس وبرلين استعدادها لدعم العراق إذا واجه صعوبات فيما لو رفض الالتزام بالعقوبات الأمريكية على جاره اللدود ايران.
ولم يقنع هذا الموقف الأوروبي من العراق الذي سارعت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الى دعمه، خصوم الرئيس المعتدل حسن روحاني في الداخل بأن هذا الجهاز المالي الجديد، سيعمل كبورصة تبادل أو نظام مقايضة متطور، يتم من خلاله بيع المنتجات الإيرانية بما فيها النفط، الذي يعد مصدراً أساسياً لإيرادات إيران رغم أنه ليس الأول، ويقول بعضهم إن على ايران رفضه إلا إذا منحها خيارات الحصول على العملة الصعبة لتدعيم العملة الوطنية وتحسين القدرة الشرائية وتخفيض نسب التضخم.
الكباب
ومع أن الحكومة نجحت في الفترة الماضية في تحسين أداء الريال الايراني منذ تدشين جولة العقوبات المصرفية والنفطية على ايران في تشرين ثاني نوفمبر المنصرم ما سمح للمواطن الايراني بالاستمرار في تناول وجبة الكباب بالأرز (الجلوكباب) كما عبر رسميون، وأكدت (الحكومة)مرة أخرى أنه يمكن مواجهة العقوبات والضغوط الأمريكية بمزيد من التنسيق مع الجناح المتشدد المهيمن على البازار وسوق التجارة الحرة وعلى موسسات اقتصادية ضخمة لاتخضع للدولة ولاتدخل ايراداتها في الموازنة العامة، واتخذت في هذا السياق خطوات فعالة، إلا أن مايواجهها كل يوم في شأن علاقاتها مع العواصم الأوروبية التي تريد بالفعل الالتفاف على العقوبات الأمريكية، هو ليس فقط هذه العقوبات ومحاولات واشنطن(والسعودية واسرائيل ومجاهدي خلق) دق إسفين بينها وبين باقي الدول التي أبرمت الاتفاق النووي خصوصاً أوروبا (وتحديداً الترويكا بريطانيا فرنسا ألمانيا)، بل جماعة متشددة في الداخل لاتتورع عن القيام بأي شيء في الخارج يعجل في انهيار علاقات ايران الأوروبية ومع الصين وروسيا أيضاً.
وكان ملفتاً في الآونة الأخيرة تلك الاتهامات المباشرة التي أطلقها نواب بارزون لروسيا الداعم القوي للاتفاق النووي، بأنها تتعاون مع إسرائيل ضد التواجد الايراني في سوريا.وقال رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بیشه، إن منظومة الدفاع الجوي الروسية “أس – 300” في سوريا يتم تعطيلها خلال الهجوم الإسرائيلي، مضيفاً أنه لو “كانت منظومة S-300 الروسیة تعمل بشكل صحیح، فإن الكیان الصهیوني لا یستطیع شن هجماته على سوریا بسهولة” مشدداً على “أن هذه الهجمات هي في الأساس ضد سوریا وضد منشآتها الدفاعیة وبنیتها التحتیة ومرافقها الأمنیة”.
ومع أن فلاحت بيشه أشاد بالخطوة الأوروبية في تأسيس القناة المالية واعتبرها انتصاراً سياسياً وديبلوماسياً لايران، واقترب بذلك من موقف الحكومة الرسمي وهي تسعى لبناء علاقات متينة مع الاتحاد الأوروبي لكي يقف بشكل كامل داعماً أساسيا للاتفاق النووي مع إيران، إلا أن المرشد الأعلى سيد علي خامنئي واصل إطلاق شكوكه قائلاً لروحاني وظريف في إجتماع مغلق ضمهما وباقي أعضاء اللجنة العليا المشرفة على تقييم الاتفاق النووي: "واصلوا التفاوض مع الأوروبيين لكن لاتثقوا بهم، وإعملوا وكأن الاتفاق النووي غير موجود ولاتخرقوه".
ويريد روحاني أن يقنع الإيرانيين وعلى رأسهم خامنئي أن هذا الاتفاق سيحقق أهدافه، ولذلك يصر على الالتزام ببنوده كما تؤكد ذلك 13 تقريراً صادراً عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي شددت على أن إيران تنفذ كل ما تم الاتفاق عليه في الاتفاق النووي. كما يريد روحاني أن “يشجع” في سياق مواز من خلال هذا الالتزام بالاتفاق، الولايات المتحدة على العودة مجدداً له، وتريحه بذلك تصريحات فريدريكا موغيريني، مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي حول ما إذا كانت القناة المالية الجديدة ستؤثر على العلاقات مع واشنطن، وقولها “تم التواصل مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قبل يومين (من الإعلان عنها) وإن بومبيو أكد أن هذه الخطوة التي سخرت منها واشنطن لا تمثل أي خطر على العلاقات بين الجانبين”.
شروط خامنئي
عموماً أعاد خامنئي، التذكير بشروطه السبعة لمواصلة الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن، وكان وضعها بعد يومين فقط من وضع الأخيرة 12 شرطاً لعقد اتفاق جديد رفضتها طهران.
وقال خلال الاجتماع الذي عقد بعيد زيارة ظريف غير المسبوقة للعراق رداً على جولة بومبيو الإقليمية إنه يجب أن تحمي الدول الأوروبية مبيعات النفط الإيرانية في مواجهة الضغوط الأمريكية، وأن تواصل شراء النفط الخام الإيراني، وألا تسعى لمفاوضات جديدة بشأن برنامج إيران للصواريخ البالستية وأنشطتها في الشرق الأوسط.
وتابع: “يجب أن تؤمّن البنوك الأوروبية التجارة مع الجمهورية الإسلامية. لا نريد أن نبدأ نزاعاً مع هذه الدول الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، لكننا لا نثق بها أيضاً”.
وأضاف في سرد جديد للشروط السبعة: “يجب أن تضمن أوروبا مبيعات النفط الإيرانية ضماناً تاماً، وفي حال تمكن الأمريكيون من الإضرار بمبيعاتنا النفطية يجب أن يعوض الأوروبيون هذا ويشتروا النفط الإيراني”.
فهل ستنجح طهران بالاحتفاظ بهذا “الإنجاز” ويواصل شعبها أكل “الجلو كباب”؟
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- القنوات المضللة!!