- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الشعائر الحسينية بين الولائية والتسييس: الجزء الخامس
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال ما المقصود بالتسييس ؟ ............................ ألسن كثيرة يدور عليها مصطلح السياسة أو التسييس والخوص المفصل في هذا المضمار يحتم علينا تعريف مصطلح التسييس ولو بشكل خاطف.والحديث حول هذا الموضوع يخلف تساؤلا. هل يعني المصطلح توظيف الشعائر أو تسخيرها للسياسة أو توظيف السياسة للشعائر ؟ ومن الذي سيَّس الشعائر أو وظفها للسياسة ؟ وما هي الأسباب أو الدوافع لذلك ؟ ما هو المقبول وما المفروض وما هو المرفوض ؟ ومن يحدد ذلك ؟ هل المقصود بالسياسة سياسة آل البيت صلوات الله عليهم. أي السلوك والسبيل أو الطريق والدستور الذي اتبعوه في تعليم مواليهم ومحبيهم وإرشادهم إلى الصراط المستقيم ؟ فقد سأل بعض الناس الإمام الحسن صلوات الله عليه عن رأيه في السياسة، فقال صلوات الله عليه :(هي أن تراعي حقوق الله، وحقوق الأحياء، وحقوق الأموات. فأما حقوق الله، فأداء ما طلب، والاجتناب عما نهى. وأما حقوق الإحياء، فهي أن تقوم بواجبك نحو إخوانك، ولا تتأخر عن خدمة أمتك، وأن تخلص لولي الأمر ما أخلص لأمته، وأن ترفع عقيرتك في وجهه إذا حاد عن الطريق السوي. وأما حقوق الأموات، فهي أن تذكر خيراتهم، وتتغاضى عن مساوئهم، فإن لهم رباً يحاسبهم). وربما يقصد البعض بالتسييس جعلها ذات سياسة معينة مثلا ذات سياق أو خط أو مسار معين أو توجه. لا أن يجعلها أرضية لتمرير سياسات معينة. كما ليس المقصود محاولة ربطها بالساحة السياسة الرسمية التقليدية للدولة مثلا أو تكييفها لذلك. حيث أن من يحفز أو يحث إلى تسويق هذا النمط من التسييس أو العامل به أو المروِّج لهذا المطلب يرتكب خطأً فادحا بمقتضى أن السياسة عادة يقودها سائس وهو حاكم وهذا الحاكم أولويته في حكمه الكسب وحيازة المنفعة الخاصة وتسخير كل شيء لصالحه وصالح حزبه أو طائفته ولسلطته غير مكترث لا بتطبيق أحكام الشريعة ولا بالقيم والمبادئ والمثل السامية ومكارم الأخلاق التي تدعو لها هذه الشعائر. هذا المنظور هو الذي بلور فكرة الدعوة إلى جعل الشعائر الحسينية في منأى عن السياسة بل لتترفع عن ذلك لكي تختص بعملية التبليغ الديني التوعوي الفكري الثقافي. حيث أن الخصوصية التي انفردت بها الشعائر الحسينية جعلتها خاضعة لمعايير وإعتبارات قدسية لا تشاركها أي قضية في تمايزها وهذا ما يحتم عدم زجها في نزاعات أو سجالات تلوث نقاءها وتعكر صفاءها بما يفرزه مستنقع السياسة في بعض الأحيان فتخمد بريقها العقائدي وتسلبها القيمة الإنسانية الأصلية التي نهض من أجلها الإمام الحسين صلوات الله عليه.وتبث مفاهيم لا تنسجم مع مفاهيم النهضة الحسينية وربما يستغل البعض هذه الشعائر الحسينية ليتخذها أشبه بوسيلة أو قناة ترسل رسائل مضمونها مفاهيم خاطئة وتبث ما هو مطلوب بشكل معكوس فان النية بتسييسها أو المطالبة بذلك تعني التعرض للواقع السياسي العام ومساسه ربما يتعارض ظاهر هذا المساس مع بنود الدستور الذي لا يقر ذلك فيؤدي إلى تسجل مخالفة دستورية مما دعا لأن يشدد البعض على عدم إقحام الشعائر بهذا الجانب ولتكن مختصرة على التبليغ الديني والعقائدي فضلا عن الممارسة العاطفية وإظهار أو الإشارة إلى الجانب المأساوي في القضية الحسينية. بينما رفض قسم آخر من الجمهور رفضا قاطعا للشعائر الحسينية أن توأدلج وتنحرف عن مسيرها وتتجه بإتجاهات تقترب من أفرادا وجماعات وتنسجم مع ما تحمل هذه الجماعات من أفكار ولعل ذلك يُخرجها من جوهرها وأبعادها ومعطياتها ويضعف فاعليتها. ولعل الأفكار التي تُضَخُ بالشعائر الحسينية أو تساورها ستفقدها هالة النور التي تحيط بها من ناحية ومن ناحية أخرى ستوفر فرصة وتيسر عذرا لمن يحاول محاربتها وتسهل عملية القضاء عليها. إلى اللقاء في الجزء السادس
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- البكاء على الحسين / الجزء الأخير