بقلم | طالب عباس الظاهر
لاريبَ فإن للكلمة تأثيراً عظيماً في حياة الناس، إن كانت كلمة طيبة.. فخيراً ينعكس سلاماً وعيشاً رغيداً في وجودهم بهذه الحياة، وإن كانت كلمة خبيثة.. فشراً؛ أي حرباً وعيشاً نكداً، وضغائن وأحقادا.. تسببه في حياة الآخرين، ولكن وبعيداً عن حصر الأمر الذي أود تناوله هنا، وتحديده بالمعنى الحرفي لـ(الكلمة) فقط، وهو ما يكتب أو ما يقال باللسان، فإن المعنى المراد هنا هو المعنى العام لـ(الكمة الطيبة)، أي الخير والحق والعدل والى آخره من مرادفات خيرة.. سواء أكان ذلك في القول أم في الأخلاق أم في الأعمال ام في التصرفات للإنسان، كما نقول مثلاً: قولاً طيباً، وأخلاقاً طيبة، وعملا طيباً، ومعاملة طيبة ً.. وغيرها.
بينما لـ(الكلمة الخبيثة) سيكون هناك حاضراً.. فقط الشر والباطل والظلم والى آخره من مرادفات ستمثل المعنى العام لهذه الكلمة أيضا، وهو وكما أسلفت القول ليس منحصراً بمدلول الكلمة بذاتها في القول أو الكتابة.. إنما يتعداه الى جميع ما يحيط بحياة الإنسان، وينغّص عيشه من خبائث الأمور.. إذ إن هناك جهات وجماعات وأفرادا متخصصين ومستنفرين من أجل بث وإشاعة مثل هذه الكلمة الخبيثة!.
صراع
منذ أن وجد الإنسان في هذه الحياة وهو يخوض غمار صراع قائم ومستمر.. صراع ما بين الخير والشر، الحق مع الباطل، العدل مع الظلم، القبح مع الجمال الصدق مع الكذب... الخ.
هذه النزعة؛ نزعة الخبث متأصلة في ذات الإنسان لا فكاك له منها.. خاصة عند من يحملون في نفوسهم حقد الشر ضد الخير، وهذه النزعة ذاتها تمثل في بقية الأشياء صراع الأضداد فـ(شبيه الشيء منجذب اليه)، والعكس بالعكس صحيح أيضاً؛ أي يكون هناك تنافر بين غير المتشابهات.. المتضادات، وهو ما يعنينا هنا بأفعال أصحاب الكلمة الخبيثة ضد أصحاب الكلمة الطيبة.
وليس هذا غريباً، فإن ما نشهده في يومنا هذا من تكالب قوى الشر للإجهاز على قوى الخير، إنما يمثل استمرارا لذلك الصراع القديم ما بين قابيل الشر مع هابيل الخير الذي قال لأخيه:(لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)، وهكذا سيستمر هذا الصراع الى قيام الساعة.
تزييف
كما أسلفنا القول بأن الكلمة الطيبة في صراع مستمر ودائم مع الكلمة الخبيثة، وعلى وجه الدقة؛ فإن أصحاب الكلمة الطيبة يعانون من أصحاب الكلمة الخبيثة، وهم - وأعني بهم أصحاب الكلمة الخبيثة - إنما يحاولون قلب الحقائق وتزييفها في أذهان الناس، يستعملون الكذب والخداع والمكر والدس وكل الطرق الملتوية من أجل أرباك وعي العامة، والتشويش عليهم لكيلا يسمعوا لأصحاب الكلمة الطيبة، ويتقربوا اليهم، ويتأثروا بهم.. فيكونون قريبين منهم، ويصطفون مع أصحاب الحق ضد أصحاب الباطل.
ولكن هنا يكمن جوهر العقل، وضرورة تحكيمه بعدم تصديق كل ما ينقل وينشر ويقال، فقد يكون خلفه أصحاب الكلمة الخبيثة، خاصة في خضم واقعنا الحالي بوجود وسائل الاتصال المباشر، وتوفرها بكل سهولة.. عبر الأجهزة الحديثة والنت ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.
حيث يكون لتأثير الكلمة الخبيثة رود فعل كبيرة وسريعة عند الكثير من الناس، أحياناً تستخدم هذه الكلمة في التسقيط أو التشويه أو قلب الحقائق أو تزييفها، أو لتحسين صورة جهة ما، ضد جهة أخرى، الأغراض عديدة والنوايا كثيرة.. أوسع وأكبر من يحاط بها بهذه العجالة.
لكن يبقى تحكيم العقل فيما يرد من أخبار وقصص وأحداث، وعدم التصديق الفوري بما يقال قبل الثبت من صحته، هو من سيقود الإنسان الى شاطئ الأمان.. ويجنبه الوقوع في المحذور، فالبعض من الناس – مع الأسف الشديد- يعطي آذانا صاغية لشرور أصحاب (الكلمة الخبيثة)، بل وينقل ويروّج - دون قصد طبعاً- فيكون أداة طيعة بأياديهم المجرمة من أجل إشاعة الأباطيل ضد أصحاب الحق والحقيقة (الكلمة الطيبة)، ومن دون أن يدري حتى ماذا هو فاعل.. بمعنى أدق يكون عوناً للظالم على المظلوم!.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً