- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هزيمة داعش في الشرق السوري وأثرها على العراق
بقلم | هشام الهاشمي
تفرض هزيمة داعش في الشرق السوري ثلاثة مسارات محتملة ربما يقود احدها الى تحقيق الثاني، انه التشابك الذي يرسم صورة نهاية التنظيم عسكريا وأول هذه المسارات هو "التوغّل الى عمق غرب العراقي" فيما يذهب الثاني الى "التصادم بين الحشد وقوات التحالف الدولي " اما الثالث فيقتضي "التنسيق العسكري العراقي السوري والقضاء عليهم هناك، او التسوية مع داعش في تكرار لمشهد (تسوية الباصات) "؛ الارهابيون من الجنسية العراقية يُسلمون للعراق والسوريون يُسلمون لسوريا.
التوغل.. وثمة مجرم في بيتي!
المسار الأول: ان تجري المعارك بطريقة اطرد المجرم من بيتي وليذهب الى بيت الجيران غير المتعاون، يبدو انها صورة تختزل التوغل الى عمق الغرب العراقي، ما يعني استمرار قتال الجيش السوري وحلفائه من دون التنسيق مع العراق والتحالف الدولي.
يحدث هذا فيما كل من العراق وسوريا يحمي حدوده ويتحصّن فيها، عند ذلك تنقسم الحدود السورية الشرقية الى نفوذ الجيش العربي السوري ونفوذ للجيش الحر وقسد والتحالف الدولي ونفوذ للجيش التركي وحلفائه من السوريين كأمر واقع، وهذا يلزم القوات المشتركة العراقية وحلفائها من التحالف الدولي وقوات الحشد الشعبي التنسيق مع كل تلك المسميّات.
اما الحدود الغربية العراقية فثمة مناطق تماس شديدة الحرج بين معسكرات التحالف الدولي المشتركة مع الفرقتين السابعة والأولى في الجيش العراقي وحرس الحدود العراقية وبين قوات الحشد الشعبي التي يمنع عليها ان تقترب من تلك المعسكرات لمسافة لا تقل عن 50 كم والتنسيق حصرا مع قيادة القوات المشتركة العراقيّة.
هذا التنسيق سيرفع مخاطر داعش في 605 كم بين العراق وسوريا وهي الجغرافيا التي منها بدأ وانطلق الى احتلال 32% من مساحة العراق و47% من مساحة سوريا، لكنه يقطع على حلفاء ايران من التواصل البري عبر العراق تجاه سوريا ولبنان، وايضاً من يدرس هذا الاحتمال عليه ان يستدرك فوز قائمتي سائرون والفتح ومواقفهما من وجود القوات الأجنبية في العراق.
التصادم واجهاض الاستقرار
المسار الثاني: التصادم بين الحشد وقوات التحالف الدولي.
انتصار العراق عسكريا على داعش في الجغرافيا العراقية لا ينفي اولا دور الحشد في صناعة النصر وخوض بعض اصعب المعارك، وثانيا ان الحشد قوة لا يزال العراق بحاجة لها لسد الثغرات والمناطق الهشة والحدود الواسعة.
لكن صراع امريكا مع إيران قد لا ينتهي دون توجيه ضربة تحجم قوات الحشد الشعبي او تقسمهم الى قسمين وربما أكثر.
انها "الولايات المتحدة" قادرة من خلال حلفائها الغربيين والخليجيين ملاحقة قادة الحشد المرتبطين بايران وايضاً استخدام القوة النارية إبعادهم عن معسكرات التحالف المنتشرة في 9 مناطق عراقية ودفعهم إلى إعلان المقاومة وبالتالي تصنيفهم كمنظمات إرهابية تعامل معاملة داعش او الجماعات المتمردة على القانون.
حينذاك ستلجأ قوات الحشد إلى المناطق المحاذية للطريق الدولي، أو بالقرب من مناطق تواجد معسكرات التحالف الدولي، لكن هذا الاحتمال يعني استمرار عدم استقرار العراق وانطلاق عمليات مقاومة إسلامية شيعية، تحتفظ بمظلة سياسية واسعة في البرلمان، ومن خلالها تمتد الى استهداف عناصر او مؤسسات حكومية، وبقايا قوات أمريكية سيكون تهديدها ورقة ضغط إيرانية حاسمة في المفاوضات مع الإدارة الامريكية.
