يقوم الحزبان الكرديان الرئيسيان في شمال العراق، اللذان سعيا طويلا لاعلان دولة مستقلة في الاقليم الشمالي العراقي، ببناء جيش وجهاز مخابرات خاصين بهما، في وقت تمسك الازمة السياسية الناجمة عن الانتخابات غير الحاسمة في السابع من اذار (مارس) ببقية العراق.
وفي العشرين من تشرين الاول (اكتوبر)، ووسط صراع القوى السياسية لتشكيل حكومة ائتلافية، قام رئيس وزراء اقليم كردستان برهم صالح بتوسيع سلطاته الادارية ليؤسس لسيطرة مباشرة على اجهزة الامن والمخابرات في الاقليم الشمالي.
والحزبان الكرديان الرئيسيان هما الحزب الديمقراطي الكردستاني تحت قيادة مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يقوده المقاتل المخضرم جلال طالباني رئيس جمهورية العراق.
وقام رئيس وزراء الاقليم برهم صالح بتشكيل هيكل يُعرف باسم \"مجلس الاسايش\" وسيكون بمثابة مجلس الامن الكردي. والمجلس الجديد سيكون برئاسة كريم سنجاري وكوسرت رسول القائدين العسكريين للحزبين.
وتقول مصادر كردية ان مقاتلي الحزبين البالغ عديدهم ثمانين الف مقاتل والمعروفين باسم البيشمركة سيندمجان في جيش كردي واحد يتكون من ثمانية فرق عسكرية.
وقال موقع \"استخبارات على الانترنت\" وهو موقع الكتروني في باريس يغطي القضايا الامنية ان العملية (الاندماج وتشكيل جيش كردي) سيشرف عليها جعفر الشيخ مصطفى وزير البيشمركة.وقال الموقع ان الشيخ مصطفى \"كان يحصل على استشارات من مستشارين اسرائيليين. كما قالت تقارير غير مؤكدة ان مسعود مصطفى بارزاني اجتمع في كانون الثاني (يناير) في فينا مع المدير السابق لجهاز المخابرات الاسرائيلية الخارجية الموساد داني ياتوم الذي كان ينصح بعملية التنسيق العسكري\". واشارت تقارير الى ان جهاز الموساد وشركات اسرائيلية خاصة لها صلات بوزارة الدفاع الاسرائيلية كانت ومنذ فترة طويلة تساعد الاكراد في علاقات تشهد مدا وجزرا تعود لاربعة عقود.وسيكون للانسحاب العسكري الاميركي تأثير كبير على الخطط الكردية. فمقاتلو البيشمركة، والذين كانوا اعداء الداء لنظام صدام، كانوا الحلفاء الذين تعتمد عليهم اميركا اكثر من بقية حلفائها اثناء الاحتلال عام 2003 والفوضى التي تلته.
والان يجد مقاتلو البيشمركة انفسهم يفقدون الحليف القوي في وقت سيطرت فيه الاغلبية الشيعية المدعومة من ايران على وزارتي الدفاع والداخلية اللتين تسيطران على الجيش والقوات الامنية.
وقوات البيشمركة، والعديد من منتسيبها كانوا مقاتلين في التمرد الطويل ضد صدام حسين، حافظت على قوة واستقلالية نسبية في الشمال.ويلاحظ معهد ستراتفور في تكساس للاستشارات الامنية ان (افراد البيشمركة) \"ايا كان وضعهم التنظيمي فانهم في النهاية سيبقون على ولائهم للقضية الكردية\".
ويقول المعهد ان \"حكومة كردستان الإقليمية، وادراكا منها بانها عندما تفقد ضامن امنها عند الانسحاب الاميركي وتفهمها لنتائج اصطفاف المصالح الشيعية – السنية ضدها في الصراع العربي الكردي، قررت توحيد الجيش الكردي للدفاع عن حكمها الذاتي\".
وكانت مجموعة الازمات الدولية حذرت \"من ان بلقنة القوى الامنية من المحتمل ان تزداد، في وقت تطول الازمة السياسية (في العراق)\".وتعلق الاكراد بشكل عنيد بهويتهم العرقية طوال السنوات القاسية من الحكم البعثي الذي كان في غالبيته يقوده صدام، وكذلك في الفترة التي اعقبت الاحتلال الاميركي التي اتسمت معظمها بالفوضى عندما اصبح الجيب الكردي في الشمال شبه مستقل ضمن حكومة اتحادية في بغداد.وغالبا ما كان الحزبان الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني المتمردان يضعان خلافاتهما جانبا لمساعدة الاميركان في اسقاط صدام الذي شن حرب ابادة ضدهم.
وبغض النظر عن الشعور القومي الكردي العميق الجذور فان التحرك نحو تشكيل جيش مستقل تسارع مع بروز جيش تحت هيمنة الشيعة منذ اسقاط صدام.
وهناك حوالي 35 ألف كردي في الجيش الرسميِ. ولتقليل تأثير حكومة اقليم كردستان على القوات الكردية فان بغداد نشرت الوية كردية بالدرجة الاولى من الفرق الثانية والثالثة في الجنوب.وهذه القوات هي التي ستشكل العمود الفقري في الجيش الكرديِ المزمع انشاؤه. والحكومة المركزية في بغداد، التي تقلق من خطط حكومة اقليم كردستان، اقترحت امتصاص ثلاثين الفا من البيشمركة في الجيش الوطني. لكن حكومة الاقليم رفضت ذلك، والقرار (بتشكيل جيش كردي) على مايبدو يرجع الى القلق المتزايد من ان القوات الكردية سيزج بها في النزاع مع القوات الرسمية حول منطقة كركوك الغنية بالنفط.
ويدعي الاكراد ان كركوك هي جزء من منطقتهم تاريخيا. واثناء حكم صدام تم طرد الاكراد وتعريب المنطقة. والاكراد الذين يرون ان حقول النفط ستشكل اللب الاقتصادي لدولة مستقلة، ظلوا يعكسون تلك العملية (أي تعريب كركوك عبر توطين الاكراد فيها) منذ 2003.
وبقيت القوات الاميركية تشكل غطاء على برميل البارود المشتعل. لكن الخوف من انه سينفجر في النهاية اذا لم يتم التوصل الى تسوية عندما تكمل القوات الاميركية انسحابها.
وكالات
أقرأ ايضاً
- ترامب يوافق على خطة أمريكية لحل الأزمة في لبنان
- وكيل المالية الأسبق يكشف أسباب استمرار أزمة رواتب الإقليم: حل المشاكل بسلة واحدة
- وزير الدفاع يبحث في قطر التعاون الأمني وعلاج جرحى الجيش العراقي