في هذا الأحتمال سيدخل العراق الى سنوات من اجهاض الاستقرار وحينئذ سيبقى العراق محطما اقتصادياً، سيظل بحاجة الدعم الخارجي الدولي، وسيكون تحت رحمة البنك الدولي والولايات المتحدة والدول المانحة.
ورغم أن المقاومة الإسلامية الشيعية ستكون عبئاً اقتصادياً كبيراً على إيران، لكن مكسبها الاستراتيجي في الضغط على أمريكا سيسمح لها بإستخدامها كورقة فاعلة.
تسوية الباصات.. رحلات قريبة وأخرى بعيدة
المسار الثالث: التنسيق العسكري العراقي السوري والقضاء عليهم هناك
يمكن تعريف هذا المسار الذي يذهب الى التفاهم مع داعش بـ"تسوية الباصات" فالارهابيين من الجنسية العراقية يُسلمون للعراق والسوريين يُسلمون لسوريا.
وذلك عندما يمارَس ضغط كافٍ من الجيش العربي السوري في مناطق شمال وشرق نهر الفرات ويقابله قصف عراقي مكثف ومسك حدود العراق الغربية بأحكام.
لن يكون القضاء على قرابة 3000 عنصر داعشي بمعركة واحدة فاصلة، بل هناك سلسلة معارك قد تستمر لمدة شهرين الى ثلاثة، لكن هذا القضاء لن يأتي بنتائج نهائية بل ستنتشر مفارز من داعش وتتسلل الى العمق السوري والعمق العراقي وبأعداد صغيرة وتعمل كفلول او خلايا نائمة او تنظم الى قوى اخرى.
هذا الاحتمال هو الافضل لإيران وسوريا والعراق، ولكنه الأسوء لتحالف الدولي وحلفائه من المعارضة السوريا المسلحة، اذ سيفقدون نفوذهم في المنطقة الشرقية من سوريا، ما يعني اكتمال الهلال الشيعي وتحقيق الإنجاز الأكبر لايران وحلفائها.
وعند ذلك ستكون المنطقة ارضا لصراع وجود بين حلفاء إيران وحلفاء التحالف، وليس ببعيد ان تحاول تركيا وروسيا الانتفاع كلاهما من طرفي الصراع، بفرض شروطهما.
وان انهارت قسد فستقوى تركيا كثيراً في سوريا وستزيد الضغط على pkk، أما روسيا فستحاول فتح قنوات مع أمريكا لصالح إيران مقابل عقود شركات نفط روسية في الشرق السوري.
اما في رواق الحكومة العراقية الجديدة، فان أمريكا وإيران ستواصلان التنافس لسنوات قادمة لأضعاف أحدهما الأخر وخلق نفوذ سياسي واقتصادي أكبر.
إيران ترى نفسها تقدمت خطوة بفوز قوائم شيعيّة موالية لها وهي تؤكد على ابقاء قوات الحشد والمحافظة على قانونيته بل سيعاد بناء قوات الحشد أسوة بالقوات النظامية العراقية الاخرى، فيما يتوقع مراقبون أن تعرقل معظم دول الخليج هذا الاحتمال وتقف في صف الولايات المتحدة وحلفائها، لكنها تشترط على امريكا أن تنفذ خطط مناسبة لإجبار إيران على مغادرة سوريا وإضعاف تأثيرها على العراق.
كل من يتابع ضبابية الحراك السياسي المتذبذ يعلم صعوبة التنبؤ بمستقبل إستقرار أمن واقتصاد العراق، فالقوائم السياسية الفائزة بانتخابات 2018 تتغير ثوابتها وخطوطها الحمراء بسرعة مفاجئة، فتتأرجح الاحتمالات الثلاثة وتتقاطع المسارات حتما.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري